IMLebanon

حماسة مسيحية يقودها “التيار” لـ”اللامركزية”… استغلال سياسي؟

كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:

صحيح أن «حزب الله» لم يعلن حتى الساعة أي موقف رسمي بعد مما يتردد عن طرح رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل مقايضة رئاسة الجمهورية بقانوني اللامركزية المالية والصندوق الائتماني المرتبط بعائدات النفط والغاز، إلا أن ما بات واضحاً أن معظم القوى المسيحية متحمسة لطرح اللامركزية المالية الموسعة بخلاف معظم القوى الإسلامية التي تعتبر هذا المشروع بوابة للفيدرالية أو التقسيم وتؤكد سيرها حصراً باللامركزية الإدارية التي نص عليها اتفاق «الطائف».

وقد نص هذا الاتفاق الذي وضع حداً للحرب الأهلية اللبنانية عام 1989، بخانة «الإصلاحات» على وجوب «اعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة على مستوى الوحدات الإدارية الصغرى (القضاء وما دون) عن طريق انتخاب مجلس لكل قضاء يرأسه القائمقام، تأميناً للمشاركة المحلية».

وفي حين يشدد كثيرون على وجوب الفصل بين اللامركزية الإدارية عن تلك المالية، يعتبر قريبون من «الوطني الحر» أن هذا الفصل غير ممكن، وأن طرح المقايضة المطروح لا يمكن أن يقفز فوق اللامركزية المالية.

وكان الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط اعتبر في حديث له في آذار الماضي أن «اللامركزية المالية الموسعة هي تقسيم»، فيما رأى المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب علي حسن خليل في تصريح له في يناير (كانون الثاني) 2022 أن «الكلام عن اللامركزية المالية هو خطر كبير ينسف منطق الدولة الموحدة».

ويؤكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم أن «أحداً لا يرفض بالمبدأ اللامركزية الإدارية باعتبارها جزءاً من الدستور والتفاهم الوطني الذي حصل في الطائف»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحديث عن اللامركزية المالية في هذا التوقيت بالذات بعد طروحات الفيدرالية والرؤى التقسيمية يطرح أكثر من علامة استفهام». ويضيف: «هناك لجنة فرعية بحثت بأكثر من 50 جلسة اللامركزية الإدارية، كما أن لجنة الداخلية والدفاع ناقشت تعديل قانون البلديات الذي يتطرق لتوسيع صلاحيات هذه البلديات وإعطائها صلاحيات أوسع. أما اللامركزية المالية فلا تحقق الإنماء المتوازن، لأن هناك خللاً بالمداخيل المالية بين المناطق، ما سيعني عدم عدالة في التعامل مع المناطق النائية».

في المقابل، يعتبر النائب عن حزب «القوات اللبنانية» غسان حاصباني أن «اللامركزية الموسعة التي تلحظ إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية، نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني التي وقعت بين كل اللبنانيين في الطائف وبالتالي هناك توافق إسلامي – مسيحي حولها»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ليس هناك صيغة واحدة للامركزية لكن لا بد من تطبيقها من ناحية خلق مرونة في المناطق، من دون المس بوحدة الوطن على امتداد أرضه التي ينص عليها الدستور، أو وحدة شعبه». ويضيف: «لكن الإشكالية الواقعة اليوم ليست خلافاً طائفياً، بل جهة سياسية تستخدم المطالبة لكسب شعبية مسيحية من جهة، واستعمالها ورقة تفاوض مع الجهة السياسية التي تستفيد من الدولة المركزية لتحصيل مكاسب منها»، مؤكداً أن «هناك جهات مسيحية ومسلمة مع النظر باللامركزية تطبيقاً لاتفاق الطائف خارج البازار السياسي الضيق».

بدوره، لا يرى عضو تكتل «الاعتدال الوطني» النائب أحمد الخير أن «الموضوع موضوع حماسة مسيحية أو عدم رضا إسلامي، إنما الموضوع يكمن في إمكانية تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة بحسب ما نص عليها اتفاق الطائف في هذا التوقيت، الذي نشهد فيه على تفكك الدولة، وفراغ في رئاسة الجمهورية، وسلطة تنفيذية مكبلة بتصريف الأعمال ومجلس نواب ممنوع من التشريع، عدا عن أن تحقيق هذا الأمر يحتاج إلى دولة قوية (واحدة وموحدة ذات سلطة مركزية قوية) كما يقول النص، وإلى حوار وطني يبني على الجهود التي بذلها الرئيس السابق ميشال سليمان من خلال لجنة رأسها الوزير السابق زياد بارود لتطبيق اللامركزية».

ويعتبر الخير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا بد في هذه المرحلة الصعبة التركيز على الأولويات التي تحتاجها البلاد لجهة انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تشكيل سلطة تنفيذية قادرة مع رئيس الجمهورية ومجلس النواب على إقرار الإصلاحات المطلوبة لإعادة وضع لبنان على سكة التعافي الاقتصادي، ومن ثم لكل حادث حديث»، مضيفاً: «بالنسبة لنا، نحن مع تطبيق مندرجات اتفاق الطائف الذي أصبح دستور البلاد، وضد كل ما من شأنه المساس به، ذلك أن كثيراً من الطروحات اليوم أشبه بطروحات حق يراد منها باطل، في ظل شهوة البعض للتقسيم وخلافه».

أما الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير فيوضح أن «فكرة اللامركزية الإدارية موجودة في اتفاق الطائف وليس هناك مشكلة فيها، لكن الخوف من توسيعها كونها ستؤدي بذلك للتقسيم أو الفيدرالية». ويشير قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «في حواره مع (التيار الوطني الحر) يبدو (حزب الله) منفتحاً على النقاش وهو يناقش التفاصيل حالياً من خلال مشروع زياد بارود، وإذا تم التوافق بينهما سيكون ذلك مدخلاً للحل السياسي».