رأى اللواء عباس ابراهيم “أن الأمور في لبنان حتى اللحظة صعبة وتبدو مقفلة للاسف”، معلناً أنه “لم ير حلا في الأفق، ولكن كلني رجاء أن يتحقق الامل بانتخاب رئيس للجمهورية، وأكد أننا “لن نسمح لاحد، ما بقينا وحيينا، أن يضرب معاوله في ركن هذا الوطن”، وقال: “إننا من مدرسة قال قائدها من يطلق النار على دير الاحمر والقاع وشليفا انما يطلق النار على قلبي واولادي وبيتي. وبهذه المدرسة آمنا، وبتعاليمها سنكمل الطريق مصرين على وحدة لبنان والتعايش والتكامل والتكاتف والتضامن في وجه معاول الهدامين”.
كلام ابراهيم جاء في خلال جولة قام بها على مرجعيات جبيل الروحية، تخللها زيارة لسوق المدينة وقلعتها ودير مار شربل في عنايا.
استهل ابراهيم جولته، بزيارة دار الافتاء الجعفري، وكان في استقباله المفتي الشبخ عبد الامير شمس الدين، عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب رائد برو،مسؤول قطاع جبيل وكسروان في “حزب الله” الشبخ حسين شمص، رئيس انطش جبيل الاب سيمون عبود، رئيس جمعية “أنصار الوطن” شادي باخوس، سامر جمال حسين وفاعليات.
وتحدث شمس الدين مرحباً باللواء إبراهيم وبحضوره في “مدينة العيش المشترك في جبيل”، وقال: “نرحّب بكم في هذا المركز الذي هو بيت جميع اللبنانيين ولا يختص بطائفة أو مذهب، وهو بيت يتشرف بإستقبال اي لبناني من أي مذهب او حزب كان. ونرحب باللواء عباس ابراهيم الذي ما رأيناه في كل جولاته من خلال مركزه في الأمن العام، ما رأيناه الا انسانا مصلحا ويعمل بوطنية وصدق لمصلحة كل لبنان دون النظر الى طائفة او حزب، انما كان يتفانى من اجل مصالح وطنه ولذلك أعتبره على رأس المواطنين اللبنانيين الصالحين”.
وذكر المفتي شمس بالآية القرآنية الكريمة التي تحكم الاخوة والتصافي بين الناس: (الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء. تؤتي اكلها في كل حين باذن ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون).
وتوجّه إلى الحضور بالقول: “أيها السادة هذه سنة إلهية تجري في التاريخ بإذن الله، فالكلمة الطيبة لن تذهب هباء انها كشجرة طيبة عميقة الجذور ضاربة في العمق مرتفعة في السماء تنشر ظلها الوافر على الارض، فينعم بها الآخرون. وان الكلمة الطيبة هي كلمة الحق تبقى تنشر عبقعها في التاريخ بكل ثبات وقوة، وتهز قلاع الظلال وتشدد من عزيمة المستمع المنصف وتزرع النور في القلوب وكان هؤلاء رعاة الإصلاح في البلاد والعباد والشجرة. الطيبة دائمة العطاء بإذن ربها ومثلها الكلمة الطيبة يجري غطاؤها عبر الأجيال وفي مقابل ذلك تشبه الكلمة الخبيثة التي لا اصل انساني لها الشجرة الخبيثة التي لا تجني الا ثمرا مضرا مضافة الى ان لا جذور لها فهي قلقة وفي مهب الريح، ولا يمكن ان يمر بها خيرا والكلمة الخبيثة لا نفع لها ولا استقرار”.
وتابع شمس الدين بكلام الامام علي بن ابي طالب قائلا توجه امير الكلام “ما خلق الله عز وجل شيئا احسن من الكلام ولا أقبح منن فبالكلام إبيضت وجوه وبالكلام اسودت وجوه”، وأضاف اخواني اصحاب الوجاهة والإيمان اود ان ألفت نظركم الى أننا نحن المتعبدون وبكلام الله تعالى وكتابه المجيد الذي يقول: “ان الذين آمنوا والذين عادوا والنصارى والصائبين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون”.
وقال: “نحن نعتبر من ذكرهم الله في هذه الآيات الكريمات اخوانا لنا في الإيمان والإنسانية نتعاطى معهم كما نتعاطى مع بعضنا كمؤمنين ولا نميز أنفسنا عنهم، وان مضمون هذه الآية الكريمة جاء من الله تعالى ردا على دعاوى اليهود العنصرية انهم شعب الله المختار والمغفور لهم سلفا فيقرر القرآن ان باب السعادة والقرب الإلهي مفتوح لجميع على إختلاف قومياتهم وانتماءاتهم سواء كانوا مسلمين عاملين بإسلامهم أو يهودا او مسيحيين، اذا كانوا قد آمنوا بالله واليوم الآخر واتبعوا الشريعة التي كلفوا بها في زمانهم وهكذا يأمن من يوكل امره وقيادته”.
