Site icon IMLebanon

الاستخفاف بـ”التشدد الدولي” ليس أوانه… هذه المرحلة انتهت!

كتب طوني جبران في “المركزية”:

توقفت مراجع ديبلوماسية عربية وغربية أمام الاستخفاف الذي عبرت عنه شخصيات وقيادات حزبية لبنانية تدور في فلك محور الممانعة في شأن المداولات التي شهدتها اروقة الامم المتحدة من تشدد دولي غير مسبوق قبل صدور القرار 2695 الذي مدد لقوات الأمم المتحدة المعززة “اليونيفيل” عاما كاملا يمتد الى الاول من ايلول العام المقبل. فلفتت الى خطورة هذا المنحى الذي يعبر عن “لا مسؤولية” مطلقة تجاه المطلوب من هذه القوات ولبنان في آن معا. مؤكدة ان لم يكن في أوانه وخصوصا ان كان يهدف الى المضي بنوع من المناكفات والمزايدات الداخلية التي دفع لبنان ثمنا لها في الترسيم البحري وربما لم تدفع بعد باقي الاثمان المقدرة في البر بعد البحر.

وأضافت المراجع في قراءتها لمسلسل المواقف “الهمايونية” وتلك التي تحاكي الداخل اللبناني وتتجاهل الأجواء الدولية الطاغية عبر “المركزية” ان ما جاءت به المداولات الدولية بعيد قرار التمديد لهذا العام طريقة غير مسبوقة. فقد اعتاد اللبنانيون منذ اربعة عقود ونيف ان يسمعوا في اليوم التالي لنهاية الولاية بأن مجلس الأمن مدد لقواته في الجنوب سنة إضافية. ولذلك بقيت الحملات الديبلوماسية والإعلامية التي خيضت هذه المرة دون القدرة على إجراء تغيير جذري في قناعات اكثرية اعضاء مجلس الامن الدولي بعد فشل فرنسا في تقديم “جائزة ترضية” للبنان باستبدال كلمة الغجر بـ “سهل الماري” بهدف البحث عن انجاز متواضع يحاكي المفهوم الجديد للبنان بشأن عملية الترسيم فيما بقي مندوبي روسيا والصين في مربع المتحفظ على المشروع تحت شعار التضامن مع لبنان.

لكن ما كان لافتا ان ما جرى من تأجيل لثلاث مرات متتالية لموعد التصويت على المشروع بـ “اللون الازرق” الذي تمتلكه باريس عبر عن حجم “التشدد الدولي” الذي بحث عن النقطة والفاصلة فيه لانهاء ما يوحي بأي تعديل ولو كان شكليا. وعليه فقد اعتبر ما حصل في النتيجة “نقطة فاصلة” وضعت في مجلس الأمن أنهت ما كان يسمى بـ “المعاملة الخاصة” التي كان يلقاها لبنان من قبل، وقد طويت نهائيا كل القراءات الدولية والأممية التي كانت تحاكي “الخصوصية اللبنانية” وخصوصا لجهة الفصل الذي طال اعتماده بين ما يسمى بـ “الحكومة اللبنانية” و”قوى الامر الواقع” التي كانت تتحكم بمناطق محددة من الجنوب منذ عقود من الزمن الى درجة يمكن القول ان التنازلات والتسهيلات التي كان ينالها لبنان قد باتت من الماضي ولم يعد هناك مثل هذا الفصل بين وضعين.

والى هذه الملاحظات فقد اضافت المراجع الديبلوماسية ان التوجهات الدولية الجديدة عبرت عن حرصها بتنفيذ القرارات ورفضت ما يمس امن وسلامة هذه القوات وما يهدد مهمتها وأهدافها التي كرسها القرار 1701 الصادر في 12 آب 2006 في أعقاب الخروقات الكبيرة التي شهدها لبنان مع حرصها على التنسيق مع الحكومة اللبنانية طالبة التمديد وهو امر لم يخرج عن الثوابت الدولية التي لا تعترف بالقراءات اللبنانية للوضع في لبنان و”ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة” كما في الجنوب ولا بأي من النظريات اللبنانية التي تتعاطى مع القوات الدولية وكأنها قوة غريبة على أرض لبنان متجاهلة النتائج التي حققتها منذ ان جرى تعزيزها في العام 2006 بموجب القرار 1701 وما أحدثته من نهضة اقتصادية واجتماعية انعشته الى درجة تقدم فيها الوضع الاجتماعي هناك على العديد من المناطق اللبنانية الداخلية وأطراف البلاد الاخرى الغارقة في العتمة وفي اسوأ الازمات الاجتماعية والاقتصادية وحولتها بوجود النازحين السوريين الى أفقر المناطق المضيفة لهم.

