كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي” الكويتية:
“موفَداً لرئيس البرلمان نبيه بري”. هكذا بدا المبعوث الرئاسي الفرنسي جان – إيف لودريان في اليوم الأول من الجولة الثالثة من مَهمته في لبنان التي تتمحور حول توفير “كاسحة ألغام” أمام تسويةٍ تتيح انتخاب رئيسٍ للجمهوريةِ التي تَمْضي بلا رأس منذ أكثر من عشرة أشهر.
ورغم أنه كان ما زال مبكراً استخلاص ما يحمله لودريان في جعبته، باعتبار أن لقاءاته ستستمرّ اليوم وغداً، إلا أن أول إشاراتٍ أُطلقت خلال زيارتيه أمس لكل من رئيس البرلمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عكستا وقوفاً خلف بري ومبادرته لحوارِ الأيام السبعة تمهيداً لجلسات انتخاب مفتوحة.
وأثار ما نُقل عن لودريان في هذا السياق، وكان أوّله جاء في بيان المكتب الإعلامي لميقاتي عن اللقاء وفيه أن الموفد الفرنسي أمل “في أن تكون المبادرة التي أعلن عنها الرئيس بري بداية مسار الحل”، علاماتِ استفهامٍ حول إذا كان مبعوث الرئيس ايمانويل ماكرون الذي أحبطتْ غالبية المعارضة مقترَحه للقاء موسع للأفرقاء اللبنانيين توطئة لـ “انتخابات مفتوحة”، يمهّد لـ “انسحاب هادئ” من المهمة الشائكة التي كُلف بها قبل اضطلاعه بمنصبه الجديد في السعودية (رئيساً لوكالة التنمية الفرنسية في العلا)، أم أنه في ما قاله يُنْهي بيديه دوره كوسيط ليكرّس نفسه طرفاً وفريقاً يتقمّص طرحاً ممهوراً بـ “ختم بري” وتصرّ عليه قوى “الممانعة” كممرّ إجباري لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.
ولم يكن عابراً أن تترافق زيارةُ لودريان لبري مع تقارير لم تتوانَ عن اعتبارِ أن دعْمَ الموفد الفرنسي لمبادرة رئيس البرلمان تعبّر عن موقف “مجموعة الخمس” حول لبنان (تضمّ ايضاً الولايات المتحدة، والسعودية، ومصر وقطر) وأن هذه المبادرة باتت تحظى بشرعية وغطاء دولي، وسط تسريبِ أن مبعوث ماكرون أبلغ الى رئيس البرلمان “اننا ندعم مبادرتكم الحوارية ونقول الحوار ثم الحوار ثم الحوار”، قبل أن تورد “الوكالة الوطنية للإعلام” الرسمية أن بري أكد بعد استقبال لودريان “أن وجهات النظر متطابقة مع الموفد الرئاسي الفرنسي بأن لا سبيل إلا الحوار ثم الحوار ثم الحوار للخروج من الأزمة الراهنة وإنجاز الإستحقاق الرئاسي. وهذا ما هو متاح حالياً لمَن يريد مصلحة لبنان”.
وبانتظار أن يتكشّف المزيد عما يحمله لودريان، استبعدت أوساط واسعة الاطلاع عبر “الراي” أن يكون حِراك الأخير وما رشح في ما خصّ دعمه الحوار، وبمعزل عن دقة تبنّيه مبادرة بري بالاسم أم لا، هو موقف “مجموعة الخمس”، معتبرة أن باريس لم تكن مرتاحة لبيان السقف العالي الذي صدر بعد اجتماع الدوحة في تموز الماضي باعتبار أنه قلّص الهامش أمام دورها وتَفَرُّدها برسْم مسارٍ ارتكز في مرحلة أولى على اعتماد “أقصر الطرق” في الملف الرئاسي عوض أكثرها توازناً، ومشيرةً إلى أن مواقف معلنة أخيراً من شركاء في “لقاء الخمس” عاودت التركيز على إجراء الانتخابات الرئاسية وفق آلية “تحمي الدستور واتفاق الطائف” في إشارة إلى مركزية دور البرلمان وليس طاولات “حوار طرشان”.
وأكدت الأوساط، أنه أياً كان موقف لودريان فإن أطراف المعارضة الذين سبق أن رفضوا مقترحه للقاء موسع ينطلق من الأجوبة التي قُدمت إليه عن سؤالين وجّههما الى النواب (حول مواصفات الرئيس العتيد وأولوياته) والذين امتنعوا عن تسليم الرد مستعيضين عنه ببيان الدوحة لمجموعة الخمس، سيبلغون إلى الموفد الفرنسي تباعاً أن موقفهم من طرحه ينطبق بالدرجة نفسها وأكثر على مبادرة بري بل “هذا سيجعلنا أكثر تصميماً على مواجهة الأمر الواقع الذي تجري محاولة فرضه والتمسك بالدعوة إلى جلسة انتخابٍ بدورات متتالية إلى أن يتم الانتخاب”.
وكان ميقاتي أكد خلال اللقاء مع لودريان “أن بداية الحل للآزمة الراهنة في لبنان يقضي بانتخاب رئيس جديد وإتمام الاصلاحات الاقتصادية ولا سيما المشاريع الموجودة في مجلس النواب، لوضع البلد على سكة التعافي”.
وإذ أكد الموفدُ الفرنسي انه “آت الى لبنان لاكمال مهمته”، ولن يبدي رأيه قبل استكمال الاتصالات واللقاءات التي سيقوم بها، واصل لقاءاته أمس بزيارة بارزة لقائد الجيش العماد جوزف عون، الذي ترتفع أسهمه كمرشح ثالث يمكن أن يكسر الاصطفاف الحاد وينتهي معه الشغور الرئاسي، ثم باجتماع مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل.