كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
منذ ليل 2 آب وعيون أبناء بلدة عين إبل لا تنام هانئة. فالشهيد الياس الحصروني الذي كان العين الساهرة والقلب النابض على أبناء بلدته، رحل في لحظة غدر بعدما صدقوا “خبرية راجح الكذبة” بأنه كان ضحية حادث سير مريب. لكن بعد انتشار شريط فيديو في 9 آب ،أي بعد إتمام مراسم الدفن وتقبل التعازي، يظهر تفاصيل عملية خطفه، اقترن الشك باليقين وتعززت فرضية خطفه وقتله.
حزب القوات اللبنانية الذي كان ينتسب إليه الشهيد لا يزال على موقفه، ويؤكد رئيسه سمير جعجع في كل لقاء أن” المسؤول السابق للقوات في بنت جبيل الياس الحصروني تم خطفه وقتله ولم يكن مجرد حادث. وما حصل هو عملية قتل منظمة. وأظهرت الفيديوهات التي تم اكتشافها بأن العملية هي عملية قتل متعمد وليست حادثة عابرة، وننتظر ما ستظهره تحقيقات الأجهزة الأمنية… لكن وفقا للمعطيات الموجودة، الشكوك تدل على تورط “حزب الله”.
وما بين الشكوك التي تعززها كل الصور التي تضمنها شريط الفيديو وجغرافية المنطقة الواقعة تحت سيطرة حزب الله، بدأت محاولات تضليل الوقائع على مواقع وحسابات مشبوهة تضمنت بث أخبار ملفّقة ومفبركة تارة، وطورا حول مناقبية الشهيد الحصروني الحزبية والوطنية. وفي هذه “التلفيقة” بالذات “يروحوا يخيطوا بغير مسلّة ” يقول أحد رفاقه من أبناء بلدته عين إبل.
ومنعا للتمادي في محاولات التعتيم على الجريمة كما الحال في كل جرائم الإغتيال كان لا بد من موقف يدحض كل هذه الشائعات. الموقف صدر عن حزب القوات إذ اعتبر أن “هذا التضليل المفتعل ليس سوى محاولة ممنهجة ومكشوفة بهدف تضليل الرأي العام واستباق نتائج التحقيقات الرسمية لتجهيل الفاعل المعلوم كما في سياق عملية يائسة لطمس المسيرة المفعمة بالنضال والعطاء التي إلتزم خلالها الرفيق الحصروني كل واجباته تجاه منطقته بنت جبيل من دون تمييز، حيث شكل مثالا قواتيا يحتذى به”.
الأحد الفائت وقبل ذكرى الأربعين على جريمة قتل الحصروني تجمّع عدد من أهالي عين إبل وعائلة الشهيد على الطّريق العام أمام مدرسة الراهبات، ونظّموا مسيرةً احتجاجيّةً انطلقت من أمام مدرسة الراهبات، وصولًا إلى باحة الكنيسة، لمطالبة الدّولة والمعنيّين بكشف حقيقة مقتل الحصروني، وإنزال أشدّ العقوبات بالفاعلين. كذلك طالبت عائلة الحصروني، قوّات “اليونيفيل” بحماية المدنيّين وفقًا للبند 12 من قرار مجلس الأمن الدولي 1701.فهل يتحقق شيء من ذلك؟
في أي حال الرسالة واضحة وكذلك الوقائع التي ارتسمت على الأرض بعد دفن الحصروني. وتشير معلومات “المركزية” الى أن أحدا من عائلته أو أصدقائه لم يسمعه يوما يتحدث عن تلقيه اتصال تهديد أو أنه كان ملاحقا أو مراقبا. “أما إذا كان مهددا ويتعرض لمضايقات ولم يبلِّغ أحد عنها فهذا يعني أن السر دُفن معه. لكن ما هو مؤكد أن “الحنتوش” وهو لقبه، ليس ضحية حادث سير مريب كما أشيع في الساعات الأولى على اكتشاف الجثة. الياس الحصروني تعرض لعملية خطف ممنهجة وتمت تصفيته. وهذا الموضوع بات وراءنا ومثبتا. لكننا ننتظر التحقيقات التي تقوم بها شعبة المعلومات”.
أجواء من الإرتياح حملها أفراد عائلة الحصروني بعد لقائهم وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي صباحا، مما أشاع جوا من الإرتياح والإيجابية بحسب رئيس البلدية عماد اللوس الذي رافق العائلة وكاهن رعية كنيسة السيّدة في البلدة الأب حنا سليمان حيث أكد “أن المولوي يتابع التحقيق بكل شفافية وجدية وطمأنهم بأن التحقيقات تسير بشكل جدي وستصل إلى خواتيمها”.
أيام وتعلن نتائج التحقيقات التي تتولاها شعبة المعلومات بحسب مصادر “المركزية” وتؤكد أنه حتى اللحظة “المسار طبيعي ولا مؤشر للمماطلة إنما متابعة جدية وحثيثة .أما إذا وصلوا إلى حائط مسدود فالعلم عند الله لكن الكل على قناعة ولو ضمنيا بأن الياس خُطف وقُتل على يد مجموعة لديها أهداف كبيرة وتتلقى تعليماتها من مركز القرار المركزي الذي تعمل بأمرته.
أن لا يٌكشف عن حقيقة من خطف وقتل الياس الحصروني يؤكد صحة كل الفرضيات التي ترجح ضلوع حزب الله بها تماما كما الحال في قضيتي جوزف صادر الذي خطفَ على طريق المطار والكاتب السياسي والمفكر لقمان سليم واللائحة تطول ولا تنتهي عند جريمة تفجير مرفأ بيروت وقتل 244 ضحية بدم بارد.
وفي حال استمرت الأجواء الإيجابية التي خرج بها أفراد العائلة من زيارة المولوي، فهذا يساهم في تبريد “هبات” الغضب التي تسيطر على بلدة عين إبل بعد مقتل الحصروني والتأكد من أنها عملية قتل مدبرة. وعليه قرر أهالي البلدة القيام بتحركات بكل الإتجاهات السياسية والقضائية والأمنية للمطالبة بحمايتهم والحؤول دون تكرار الأسباب التي أدت إلى واقعة مأساة الياس الحصروني. وتشير المصادر أن مطالب الأهالي تتركز حول تسيير دوريات للجيش اللبناني وعدم الإكتفاء بتواجد العناصر داخل الثكنات خصوصا أن عملية الخطف حصلت على بعد أمتار محدودة من ثكنة للجيش اللبناني.
“أدلّةً جديدةً ستبرز قريبًا تتعلّق بجريمة عين إبل”، هذا ما كشف عنه النّائب أشرف ريفي، لافتا إلى أن “هناك نقاط تشابه ما بين حادثة اغتيال لقمان سليم والياس الحصروني”.
وقائع يلمسها أهالي عين ابل وكذلك الأشخاص الذين يعيشون ضمن نطاق بقعة جغرافية تقع ضمن حدود دويلة حزب الله. “لكن مهما حاولوا، لن نلجأ إلى الأمن الذاتي ولن نخرج عن طور الدولة ومؤسساتها الأمنية. والأكيد الأكيد أننا لن نخاف ولن نترك أرضنا” تختم المصادر.