على هذه الخلفيات، عبرت المراجع الديبلوماسية عن ارتياحها لمواقف حكومة تصريف الأعمال سواء بالنسبة الى موقف الرئيس نجيب ميقاتي بما حمله من تفهم لحجم المخاطر المترتبة على المس بدور هذه القوات او اي تعديل في قواعد الاشتباك فيما استطردت في الكثير من التفاصيل عند مقارباتها لموقف وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الذي كان عائدا للتو من نيويورك حيث عاين عن قرب المواقف الدولية المتشنجة التي اطلع عليها في اتصالاته المباشرة مع المندوبين الدائمين في مجلس الأمن واعضائه الآخرين مع ما حمله من تحذيرات ومخاوف نتيجة المضي في بعض الخروقات ومشاريع الإعتداء والتهويل على هذه القوات التي لا يمكن ان تتقبل جريمة أخرى كمثل “جريمة العاقبية” ولا محاولة أخرى كـ “صواريخ القليلة” كما بالنسبة الى استمرار نقل السلاح غير الشرعي بعد “شاحنة الكحالة” سواء من سوريا أو العراق كما عبر المرافى البحرية والجوية الأخرى التي تناولها القرار 1701 وفرض إجراءات متشددة لم تتخذ منذ سبعة عشر عاما.

وما كان معبرا بالنسبة الى المراجع الامنية اعتراض الأمم المتحدة واسرائيل على “خيمة “الماري” بعد نزع جارتها التي كان قد نصبها “حزب الله” في منطقة متنازع عليها علما انها الخيمة السابعة عشرة . فمن يقبل بانتشار 16 خيمة لجمعية “اخضر بلا حدود” منذ سنوات لا يمكنه ان يعترض على خيمة إضافية في بقعة لبنانية خالصة رغم العقوبات الاميركية التي فرضت على الجمعية. ورأت في محاولة الاستثمار الاسرائيلي فيها ظاهرة غير طبيعية وغير موفقة ولن تؤدي الى أي تغيير باستراتيجية التعاطي على الحدود كما بالنسبة الى اعتبارها من جانب “حزب الله” انتصارا للحزب بكل المعايير على وقع الجدل البيزنطي الذي أحاط بها.

وعليه، لا يمكن تجاهل ما هو قائم على طول الحدود، فمواقع الخيم الأخرى التي ترفع أعلام الجمعية عالية تقع على مسافة أمتار قليلة من مواقع المراقبة الاسرائيلية تحصى فيها أنفاس عناصر الطرفين على طول الخط الازرق وحيث الجدار الاسمنتي في نقاط تجمع ثلاثة قوى مختلفة الهوية والمهمة والدور من جيش أممي تمثله مواقع “اليونيفيل” وأخرى للجيش اللبناني الشرعي وما بينهما مواقع لـ “مجموعات غير شرعية” تمثلها “اخصر بلا حدود” علما انها جميعها تقع في منطقة عسكرية معزولة عن المناطق الجنوبية بعمق كيلومترات مختلفة بين نقطة وأخرى ويحظر على اي مواطن آخر دخولها ما عدا العسكريين الدوليين واللبنانيين و”عناصر الجمعية”.

وتنهي المراجع الديبلوماسية لتتوقع أن ينتهي الجدل حول القرار 2695 في الأيام القليلة المقبلة ومفهوم “قواعد السلوك” لقوات “اليونيفيل” بانتظار الجديد الذي يمكن ان يحمله أي مشروع آخر للبحث في تثبيت الحدود الدولية وإنهاء الخلافات حول النقاط المتنازع عليها من دون تجاهل المصاعب التي يمكن ان تواجه الوسيط الاميركي اموس هوكستاين إن خاض غمار هذه التجربة، وعندها قد يفهم من “يسخفون” مضمون القرار الاخير واهميته، وتحديدا عندما تكون الظروف مؤاتية لتطبيقه بدون اي استثناءات عمدت اليها قيادة “اليونيفيل” للتخفيف من غضب “جيش الاهالي” ومن يديره بـ “رجاله ونسائه” وعندها ستظهر قدرات لبنان باستعادة كامل حقوقه بالأمتار والسنتيمترات التي تحددها “الإحداثيات الجغرافية العلمية” من النقطة “B1” في القطاع الغربي حتى اقصى القطاع الشرقي من “سهل الماري” الى مثلث الأراضي الفلسطينية المحتلة والسورية واللبنانية.