كتبت لينا فخر الدين في “الأخبار”:
في الذكرى السنويّة الثالثة لاستشهاد 4 عسكريين على أيدي عناصر تابعين لتنظيم «داعش»، أصرّت المحكمة العسكريّة على إنهاء الملف في ما يعرف باسم «خليّة كفتون»، بعدما قصد عددٌ من العناصر المسلّحة البلدة الواقعة في قضاء الكورة بقصد سرقة أحد المنازل في أميون، واشتبكوا مع 4 من أهالي كفتون وأردوهم، قبل أن يلوذوا بالفرار. وقد أحيل الملف في حينه إلى المجلس العدلي بعدما حاول البعض استغلاله في إثارة نعرات طائفيّة.
رئيس «العسكريّة» العميد خليل جابر أصرّ على استجواب الموقوفين وإبقاء أعضاء الهيئة في مقر المحكمة حتّى الخامسة فجراً لإصدار الأحكام، بعدما قسّم الملف إلى 3 أجزاء لعدم إمكانيّة السيْر فيه في جلسة واحدةٍ بسبب الجلبة التي أحدثها وجود 34 موقوفاً في قاعة المحكمة، وتخلّف عدد من الموقوفين أو وكلاء الدّفاع عن الحضور.
في الجزء الأول، صدرت في حق عدد من الموقوفين، في 6 أيلول الجاري، أحكام تراوحت بين 3 و8 سنوات، وكان الجزء الثاني الأسبوع الماضي مخصصاً لمعظم الموقوفين بفعل جرمٍ غير ثابت أو التدخّل في الجرم الأساسي عبر إيواء أحد المطلوبين أو نقله من دون علم بتورّطه في الجريمة، وأُطلق سراح الموقوفين الـ 10 بعد الحكم عليهم باكتفاء المدّة. وكانت جلسة أول من أمس «الأدسم» لناحية خطورة الموقوفين وتورّطهم المباشر في الجرائم المُرتكبة ومُبايعتهم لتنظيم «داعش». ولذلك، حاول بعض المحامين «تطييرها» بعد جدلٍ طويل مع هيئة المحكمة، حسمه جابر بالإصرار على متابعة الجلسة التي استمرّت أكثر من 3 ساعات، قبل أن تنتقل إلى المذاكرة وكتابة الأحكام لأكثر من 6 ساعات.
وتُعدّ هذه القضيّة من أكثر القضايا تعقيداً، وخصوصاً أنّ المتورّطين ارتكبوا أكثر من جريمة: فإلى قتل أربعة من أهالي البلدة، اقتحم أحد أفراد المجموعة مدخل ثكنة للجيش مرتدياً حزاماً ناسفاً وأطلق النّار من بندقيته وقتل مجنّدين اثنين، كما قتل أفراد المجموعة 4 عسكريين وأصابوا آخرين خلال مداهمة قام بها الجيش وفرع «المعلومات» لأكثر من منزل، إضافة إلى تورطهم في عمليّات تهريب أسلحة وجمع تبرّعات لجرحى سوريين وعمليّات سلب وسرقة حصلت في أكثر من منطقة.
تشعّب العمليّات التي قامت بها المجموعة وتجاوز عدد أفرادها الـ 30 استدعى من الأجهزة الأمنيّة جهوداً مكثفة لإلقاء القبض عليهم خلال فترة تفوق الشهر ونصف الشهر، ما أدّى إلى ضياع لدى الأجهزة الأمنيّة وإضفاء المزيد من الغموض بعد مقتل 9 من أفراد المجموعة في مداهمة في وادي خالد، أبرزهم: اللبنانيان عمر بريص الملقّب بـ«محمود» وخالد التلاوي الملقّب بـ«أبو بكر» (الرأس المدبّر)، والسوري محمّد الحجّار الملقّب بـ«أبو البتار الشامي». وثبت بنتيجة التحقيقات الأوّلية والاستنطاقية أنّ الحجّار كان صلة الوصل مع «داعش» عبر قيادي ملقّب بـ«أبو صخر» كان ينسق معه لتحديد المهمات وإعطاء التفاصيل عن أفراد المجموعة، ونال موافقته على مخطّط للتسلل إلى سوريا وتنفيذ عمليات اغتيال فيها، وتنفيذ أعمال انتقامية ضد «نصارى» لبنان، والوصول إلى قرى «الرافضة» والاعتداء على «الجواسيس» منهم و«المهربين»، والتسلّح والقيام بأعمال سلب لـ«أعداء الله». وقد عمد أفراد المجموعة إلى سرقة مواد متفجرة من مقلع في بلدة كفتون، كان أحدهم يعمل فيه، كما نفّذوا عمليات سرقة وسلب في أكثر من منطقة من أجل التمويل الذاتي للقيام بأعمال إرهابيّة في الدّاخل اللبناني.
علاقة سرية بشخصية معروفة لن تتوقعها! حبيب أليسا يصدم الجميع
حاول الموقوفون في الجلسة التنصّل من المسؤولية عن قتل عناصر الجيش، ووضعوا الأمر برمّته لدى التلاوي الذي توفّي في إحدى المداهمات. وأقرّ بعضهم بالانتماء إلى «داعش»، نافياً تكليفه بأي مهمّة، فيما قال آخرون إنهم لم يُبايعوا التنظيم، بل كانوا يُتابعون أخباره لميْلهم إلى هذه «الحركة الإسلاميّة».
واستمرّ استجواب الموقوف أحمد الشامي الملقّب بـ«أبو عبد الله الشامي» لأكثر من ساعة ونصف ساعة، إذ هو أحد أهم العناصر الذين بقوا على قيد الحياة وشارك في عمليتَي قتل 4 من أبناء كفتون وإطلاق النّار على عناصر الجيش. ونفى الشامي أن يكون قد شارك في إطلاق النار، مؤكداً أن «التلاوي هو الفاعل»، ما استفزّ جابر الذي توجّه له بالقول: «بدك تقنعني إنك كنت متفرجاً خلال العمليتين».
وزعم المتهم عبد الرزاق الرز أنه قام بإيواء الخليّة تحت التهديد، وهو ما لم يقنع هيئة المحكمة باعتبار أن الأخير خبّأ أفراد المجموعة لأكثر من أسبوعين، وكان يؤمّن لهم جميع احتياجاتهم.
وفجر أمس، أصدرت «العسكريّة» أحكامها على: الشامي بالإعدام، والرز بالسجن 15 عاماً، وإيهاب شاهين وعبد الله البريدي وأحمد اسماعيل بالسجن 12 عاماً، وطارق عيسى ومصطفى مرعي بالسجن 7 سنوات، وعبد الكريم التلاوي وأحمد الميس ومحمّد صبرا بالسجن 5 سنوات، ومحمد الغزاوي وعبد الرحمن صلاح بالسجن 3 سنوات.