IMLebanon

حسم النزاع الحدودي جنوبًا… ثمن يُقرِّشه “الحزب” في الداخل

كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:

إبان زيارة كبير مستشاري امن الطاقة الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت الاسبوع الماضي، تحرك مجددا ملف ترسيم الحدود البرية الجنوبية، بعدما أنجز الترسيم بحرياً باستثناء نقطة B1 التي يطالب لبنان اسرائيل بالإنسحاب منها ،اذ بقيت عالقة في انتظار المفاوضات البرية. في اجتماعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري اعاد الاخير اثارة النقطة هذه وطالب الجانب الاميركي بالضغط على اسرائيل للتقيد بالحدود الدولية المعترف بها والمرسّمة في العام 1923، وتكرّست في اتفاقيّة الهدنة في العام 1949.

حزب الله لم يعترض على اثارة الملف ، بعدما اعلن رئيسا مجلس النواب نبيه برّي، وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، أن لبنان مستعد للذهاب إلى الترسيم، وعلى إسرائيل الانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، الا ان امينه العام السيد حسن نصرالله اكد ان لا وجود لما يسمى ترسيم الحدود، لأنها في الأساس مرسمة في عشرينيات القرن الفائت، وتم تثبيت ترسيمها في اتفاقية الهدنة عام 1949. أما ما جرى من وقائع فيما بعد، فهو اعتداءات اسرائيلية. وبالتالي، النقاط المختلف عليها تعتبر محتلة من قبل العدو الإسرائيلي، ولا بد من الانسحاب منها.

عمليا، واستنادا الى ما تقدم يجوز القول ان لبنان الرسمي والحزب يوافقان على انهاء الخلاف على النقاط الحدودية المتنازع عليها مع اسرائيل، ما داما لم يعترضا، فيسري على البر ما اعتمد في البحر، الا ان تثبيت الحدود البرية يوجب انهاء كل نزاع حولها وتحديدا 13 نقطة يتحفظ عليها لبنان تمتد من بلدة الناقورة غرباً باتجاه بلدة الماري شرقاً. وتنقسم النقاط هذه إلى قسمين. القسم الأول داخل الخط الأزرق لجهة لبنان بحوالى 25 متراً وما دون، وتبدأ من نقطة رأس الناقورة وهي المعروفة بالنقطة b1، والتي كانت منطلقاً أساسياً في عملية ترسيم الحدود البحرية، ويعتبر لبنان أن اسرائيل تخترق تلك المنطقة بمسافة 17 متراً. إضافة إلى نقاط يارون، العديسة-كفركلا ،علما الشعب، البستان ومروحين.أما القسم الثاني فيدخل في عمق الأراضي اللبنانية بمساحة 25 متراً وما فوق، وهي نقاط في علما الشعب، رميش، بليدا، العديسة، والمطلة-الوزاني. في مرحلة سابقة تم الاتفاق على معالجة 7 نقاط من أصل 13 نقطة، تقع بمحاذاة مستوطنة مسكاف عام.

إن حصل المتوقع وانطلقت المفاوضات لانهاء النزاع حول النقاط اعلاه وبلغت الامور خواتيمها بمباركة اميركية ، سيفقد الحزب اقوى اوراق قوته ، جدوى المقاومة . ثمن هو الاغلى لا بد ان يقبضه حزب الله ويقرّشه في السياسة الداخلية، ليس فقط على غرار ما قبضه من الترسيم البحري، اي الخدمات الثانوية لمنصة الحفر من الفها الى يائها وحصة نفطية، تردد انه سيقبضها من قطر، بل اهم بأشواط وتحديدا مكاسب يتم تكريسها دستورياً، والا لا تثبيت للحدود ولا من يثبتون، بحسب ما تقول اوساط معارضة لـ”المركزية” ، فهل يقايض الحزب موافقته بوصول مرشحه سليمان فرنجيه الى بعبدا مثلا، ذلك ان انتخابه قد يوازي التسليم بتثبيت وتظهير النقاط الخلافية الحدودية وانهاء الصراع حولها ومنع اي اعتداءات اسرائيلية على لبنان بعد انتزاع اعتراف من اسرائيل بحدود لبنان المعترف بها دوليا منذ عام 1923. وتاليا ماذا عن موقف ايران ؟هل توافق على سحب ورقة المقاومة من يدها في ظرف بالغ التعقيد محليا واقليميا ودوليا، اذ ان الانسحاب الاسرائيلي من النقاط المتنازع عليها وتسجيل الاتفاق امميا سيطرح تلقائيا سلاح حزب الله ليوضع على بساط البحث محليا وخارجيا؟

الخشية، كل الخشية ، تختم الاوساط، من صفقة يجري اعدادها في الكواليس الدولية لترسيم الحدود البرية ، بإعطاء إسرائيل أقصى الممكن مما تريده على الحدود، وهي تسعى عمليا الى اعتماد الخط الازرق حدودا لها ، مقابل أن يأخذ الحزب ما يريد في الداخل اللبناني. ومن تنازل سيادياً في البحر لا يُستبعد ان يقدم تنازلات عن حقوق سيادية موازية في البر ما دامت مصالحه الخاصة ستؤمن والمغريات اكثر من ان تحصى وتعد.