كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
لاقى 31 نائباً لبنانياً معارضاً مندرجات بيان الدوحة الصادر عن مجموعة الدول الخمس قبل أسابيع. وبعد رفضهم منطق «ربط النزاع»، وترتيب تسويات ظرفيّة تعيد إنتاج سيطرة «حزب الله» على الرئاسات الثلاث والبلد، أكّدوا «أنّ التفاوض الوحيد المقبول يجريه رئيس الجمهوريّة بُعَيد انتخابه، ويتمحور على مصير السلاح غير الشرعي، وتنفيذ كل مندرجات وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف)، وتطبيق الدستور وقرارات الشرعية الدوليّة، ولا سيّما القرارات 1559 و1680 و1701». وهذا ما دفع أوساط المعارضة إلى التوقّف جدياً عند هذه المسائل، ووضعها في إطار رفع منسوب المواجهة بوجه الفريق الآخر.
وفي خطوة متقدّمة، وضع نوّاب «الجمهوريّة القوية»، والكتائب، و»تجدّد»، إلى جانب النوّاب: وضّاح الصادق، ومارك ضو، وميشال الدويهي، وبلال الحشيمي، «الإطار السياسي للمواجهة في المرحلة الراهنة»؛ وفي لغة متشدّدة، دعوا جميع قوى المعارضة داخل البرلمان وخارجه إلى «الاتفاق على خارطة طريق للمواجهة الديمقراطية والسلمية التصاعديّة، داخل المؤسسات وخارجها، كما على أجندة مشتركة لإقرار الإصلاحات التشريعيّة المطلوبة، ومحاسبة صنّاع القرار المسؤولين عن الانهيار والفساد». وهذا ما دفع بأوساط المعارضة إلى التأكيد أنه «لا مكان للتراجع، ولا القبول بهذا الواقع وما نجم عنه من سلسلة أحداث، ورغم عدم ترابطها، (عين إبل – الكحالة)، إلا أنها عكست وجود مؤشرات أمنيّة غير مطمئنة».
وإلى جانب خطوط المواجهة العريضة التي تضمّنها البيان، تؤكّد أوساط المعارضة لـ»نداء الوطن»، «العمل على تحصين وحدتها ومواقفها كمعارضة برلمانية، من أجل منع الفريق الممانع من إيصال مرشحه الرئاسي، وإبقاء الوضع في لبنان بالحالة المأسوية التي يمرّ فيها. وذلك بالتوازي مع استمرار الاتصالات من أجل إنشاء نصاب سياسي وطني، يساهم في تقوية النصاب البرلماني بهدف قطع الطريق أمام انتخاب الفريق الممانع مرشحه لرئاسة الجمهورية، رغم ما يملك من سلاح وعلاقات إقليمية».
رسالة لودريان
وإذ تزامن إصدار بيان نواب المعارضة مع تلقّي رؤساء الكتل النيابيّة رسالة من المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، لفتت أوساطهم (نواب المعارضة)، إلى أن ربطهم التفاوض بمصير السلاح غير الشرعي بُعيد انتخاب رئيس الجمهوريّة غير مرتبط برسالة لودريان التي تشكّل سابقة تتعارض ومسار التخاطب الديبلوماسي، وتتنافى ومبدأ السيادة الوطنية. وذلك وسط توجّههم إلى إعادة تأكيد وحدتهم في متابعة الاستحقاقات الراهنة وبلورة الردّ المناسب على الرسالة غير الموفّقة للمبعوث الفرنسي إلى لبنان، والتي لن تكون بعيدة عن إسقاطهم المبادرة الفرنسيّة التي سعت إلى انتخاب رئيس من الممانعة. الأمر الذي أدّى إلى انتقال الموقف الخارجي من مبادرة فرنسيّة مؤيّدة لمرشّح ممانع إلى بيان «لجنة خماسيّة» بصيغة «14 آذاريّة»؛ لجهة تمسّكه بوثيقة الوفاق الوطني وقرارات الشرعيتين العربية والدولية، وإعلاء مصلحة لبنان أولاً قبل مراعاة أيّ مصلحةٍ لأي فريق آخر.
