لفتَ شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الدكتور سامي أبي المنى إلى أنَّ “زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي إلى الجبل هي حدث لا بدّ منه وقد أطلقنا على لقاء الزيارة في المكتبة الوطنية في بعقلين، وهي إحدى محطات البطريرك الراعي “ثمار المصالحة وآفاق المستقبل”، إذ كلما زادت التعقيدات كل ما كانت الحاجة أكبر لاستلهام روح المصالحة وزيارة البطريرك تصب في هذا الاتجاه، فكلنا معنيّون بلبنان الذي يتسّع للجميع ويحتاج الجميع”.
وذكّر أبي المنى في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية أنَّ “بين لقاء البطريرك صفير والرئيس وليد جنبلاط عام 2001 وزيارة الراعي يوم الجمعة مسار أكّد حقيقية المصالحة، علماً أنَّ أمور كثيرة قد تغيّرت بين التاريخين، ولكن المصالحة بقيت وبقيَ الجبل، ولقاء الجمعة هدفه تثمير المصالحة حيث سوف نُجيب من بعقلين على سؤال كيف يمكن تثمير المصالحة”.
أمّا في الشقّ السياسي، دعا أبي المنى كلّ الأفرقاء إلى الاستجابة لدعوة الحوار، لافتاً إلى أنَّ “لا نريده أن يكون فوق الدستور أو تغييباَ للحياة الديمقراطية، لكننا نؤمن بجمال التسوية التي تحدث عنها كمال جنبلاط، إذ لا جدوى من الإمتناع عن الحوار، بينما نوعه وشكله ليس من مهمتي”.
ورداً على سؤال، أشارَ أبي المنى إلى أنَّ “الأوقاف الدرزية ليست بالحجم الكبير الذي يتكلمون عنه ومعظم أراضي الأوقاف غير مستثمرة”، مشدداً على أنَّنا “نعمل مع الإخوة المسيحيين لاستثمار أوقاف الطائفتين معاً عبر مشاريع ربما تكون صناعية وزراعية وتجارية، لأنَّ الأوقاف غنى للمنطقة ويجب أن تستثمر، وذلك يكون ثمرة من ثمار المصالحة، وبالتالي يعزز الثقة بالجبل والوطن”.
وتعليقاً على السجال القائم حول مؤسسة بيت اليتيم الدرزي، قال أبي المنى إنَّ “بيت اليتيم الدرزي مؤسسة تابعة للطائفة وجميع أبناء الطائفة يحترمونها، ونحن معنيون بكرامتها ومستقبلها، وقلنا من اليوم الأول يجب ألا نتدخل بالقضاء، كما وأنَّ بعض الأخطاء لا تُحتمل ويجب أن تعالج بكل جديّة، ولا بد من المعالجة”.
وأضاف: “لا أتدخل بشكل مباشر في هذا الأمر احتراماً للقيمين على المؤسسة، لذا أقترح ورشة إصلاحية كبيرة في بيت اليتيم وهذا ما التمسته من المؤسسة والشخصيات الكريمة التي تتدخل، ويبقى بيت اليتيم مؤسسة راقية وعريقة”.
أمّا عن الانتفاضة التي تشهدها مدينة السويداء منذ أسابيع، أكّد أبي المنى أنَّ “هناك تواصل دائم مع مشايخ العقل في السويداء ونحن نستطلع الموقف ولا نتدخل، إذ إنّهم جديرون وقادرون على اتخاذ الموقف المناسب، لكننا نخشى أن يتحوّل المطلب المعيشي المحق إلى برنامج ربما لا نعرفه”، مستطرداً: “حتّى الآن لا أدرك حقيقة الواقع هناك، ولكن نثق بحكمة المرجعية الحريصة على وحدة الجبل ونحن نشدّ على أيديهم في السياق، إذ إنَّ ما يهمنا أن تكون سوريا قوية، وأن يكون جبل العرب كما إخواننا في السويداء موحّدين وغير انفصاليين، علماً أنهم لا يقبلون الانفصال، إذ إنهم مع رسالة سلطان باشا الأطرش”.
وأضاف: “ليس هناك من حركة انفصالية والموحدون تاريخياً كانوا أمراء الجبل ولم يفكروا بالإنفصال، فكيف لنا أن نفكر اليوم ونحن أقلية؟”، مشدداً على أننا “سنواجه من يريد فصلنا، لأننا لا نريد أن ننتحر باختصار، وسنعمل لتكون الدولة قوية وعادلة، فأمان الدروز في دولتهم لا دويلتهم”.
ولفت أبي المنى إلى أنَّ “رفع أعلام الدرزية في السويداء لا يعني رغبة بالانفصال بل هو شعار يعتز به أبناء الطائفة، علماً أنَّ مطالب أهل السويداء محقّة وهم ليسوا خانعين، ويجب أن يطالبوا بحقهم بكل جرأة ولكن لنبقى متيقظين”.
وفي الشقّ الفلسطينيّ، أشارَ أبي المنى إلى أنَّ “علاقة المودة مع دروز فلسطين المحتلة قائمة وهي تاريخية ولا تزول”، داعياً “اخواننا في الأراضي المحتلة الحفاظ على هويتهم العربية والإسلامية”، ولافتاً إلى أنّ “لم أكن في أجواء وحيثيات زيارة الشيخ علي المعدّي إلى لبنان، لكنه زارني وأكّد على حق التواصل”.
وأضاف أبي المنى: “نعوّل على حكمة الشيخ موفق طريف تماماً كما نعوّل على حكمة الشيخ حكمت الهجري، إذ يجب أن تكون الكلمة موحّدة ويجب أن يكون كمرجع روحي على بيّنة من الأمور”.