بدوره قال ابراهيم: “جبيل تجمع ولا تفرق وشكرا لكم من القلب. سبب زيارتي الى جبيل بدعوة من المفتي اللقيس ولا تكتمل الزيارة الى جبيل من دون ان امر الى بيتي وهو دار الافتاء الجعفري وبيتي في كنائس جبيل، ونحن من مدرسة قال قائدها التعايش الإسلامي المسيحي ثروة يجب ان نتمسك بها ومن يطلق النار على دير الاحمر والقاع وشليفا انما يطلق النار على قلبي واولادي وعلى بيتي، ومن هذه المدرسة تخرجنا جميعا وبهذه المدرسة آمنا وبتعاليم هذه المدرسة سنكمل الطريق، ونصر على وحدة لبنان والتعايش والتكامل والتكاتف والتضامن في وجه معاول الهدامين، ولن نسمح لأحد بأن يهدم اي ركن من اركان لبنان. لبنان واحد وسيبقى واحدا ما تنفسنا وما عشنا، وما نبضت خلاجات قلوبنا،ومن دافع عن لبنان الى حد الإستشهاد سيقاتل عن لبنان بالكلمة، والكلمة اقوى من الرصاص وسنصر على الكلمة والحوار”.
وأضاف: “انما حضوري في جبيل مدينة الحوار والحضارات وكما قيل لي هي المدينة الأولى او الثانية في تاريخ البشرية، وهذه المدينة التي تختزن أبناء الوطن بكل تلاوينهم وطوائفهم ستبقى مدينة التعايش والنور والكلمة”.
وختم: “لن نسمح لأحد، ما بقينا وحيينا، ان يضرب معاوله في ركن هذا الوطن واقول انه في كل لبناني، مسلما كان او مسيحيا، معايير مشتركة بين الاديان وهذه الحضارة الفريدة بالعالم التي لا يفهمها احد والتي اذا ذهبنا شرقا وغربا لن نجد من يفهم هذه الحضارة الفريدة ونحن نمثل حوار الحضارات في هذا العالم، والمشهد الذي رأيته في دار الإفتار الجعفري بالتنوع والتميز أثلج قلبي”.
ثم قلد البرفسور مخلص الجدة بإسم المنظمة العالمية لحوار الاديان والحضارات اللواء إبراهيم الوسام الذهبي من الدرجة الأولى، و”هو الوسام الأول في الشرق الأوسط للواء الذي أطفأ الحروب ومثل السلام بكل التعليم التي وجهها القرآن الكريم والإنجيل، وان كان الإمام السيد موسى الصدر قد غيب قسريا ومع الاسف الإمام محمد مهدي شمس الدين قد غيب اختياريا ولم نكرمهم فاليوم يمثل نهجهم في السلام والحوار اللواء عباس ابراهيم فنكرمه ولنا الشرف”.
بعدها زار إبراهيم دير مار شربل في عنايا حيث جال في ارجائه، وكان في استقباله رئيس الدير الآباتي طنوس نعمة الذي قال: “سررت اليوم بزيارة الجنرال الوطني المحب لكل اللبنانيين من دون تفرقة، والذي بذل جهوده خدمة للبنان واللبنانيين، واليوم ببركة مار شربل سيكون اللواء اقوى”.
اما ابراهيم فقال: “رأيت في هذه الزيارة كل العائلات اللبنانية تدخل الى الدير على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم، مسلمين ومسيحيين، وحتى منظر الاخوات المحبجبات المسلمات افرحني وهذا دليل اننا نؤمن برب واحد وما يجمعنا اكثر بكثير مما يفرقنا والقرآن الكريم في آياته تعالوا الى كلمة سواء وهذا ما شاهدناه في دير مار شربل عنايا”.
ثم دعا الاباتي نعمة اللواء ابراهيم الى اضاءة شمعة على نية انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت، واللواء ابراهيم اجابه “ان شاء الله”.
كما زار ابراهيم راعي ابرشية جبيل للموارنة المطران ميشال عون حيث كان في استقباله رئيس اتحاد بلديات جبيل فادي مارتينوس ورئيس بلدية بلاط عبدو عتيق.
ورحّب المطران عون باللواء ابراهيم واكد ان “العلاقة مع اللواء كانت دائمة وكنا نقدر الجهود التي كا يبذلها والتي كانت تحل المشاكل الشائكة التي كان يكلف بها، وهذه موهبة من الله. كان اللواء يبدع بها وزيارته اليوم لنا لها معنى كبير لنا اولا لان جبيل هي مدينة الحوار، ونحن كمطرانية منفتحون دائما على هذا الحوار واسسنا في قضاء جبيل لجنة وطنية للحوار الاسلامي المسيحي”.
وأكد أن “الحرب الداخلية ممنوع ان تدخل وطننا”، مستذكرا اعلان عنايا عام ١٩٧٥ الذي شجع على الحوار ونبذ الحرب، و”نؤكد ان لبنان لا يقف على رجليه الا بالعيش معا كمسلمين ومسيحيين وبالحوار”.
من جهته، شكر اللواء ابراهيم المطران عون على استقباله وقال: “لم اشعر هنا الا انني في بيتي وليس فقط في دير او كنيسة، وهذه زيارة عنوانها محبة وحوار ومثل ما قال المطران عون لا خيار لنا الا الحوار، ولن نسمح ابدا جميعا، ان يعلو صوت الرصاص على صوت الكلمة”.
