كتب منير الربيع في “الجريدة” الكويتية:
لا مؤشرات تفيد بالوصول إلى حلّ جذري للمعارك الدائرة في مخيم عين الحلوة، فكل المساعي واللقاءات والجهود التي تبذل في سبيل الوصول إلى وقف لإطلاق النار مقابل تسليم المتهمين باغتيال قائد الأمن الوطني أبو أشرف العرموشي، تبوء بالفشل.
لا القوى الإسلامية تبدو جادة في تسليم المتهمين، ولا حركة فتح تبدو مستعدة للتراجع عن التصعيد العسكري، وسط عدم بروز مؤشرات تفيد بأنه لديها قدرة عسكرية على الحسم.
وعليه، سيبقى المخيم بؤرة توتّر مفتوحة، لا سيما أن الاجتماع الذي عقد في السفارة الفلسطينية قبل يومين بين حركتَي فتح وحماس كان عاصفاً، فالأولى تتهم الثانية بتوفير الحماية والدعم للقوى الإسلامية، فيما «حماس» تتهم «فتح» بأنها تسعى إلى تدمير المخيم تحت عنوان محاربة القوى الإرهابية، ومن دون تحقيق نتائج.
وتعيد المعارك الدائرة الصراع على النفوذ داخل المخيمات، بما فيها من ارتباطات داخلية وخارجية، فيما يسعى كل طرف إلى تعزيز قواته ووجوده. بينما هناك من يأخذ أبعاداً لهذه المعارك، بأنها محاولة جديدة للسيطرة على القرار الفلسطيني والإمساك بواقع الأرض، وسط محاولات لاستدراج قوى جديدة إلى قلب المعركة، كما حصل في محاولة استهداف الجيش اللبناني يوم الاثنين، وكما حصل في استهداف أحد القادة العسكريين في تيار الإصلاح المنشق عن حركة فتح، إلا أن الاتصالات نجحت في لملمة الموضوع ومنع تفاقمه أو انفجار الصراع في حي جديد من أحياء المخيم.
في هذا السياق، ترى أوساط فلسطينية متابعة أن ثمّة ملاحظتين يخرج بهما المتابع للقاءات التي عقدها المسؤول الفلسطيني عزام الأحمد في لبنان، وأهمها اللقاء الذي عقد في السراي الحكومي بحضور الأحمد، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقائد الجيش جوزيف عون والمدير العام للأمن العام، اللواء الياس البيسري، ومدير المخابرات طوني قهوجي، مما يشير، بحسب هذه الأوساط، الى أن «فتح» أتت لتبلغ الدولة اللبنانية بما لديها من معلومات أمنية حول ما رصدته من تواصل بين استخبارات الدولة الأجنبية التي تحدّث عنها عزام لاحقاً، وبين المجموعات المسلحة التي تقاتلها «فتح» في عين الحلوة، أو أن «فتح» أتت لتحصل من الدولة اللبنانية على ضوء أخضر لبدء معركة الحسم في المخيم، بعدما وضعت بين يديها كل المعطيات الأمنية التي لديها، وذلك على قاعدة «اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد»!. والثانية في مضمون كلام الأحمد نفسه، حيث تحدث عن سقف زمني للتسليم، وإلا الذهاب إلى معركة للحسم العسكري.
كل هذه التطورات، دفعت العماد جوزيف عون إلى زيارة مدينة صيدا وتفقّد الوحدات العسكرية هناك، فيما عمل الجيش اللبناني على إرسال تعزيزات عسكرية، ومن فوج المغاوير تحديداً، تحسباً لحصول أي تطورات، خصوصاً أن الجيش يؤكد أنه سيمنع توسع رقعة الاشتباكات إلى خارج المخيم، كما أنه سيكون جاهزاً للتدخل في حال دعت الحاجة.
وتأتي هذه الأحداث في ظل اختتام المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان زيارته إلى لبنان، مما يدفع البعض إلى رسم صورة رمزية لكل التطورات، تتعلق بإمكانية تكرار سيناريو مخيم نهر البارد، الذي خاض فيه الجيش معارك ضارية لتثبيت الأمن والاستقرار وإخراج «فتح الإسلام» منه، وبعدها قادت التسوية إلى انتخاب قائد الجيش حينها رئيساً للجمهورية، وهناك من يعتقد بإمكانية تكرار السيناريو نفسه في المرحلة المقبلة.