كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
خلافاً للمعارضة ولأطراف عدة أفرغت زيارة الموفد الرئاسي جان ايف لودريان ووساطته من مضمونهما وطوّقت مفاعيلهما، يتعامل «حزب الله» مع مهمته على أنّها الأمل الوحيد المتبقي للتلاقي. وخلافاً لشريكه في الثنائية، لم ينجز ردّه على سؤالَيْ الموفد الرئاسي الفرنسي بعد، مع أنّه الطرف الوحيد الثابت في طرح مرشحه وأول من حدّد هويته وغايته وأهدافه.
ليس التأخير في الردّ سببه رفض اقتراحات فرنسا أو التغاضي عن الاجابة، فـ»الحزب» في صدد الإجابة، وإن كان يعتبر أنّ أجوبته سبق وسلّمها إلى لودريان يوم التقاه خلال زيارته الأخيرة للبنان. خطوة ثانية ايجابية ينوي التلاقي في شأنها مع الفرنسيين تتعلق بتلبية الدعوة للحوار. سبق وانتقد على لسان أمينه العام معارضي الحوار والمتخلفين عن تلبية دعوة فرنسا. يتعامل بإيجابية مع طروحاتها ولو أنّ فرنسا ضد موقفه في الرئاسة. يأسف «حزب الله» لتعامل المعارضة مع طروحات لودريان «لو كان السفير الأميركي أو غيره استدعاهم للبوا النداء، لكنهم يرفضون دعوة فرنسا لأنها دولة بلا أظافر ولا أدوات تنفيذية لها داخل الساحة اللبنانية وتتكل على الإرث القديم في تعاملها».
في ردّه على المعترضين والمعارضين للحوار لم يستثنِ الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله المعارضة، وخلال خطابه الأخير قال إنّه لا يستجدي الحوار من أحد قاصداً بالتحديد النواب الـ31 الذين أعلنوا مقاطعتهم لأي دعوة للحوار وقطعوا الطريق على الموفد الفرنسي وطوّقوا عودته بشروطهم.
وليس من باب الإستجداء، لكن الحوار هو الوسيلة الوحيدة لخرق القطيعة بين الأفرقاء، وإلا كيف يكون المخرج من الأزمة؟ بجوابه على الرسالة الذي هو قيد الإعداد وبموافقته على الحوار، إنما يسعى «حزب الله» الى كشف الجهة المعطّلة في البلد وإلى تجنب الظهور، وكأنّه يرفض فكرة الحوار والتلاقي مع الآخرين. ولكن من الردود المتتالية على لودريان لم يعد «حزب الله» وحلفاؤه يأملون في تحقيق إنجاز.
من زاوية أخرى، فإنّ للفرنسيين قناعتهم الراسخة وإن تصرفوا على عكسها، وبدا كلامهم في العلن شيئاً وفي الكواليس شيئاً آخر، يقولون في العلن إنهم يمثلون الخماسية الدولية، ولكن في الواقع يتصرفون غير ذلك. فإنّ قناعتهم الراسخة أن لا حلّ إلا بتسوية مع «حزب الله»: نعطيهم رئاسة الجمهورية مقابل رئاسة الحكومة، أي العودة إلى مبادرتهم القديمة، ولكن ليس باليد حيلة لوجود معارضة أميركية شديدة وليس فقط قطرية، وإن كانت المعارضة القطرية تبقى في الظل. تقول المعلومات إنّ الفرنسيين صارحوا خلال اجتماعات الدوحة بحقيقة الصعوبات التي تعترض ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، وسألوا مؤيديه: كيف ستؤمنون انتخابه؟ وهل يمكن انتخابه خارج ارادة الثنائي؟
وتتابع المعلومات نقلاً عن مصادر موثوق فيها: لقد بدأ الفرنسيون يقولون في الكواليس بإمكانية البحث عن مرشح ثالث ما دام الثنائي غير قادر على تأمين انتخاب مرشحه ولا مرشح المعارضة مقبول. لكن لم يجد من يوافيه إلى طرح المرشح الثالث إلا «التيار الوطني الحر» الذي يدعم الفكرة الفرنسية بدعم مرشح ثالث، لكن «حزب الله» ورغم مرور أشهر على الفراغ لا يزال يجد صعوبة في الحديث عن خيار ثالث، ويقول إنّه غير مطروح في الخيارات من جانبه.
لم يجب «حزب الله» على رسالة لودريان ليس اعتراضاً على مبدأ الحوار أو الرسالة وهو على استعداد متى وجّهت الدعوة الى الحوار أن يلبيها رسمياً سواء كان في مجلس النواب أم في قصر الصنوبر، المهم أن يبدأ الحديث من مكان ما مع الآخرين.
حتى الساعة، لا موعد محدداً لزيارة لودريان، وإن كان وصوله متوقعاً في غضون أيام قليلة. الأمل ليس كبيراً لكن المحاولة تبقى أفضل من العدم، أما ولادة الرئيس فلا تزال بعيدة، ولا تتوقف على نتائج ما يجري في الإقليم ومحادثات طهران- الرياض أو طهران- واشنطن. المسارات مختلفة وإن كان يمكن في لحظة ما أن تكون عاملاً مساعداً.