وأشار إلى أن “هذه الزيارة هي زيارة محبة ورجاء قيامة لبنان، وانا اعلم انه بعد ايام عدة قادم عيد الصليب، وهو عيد ليس فقط للمسيحيين بل للجميع ونحن اعيادنا مشتركة واتمنى ان يكون هذا النهار لقيامة لبنان وليس لصبر لبنان ولعذابه”.
وختم: “حتى اللحظة الامور صعبة وتبدو مقفلة للأسف، ولكن الرجاء بالكلمة والحوار ونحن نعلق امال على هذه الأمال”، وقال ردا على سؤال عما اذا كان شهر أيلول شهر انتخاب الرئيس: انا لا أبصر ولكن استطيع ان اقول لكم انني لا ارى حلا في الافق، وكلي رجاء ان يتحقق”.
وفي ختام الجولة، اقام مفتي جبيل للطائفة السنية الشيخ غسان اللقيس مأدبة غداء على شرف ابراهيم في دارته، في حضور عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب زياد الحواط والوزير السابق مروان شربل.
وقال اللقيس: “اهلا وسهلا بك حضرة اللواء في جبيل، هذه المدينة العريقة الضاربة في التاريخ والتي تكاد ان تكون اول مدينة في التاريخ، اهلا بك في مدينة الحرف، اهلا بك اليوم وغدا وفي كل يوم. سعادة اللواء المرء يحار فيك كيف يبدأ ومن أين يبدأ. وما اود ان اقوله بأنك اختصرت القيادة والسياسة فكنت المدير للأمن العام وأديت الرسالة والأمانة، حافظت عليها كما يحفظ الرجل إبنه، وعملت على حماية الوطن عبر العمل على الاستقرار الدائم الذي عملت به ونجحت، وحافظت على الهدوء والاستقرار السياسي في ما بين الرئاسات. وكم سعيت في الخفاء لحل مشاكل كادت ان تحدث بين الرئاسات، وامور كثيرة كنت صمام امان لبنان، لكل لبنان، وكنت المدير والنائب والوزير والرئيس والمرؤوس في سعيك الدؤوب هنا وهناك وكان لا يهدى لك بال حتى تجني النجاح، وفي الخارج كنت سفيرا فوق العادة، وكنت المفاوض الاول الذي حرر المخطوفين والاسرى في مراحل عدة”.
وختم: “سيادة اللواء نكرر ترحيبنا بكم اليوم وغدا وساعة ما تشاؤون جبيل مدينتكم ونحن اهلكم وانتم اصحاب الدار”.
اما شربل فاستذكر العلاقة مع اللواء ابراهيم، وقال: “افتخر باللواء الحبيب والتي عملنا لفترة طويلة في حلحلة بعض المشاكل والازمات، وندمت لأنني لم اكن اعرف اللواء ابراهيم قبل ان استلم وزارة الداخلية في حينها بسبب العقل الامني الكبير والمجهود الذي كان يبذله منذ اول حياته العسكرية والتي كان نصب أعينه حماية الوطن، كل الوطن”.
اما الحواط فقال: “ما يجمعنا مع اللواء ابراهيم كل الإحترام والصداقة، فهو خير من استلم مهام في الدولة والدليل انه سلم مؤسسة على افضل ما يرام على عكس الكثير من المسؤولين والقيادات التي استلمت مراكز، وسلموها بحالة انهيار تام. ونحن اليوم في مرحلة فراغ رئاسي، والبلد يتحلل وعلينا كنواب واجب وهو الذهاب الى المجلس وانتخاب رئيس للجمهورية. ولأنه لم يعد هناك خيار آخر الا الانهيار التام والذي ليس مصلحة لأحد. ونحن في جبيل متمسكون بنموذج العيش المشترك وبالأخلاق والقيم، وحرصاء على أن نحافظ عليها وطالما جبيل بخير في العيش المشترك فيجب ان ينعكس على كل لبنان”، وختم مؤكدا: “لسنا ضد الحوار”.
اما ابراهيم فقال: “رأيت في جبيل الكثير من التجمعات والمنتديات والجمعيات التي يمثل عنوانها النهائي الحوار، وجبيل مدينة الحوار وهي مدينة الحرف وليس الحرب، ومن هنا من جبيل، ندعو الى الحوار ونصر عليه ولا يمكن ان يدعى للحوار من مكان اكثر من جبيل. نحن جميعا على الكرة الارضية اصبحنا مهددين بصراع الحضارات بعد التفلت الأخلاقي الذي يروج له، وبعد كل الشحن الطائفي في العالم فنحن نسير في اتجاه صدام الحضارات والمؤامرة على وطننا الكبير بهويته الحضارية، وعلينا الدفاع والتمسك بهذه الهوية، وعنوان هذه الهوية هو الكلمة الكلمة فقط واذا فكر احد باغتيال الكلمة في البلد نقول له صعبة جدا هذه القضية”.