الباب مفتوح
ومع اقتصار عدد موقّعي بيان المعارضة على 31 نائباً، كشفت أوساطهم عن وجود تأييد نيابي واسع لمندرجات بيانهم، الذي ترك الباب مفتوحاً أمام جميع قوى المعارضة داخل البرلمان وخارجه، بل دعاها إلى الإتفاق على خارطة طريق للمواجهة التصاعدية. وذلك مع التأكيد على أنّ النواب الـ31، يشكّلون نواة معارضة نيابية صلبة ومتجانسة، تجتمع دورياً وتتحلّى بالقدرة على إصدار بيانات مشتركة وسريعة انطلاقاً من رؤيتهم ومقاربتهم المشتركة التحديات التي يمرّ فيها لبنان.
إلى ذلك، أوضح عضو كتلة «تجدد» النائب اللواء أشرف ريفي في حديث لـ»نداء الوطن»، أنّ النقاط الأساسيّة التي تضمّنها بيان نوّاب المعارضة «تشكّل ركائز لوضع استراتيجيّة المواجهة السياسيّة في المرحلة الراهنة، وتحديداً تلك المرتبطة بالرفض الشرس للواقع المرتبط بالمشروع الإيراني في المنطقة». وهذا ما دفع ريفي إلى إعادة التشديد على وجوب الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، يعمد بُعَيد انتخابه للدعوة إلى الحوار، والتفاوض على مصير السلاح، مع تأكيده وجوب احترام الآليات الدستوريّة وانتخاب رئيس «متحرّر من هيمنة السلاح ولا يقبل وجود سلاح غير شرعي إلى جانب سلاح الجيش في جمهورية واحدة». وربط ريفي الدعوة إلى وضع استراتيجيّة مواجهة سواء في الداخل أم في الخارج مع أجل إنقاذ الوطن، وتطبيق قرارات الشرعية الدوليّة باستعانة فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، بـ»الحلفاء» من أجل التحرّر من النازيين، ما أدّى إلى بروز فرنسا الحرّة والدولة الجديدة.
لا أرجحية لأحد
بدوره، وضع عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب سعيد الأسمر بيان نواب المعارضة في خانة إعادة التأكيد والتشديد على وحدة مكوّنات المعارضة البرلمانية، واستكمالها التعاون والتنسيق في مواجهة الاستحقاقات الراهنة. ولفت في حديث لـ»نداء الوطن» إلى أنه انطلاقاً من الموقع الطبيعي لنواب المعارضة إلى جانب الشعب، فإنهم يعمدون إلى بلورة الخطوات العملانية المرتقبة، ودراستها وتأمين المواكبة الصحيحة لها بعيداً عن العشوائية، بعد أن فاقت التحديات المعيشيّة والسياسيّة قدرة المواطنين على الاحتمال.
كذلك، شدّد على أنّ اتفاق الطائف «لم يعطِ أرجحيّة لفريق على آخر للتفرّد بحمل السلاح، ولم يكرّس فريقاً طائفياً دينياً، تحت اسم «مقاومة إسلامية» لا لبنانية للإدّعاء بمقاتلة إسرائيل، وتصويب سلاحه إلى الداخل في الوقت الذي يراه مناسباً لذلك». ولفت إلى «أن التفاوض على مصير رئاسة الجمهورية وتحميله التزامات سياسيّة يعدّ التفافاً على الدستور، ويعيد تجديد سياسة المحاصصات وما نجم عنها من حكومات وحدة وطنية أثبتت فشلها مع ما وصل إليه لبنان».
ولفت الأسمر إلى أنّ التدخل الدولي من أصدقاء لبنان «يجب أن يدفع إيران إلى تحرير الاستحقاق الرئاسي من قبضتها، والدفع باتجاه انتخاب رئيس يجسّد المواصفات التي تضمّنها بيان «الخماسيّة الدولية»، والتي تتلاقى ومطالب الشعب الذي انتخب 67 نائباً معارضاً لسياسة «حزب الله» والحكومة الممسكة بزمام الأمور منذ عشرات السنين». وجدّد الدعوة إلى المعارضة بكل أحزابها وتكتّلاتها النيابيّة والشعبيّة «إلى بلورة استراتيجيّة موحّدة للمواجهة داخل المجلس النيابي وخارجه، والدفع لتغيير الصورة في لبنان، ونقله من الصورة السوداء أو ثقافة الموت إلى الصورة البيضاء وثقافة الحياة التي تطمح إليها غالبية اللبنانيين، الذين عبّروا عنها في صناديق الإقتراع».