كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
في يومه الثاني سيكمل الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان مسار لقاءاته فيلتقي «حزب الله» وبعض القوى السياسية لمتابعة البحث في الرئاسة ومخارجها. في اليوم الأول رفع شعار الحوار وتلاقى مع مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري من دون الغوص في التفاصيل، لكن مسعى لودريان لا يحظى بتزكية اللجنة الخماسية التي طوّقت جهوده بما يجعله موضع تشكيك مهما بلغ حجمه، وآيلاً إلى الفشل خاصة متى أصدرت اللجنة عينها عما قريب، بياناً جديداً في شأن لبنان، كما هو متوقع. لودريان الداعي الى الحوار ويتقاطع مع بري في شأنه، يتعارض وتوجهات اللجنة الخماسية وما ظهر في بياناتها المتكررة من دعوة لإنتخاب رئيس للجمهورية بفعل جهود الداخل من دون ذكر الحوار أو الدفع في اتجاهه.
تنوعت لقاءات الموفد الرئاسي جان ايف لودريان أمس. أعطى لكل مقام مقال، فأكد من السراي دور بلاده المستمر في دعم لبنان، وأنّه سيكمل وساطته للتوصل إلى حل لإنتخاب رئيس للجمهورية من خلال الحوار. لم يوضح عن أيّ صيغة حوار يقصد، لكنه قال في لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إنه سيكمل وأنّ بلاده لن تترك لبنان، من دون أن يدخل في التفاصيل أو يحدد مواعيد لنهاية مهمته. وفي اليرزة أكد دور الجيش ودعمه من دون أن يذكر الموضوع الرئاسي من قريب أو بعيد.
وفي عين التينة كان التقارب سائداً بين بري والموفد الفرنسي، ووجهات النظر بينهما «متطابقة»، بما يفسّر أنّ الحوار هو كلمة السر التي سيعمل على بلورتها الطرفان «تحت طائلة المسؤولية»، فمن يلبي هو «الحريص على مصلحة البلد».
أما «حزب الله» الذي يستعد للقائه، فيتعامل باهتمام مع طروحاته، وإن كان لا يزال على موقفه القائل إنّ الوقت لم يحن بعد لانتخاب الرئيس، معولاً على نتائج حواره مع «التيار الوطني الحر». وهو يدعم دور فرنسا التي تقارب الأمور بواقعية وبراغماتية، وتدرك أنّه لا يمكن الذهاب إلى جلسات انتخابية متتالية يسودها التنافس من دون وجود حد أدنى من التوافق، الذي لن يتأمن إلا بالحوار، لذا تعتبر أنّ مبادرة بري ايجابية، وهي تكملة لمبادرة لودريان أو تتلاقى معها.
وتفضي الإتصالات التي سبقت وصول الموفد الفرنسي ومن خلال التواصل المستمر بين الفرنسيين و»حزب الله» إلى القول إنّ فرنسا ترفض فكرة الذهاب نحو معركة «كسر عضم» رئاسية، وإنّ عملية كهذه وإن أفضت إلى انتخاب رئيس فإنّها لن تفضي الى انتاج الإستقرار المطلوب.
ولا تلتقي المعارضة مع نظرة كهذه إلى الدور الفرنسي. وهي ستسعى إلى افراغ أي طرح يقدمه لودريان من مضمونه، خاصة اذا كان متعلقاً بالحوار الذي دعا إليه بري. ينتظر هؤلاء نتائج الاجتماع المرتقب للجنة الخماسية وموقف السعودية الرافض للحوار. التعامل مع لودريان ودور بلاده لم يعد من منطلق أنّه يمثل اللجنة الخماسية أو يتحرك بقوة دفع منها، بل لأنّ فرنسا لا تزال تبحث عن دور. ناهيك عن الخلاف على هذا الدور في أروقة الإليزيه، وفق ما يتردد، ما يؤشر إلى أنّ لودريان يمثل جناحاً يصر على إثبات دوره في لبنان مقابل فريق يعارض هذا المسعى منتقداً تقارب بلاده مع السلطة.
أمّا في لبنان فإنّ معارضي حراك لودريان أو الداعمين له، يدركون أنّ هذا الحراك مرهون بتبلور الظروف المناسبة التي لم يحن أوانها بعد. أمّا بعد زيارة لودريان، فلكل حادث حديث.