كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
منذ اندلاع الاشتباكات في مخيم عين الحلوة واسئلة كثيرة تدور في بال اللبنانيين: من يقف وراء ما يحصل في المخيم، ومن أبقى على السلاح في يد الفلسطينيين، وهل من مخطط لتوطينهم وإقفال ملف العودة، وهل كانت أحداث عين الحلوة لتحدث فيما لو طبق القرار 1559؟
السياسي الدكتور توفيق هندي يؤكد لـ”المركزية” ان “سوريا هي من أصرّت في مرحلة اولى على إبقاء السلاح بيد الفلسطينيين بشكل عام، عندما كانت تحتلّ لبنان. وحتى بعد خروجها عام 2005، أبقت على “الجبهة الشعبية – القيادة العامة” في قوسايا وغيرها من المناطق، والتي ما زالت موجودة فيها حتى اليوم بسلاحها.
أما السلاح داخل المخيمات بشكل عام، فأبقوا عليه أيضاً، أولاً لأن من شأن المسلحين في المخيمات ان يشكلوا “عدّة شغل” في مرحلة معينة، وثانيا بحجة عدم توطينهم في نهاية المطاف، (علماً ان لبنان ضد التوطين بشكل عام)، وبالتالي يجب ان يجاهدوا من أجل تحرير فلسطين. ورغم كل التناقضات الموجودة بين الفلسطينيين أنفسهم، أبقوا على السلاح في ايدي الفلسطينيين”.
ويضيف: “ثم جاء حزب الله وأيضاً بالمنطق نفسه، او حتى بمنطق متقدم أكثر يرتكز على “وحدة الساحات” بين الفلسطينيين وأطراف محور المقاومة، علما ان حزب الله هو المكون الرئيسي لفيلق القدس ولـ”محور المقاومة” (الذي يحتوي على فيلق القدس)، عملياً قيادة الفيلق والمحور يعود لحزب الله، وهي ليست فقط قيادة سياسية واستراتيجية وانما ايضا قيادة عسكرية ميدانية هدفها تدمير “الكيان الموقت”. وهذا مصطلح جديد بتنا نسمعه. سابقا كانوا يتحدثون عن الكيان التوسعي والصهيوني الغاصب وما الى ذلك، بمعنى انهم اصبحوا على وشك تدمير دولة اسرائيل او على وشك الدخول بما يمكن تسميته مرحلة الهجوم الاستراتيجي على اسرائيل. في بداية التسعينات كانوا في مرحلة الدفاع الاستراتيجي ثم انتقلوا الى مرحلة التوازن الاستراتيجي واليوم اصبحوا في مرحلة الهجوم الاستراتيجي، إنما في بدايتها، وبالتالي يركزون على قضية تدمير اسرائيل ووحدة الساحات والكيان المؤقت، خاصة وان هذا الامر حصل بعد الاتفاق السعودي – الايراني حيث جهادية الجمهورية الاسلامية خفضت من حدة جهاديتها مؤقتا في البلاد العربية نتيجة هذا الاتفاق. فكان لا بد من تركيز هذه الجهادية على اسرائيل”. ويستطرد: “عندما حصل إطلاق صواريخ من جنوب لبنان، حتى اسرائيل لم تتجرأ على القول بأن حزب الله هو من أطلقها، بل قالت إنها حماس. فهل من الممكن ان تقوم حماس بعمل ما في منطقة حزب الله من دون موافقته؟! هذا يأتي في إطار وحدة الساحات”.
وبالعودة الى اشتباكات عين الحلوة، يشير هندي الى اننا “نسمع حزب الله يقول بأنه ضد هذا الاقتتال لأنه يُضعِف القضية الفلسطينية وبأن ما يحصل مؤامرة اسرائيلية. لكن لفهمها بمنطق حزب الله يجب ان نفهمها بالتناسق مع ما يحدث داخل اسرائيل، حيث انتقلت المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة ودخلت بقوة على الضفة الغربية، وحتى ان فلسطينيي الداخل بدأوا يتحركون، وجميعهم بتنسيق في ما بينهم، ومع باقي مكونات محور المقاومة وبشكل خاص مع حزب الله”.
ويتابع: “أحداث عين الحلوة بدأت مع مقتل القيادي في فتح أبو أشرف العرموشي، وتواصلت على اعتبار أن من قتله هم اسلاميون اصوليون تكفيريون. لكن من هم الاسلاميون؟ بالطبع الفصائل المنتمية الى محور المقاومة من حماس الى الجهاد الاسلامي الى الجبهة الشعبية وغيرها، والذين يقولون انهم ليسوا هم من يقوم بهذه المعارك. وعلى عكس ذلك، يجاهرون بأنهم يريدون ضبط الوضع. لكن بواقع الحال، انتقل صراع محور المقاومة ضد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية الى الساحة اللبنانية ولاسيما عين الحلوة، اكبر مخيم للفلسطينيين، اي ان عاصمة المخيمات والشتات الفلسطيني موجودة في عين الحلوة”، لافتاً الى ان “محور المقاومة يتهم السلطة الفلسطينية بأنها تقف الى جانب الفلسطينيين، فهدفهم هو تهميش امتداد السلطة الفلسطينية في المخيمات اللبنانية وإطلاق يد القوى الفلسطينية الممانعة في لبنان”.
وعن إمكانية امتداد الاشتباكات الى مخيمات أخرى يقول هندي: “القصة محصورة في عين الحلوة راهناً. بالطبع الدولة اللبنانية الممسوكة من حزب الله، اي حكومة تصريف الاعمال وما الى ذلك، تحاول ان “تهدئ البال”، فهل ستتمكن من ذلك؟ ربما في المرحلة الحالية، إنما لا ندري في مرحلة لاحقة. لكن هل من الممكن ان يتجهوا نحو مخيمات اخرى؟ باعتقادي ان من يمسك بمخيم عين الحلوة، يمسك بورقة الشتات الفلسطيني”.