كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
حملت مواقف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، امام مؤتمر سفراء فرنسا في الخارج في قصر الاليزيه امس، ما يشبه “الانعطافة” في المقاربة الباريسية للملف اللبناني الرئاسي. فقد دان “أنشطة زعزعة الاستقرار الإقليمية التي قامت بها إيران في السنوات الأخيرة”، مؤكداً أنّ “إعادة الارتباط يجب أن تمر أيضاً بتوضيح سياسة إيران في ما يتعلق بجيرانها المباشرين، وفي ما يتعلق بإسرائيل وأمنها، وبلبنان واستقراره”. وشكر ماكرون، موفده الخاص الى لبنان جان – إيف لودريان على المهمّة التي يقوم بها بطلب منه، والمتعلّقة بإيجاد حلّ سياسيّ للأزمة الراهنة. وفي هذا الإطار، اعتبر أن “من العناصر الأساسية للحل السياسي في لبنان هو توضيح التدخلات الإقليمية في شؤون هذا البلد ومن ضمنها إيران”.
فبحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، يبدو ان “الاليزيه” أيقن ان مسعى موفده سيكون مصيره الفشل المحتوم اذا استمر في مسايرة ايران وحلفائها في لبنان واذا مضى قدما في حمل لواء طروحاتهم، في شكل مباشر او غير مباشر. فبعد ان طرحت باريس المقايضة بين الرئاستين الاولى والثالثة على ان تذهب الاولى لمرشح 8 آذار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، قرر لودريان ان يقترح جمع الفرقاء اللبنانيين حول طاولة حوار في ايلول المقبل، الامر الذي أتى كـ”شحمة” على فطيرة حزب الله وامل، اللذين لا ينفكان يقترحان “الحوار” لا لشيء الا لاقناع خصومهم بالسير بفرنجية… فكان ان اعلنت المعارضة رفضها المشاركة في الحوار ورفضها حتى الرد على أسئلة لودريان عن مواصفات الرئيس ومشاريعه واولوياته.
قبيل عودة لودريان، حقن ماكرون مبادرة مبعوثه بجرعة يفترض ان تنعشها، حيث اعاد باريس الى موقعها الوسطي، لا الميال لايران وحلفائها، حتى انه ذهب أبعد في اعادة التوازن الى تموضع باريس، بتحميله ايران بالاسم، مسؤولية تعطيل الاستحقاق الرئاسي.
انطلاقا من هنا، تتابع المصادر، قد يتمكن لودريان من تحقيق خرق ما في ايلول، اذا صوّب بوصلة مبادرته و”دَوزنها” وعدّل في مقوماتها بما يتلاقى ومقررات اجتماع الخماسي الدولي في الدوحة.. فهل يفعل؟ الجواب في قابل الايام، ويجب هنا ان يتم رصد ايضا ما سيحمله معه الى بيروت، وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان. فالدبلوماسي الذي سيزور لبنان في الايام المقبلة، في زيارة لم تكن مقررة مسبقا، قد ينقل الى الحزب رسالة بالتهدئة وبالنزول عن شجرة التصعيد والتعطيل، خاصة وانه كان زار المملكة منذ اسابيع قليلة. وقد يكون هذا التنازل في لبنان سيُقابل بمكسب آخر لطهران في مكان آخر… الا ان من الممكن ان ينقل عبداللهيان رسالة اخرى، بالتشدد والتصلب لان ساعة الافراج عن الاستحقاق اللبناني لم تدق بعد، وطهران التي تُطوّق من الجوانب كافة، بحاجة الى التمسك اكثر بأوراق قوّتها. عندها، سيعود لودريان الى بلاده مِن لبنان، بخفيّ حنين، تختم المصادر.