IMLebanon

الشغور يتمدّد: “الحزب” لم يتخلّ عن دعم فرنجية

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

خلاصتان متناقضتان انتهت إليهما الجولة الثالثة للموفد الفرنسي جان- إيف لودريان: تفيد الأولى وهي التي تتسلّح بها المعارضة وبعض القوى الجالسة في الوسط وقد تلاها وزير الخارجية الفرنسي السابق على مسامع بعض من التقاهم، بأنّ زمن سليمان فرنجية وجهاد أزعور قد ولى، وحلّ زمن البحث عن مرشح ثالث. أمّا الثانية فحاضرة في خطاب وسلوك الثنائي الشيعي وتقول: لا يزال سليمان فرنجية مرشّحنا، ونقطة على السطر.

لكن القراءتين تلتقيان عند تقاطع مشترك يكاد يختصر محضر اللقاءات التي عقدها لودريان خلال الأيام الثلاثة التي أمضاها في بيروت: لم يحمل الدبلوماسي العتيق أي طرح جديد، ولم يقل شيئاً قد يضيف إلى رصيد مبادرة إدارته وينقذها من فشلها المحتوم. بتعبير واحد: جولة لودريان هي عبارة عن حفلة علاقات عامة لا تقدّم ولا تؤخّر.

حتى أنّ هناك من يذهب إلى حدّ القول إنّ الموفد الفرنسي رتّب حقيبته على عجل بطلب من إدارته التي انتابتها الخشية من انخراط أميركي- إيراني مباشر في الملف اللبناني، وذلك على أثر الزيارة المتزامنة لكلّ من مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين، ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت، ما دفعها إلى استعجال عودة لودريان إلى بيروت، من باب حماية مكانة باريس في الملف اللبناني، بعدما أوحى الحراك الأميركي- الإيراني وكأنّ مياهه تجري من تحت قدمَي الإدارة الفرنسية التي طلبت من موفدها العودة على عجل إلى الساحة اللبنانية من باب تذكير القوى السياسية «أنّها هنا»، كي تكون شريكة في الطبخة عند نضوجها.

أمّا غير ذلك، فلا جديد في جولة الموفد الفرنسي باستثناء حرصه على حماية مشروع رئيس مجلس النواب نبيه بري الحواريّ الذي يبدو أنّه صار في مهب الريح، حتى لو عقد، لكنه سيكون أعرج بفعل إصرار الكتل المعارضة، ولا تزال، على مقاطعة أي طاولة حوارية، تحت عنوان رفض تكريس أعراف جديدة تجعل من الطاولات الحوارية ممراً إلزامياً لمعالجة أي أزمة دستورية أو أي استحقاق.

بهذا المعنى، أقفل لودريان عائداً إلى بلاده من دون أن يحقق أي خرق في جدار الرئاسة، غافلاً أو متناسياً أنّ القوى اللبنانية، على اختلاف توجهاتها، لن تمنح باريس امتياز صناعة تفاهم يأتي برئيس للجمهورية، طالما أنّ القوى الدولية «الأصيلة» جاهرت بوجودها على الساحة… ومع ذلك، هو يراهن على مشروع المشاورات التي سيقودها بري من جديد، اذا لم تلتئم طاولة الحوار، ليحدد بعد ذلك موعداً جديداً لجلسة انتخابية سيكون رقمها 13، تبقى مفتوحة في دوراتها، ولكن من دون أن تؤدي إلى حصول أي مرشح على 65 صوتاً، فيستسلم الجميع، وتحديداً القوى التي لا تزال متمسكة بموقفها، ويتوجهون للبحث رضائياً عن خيار ثالث. هذه قناعات لودريان التي أسرّ بها قبل مغادرته.

ولكن، بينما تفاخر قوى المعارضة بأنّها قطعت الطريق على مشروع ترئيس فرنجية، نتيجة رفضها للمبادرة الفرنسية وإصرارها على مواجهة «إملاءات» باريس، لتفتح الباب أمام سيناريو جديد ضمن مساحة توافقية تأتي برئيس من خارج الإصطفافين، لا يزال الثنائي الشيعي وتحديداً «حزب الله» عند رأيه داعماً ترشيح فرنجية رافضاً البحث في أي اسم أو ترشيح بديل أو ثالث.

بهذا السياق، كانت زيارة رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد إلى بنشعي، والتي جاءت في أعقاب لقاءين بارزين، الأول مع قائد الجيش جوزاف عون والثاني مع لودريان. وتقول مصادر معنية إنّ لكل من اللقاءات الثلاثة سياقه السياسي، الذي لا يشكّل ربطاً بالآخر، كاشفة أنّ رعد أعاد تأكيد المؤكد أمام فرنجية وهو أنّ «الحزب» لم يتراجع عن دعمه وقراره بترشيح فرنجية نابع من قناعة وليس ردّة فعل. وبالتالي لن يتخلى عنه. ما يعني أنّ التعويل على خرق ما في المرحلة الراهنة، ضرب من ضروب الخيال.

بناء عليه، تصير الزيارة المرتقبة للموفد القطري والتي لم تحدد مواعيدها بعد، موضع تدقيق جدي. وفق قوى المعارضة، فإنّ جولة الموفد القطري ستدشّن مرحلة جوزاف عون كمرشح توافقي للرئاسة. طبعاً، لا ضوء أخضر إيرانياً لتقديم قائد الجيش مرشحاً توافقياً، ومع ذلك سيحاول القطري خرق الجمود الداخلي من خلال العمل على إقناع القوى المحلية بهذا الترشيح. وهو احتمال ضعيف جداً خصوصاً وأنّ هذه المهمة قد تكون محكومة بمهلة زمنية ترتبط ببلوغ العماد عون السنّ القانونية مطلع كانون الثاني المقبل. واذا ما انتهت هذه المهلة من دون تحقيق تقدم، وهو المرجح، يصار إلى البحث عن مرشح جديد توافقي. والشغور يتمدّد.