كتبت رماح هاشم في “نداء الوطن”:
يعود مطار القليعات من جديد ليستأثر بالاهتمام لا سيّما مع طي مرحلي لصفحة مشروع «terminal 2” لتوسعة مطار رفيق الحريري الدولي إثر اعتراضات على عدم مرور المشروع بالإجراءت القانونية المطلوبة وهيئة الشراء العام. ومن هذا المنطلق شحذ نواب الشمال وعكار الهمم، واستفاقوا على ضرورة إعادة تفعيل مطار القليعات لأسباب أبرزها التنمية المتوازنة على صعيد الشمال.
ويؤكد رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل النائب سجيع عطية قيام نواب المنطقة بجولات على كافة القوى السياسية التي لمسوا منها موافقة مبدئية، ورغبة في إعادة تشغيل هذا المطار الذي أمّن لمدة 4 سنوات تقريباً حركة طيران في منطقة الشمال ما بين عامي 1988 و1993.
يعدّد عطية خلال حديث مع صحيفة «نداء الوطن» الأسباب الملحة لضرورة إعادة تفعيل مطار القليعات، وهي:
الضغط الكبير الذي يشهده مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، لأن القدرة الإستيعابية أقل من عدد الوافدين إلى لبنان.
السبب الثاني كما يؤكد عطية هو التنمية لمنطقة عكار. كما ان الإستثمار في المطار مجدٍ ومربح، لا سيما أن كلفة إعادة تأهيله وصيانته ليست كبيرة.
والسبب الثالث والأهم هو أن هذا المطار سيتم تلزيمه وفق نظام الـ»bot» بحوالى 60 مليون دولار لن تتكبد الدولة منها قرشاً واحداً وفق هذا النظام.
ويلفت عطية إلى أنهم «تلقوا وعداً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بأنه لن يتم التطرق إلى مطار بيروت قبل أن يتم البت بمطار القليعات، فمع خطوة وضع مطار بيروت على جدول أعمال أي جلسة سيكون مطار القليعات على جدول أعمال الجلسة نفسها، كما أنهم حصلوا على وعد من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حتى أن مجلس النواب بأغلبيته متضامن معهم أو بالأحرى متضامن مع حق إعادة تشغيل المطار، مشيراً إلى أنه مع «إعادة انتظام عمل المؤسسات في الدولة من المرجح أن يتم عرض ملف مطار القليعات على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء لتتكفل بعد ذلك شركة ما بتمويله وصيانته».
وإذ يتوقع عطية أن «يتمكن مطار القليعات من استقبال ما يقارب المليوني راكب»، يؤكد أن «أهمية المطار من دون عمليات الشحن كبداية، هي تخفيف جزء كبير من الضغط عن مطار بيروت. فكما هو معروف، مطار بيروت مخصص لعدد ركاب يتراوح بين 6 و7 ملايين لكنه يستقبل 10 ملايين، بالتالي أصبح هذا الأمر يشكل عبئاً على البنى التحتية في بيروت والمحيط. لذلك من الأفضل وجود مطار ثان. ومطار القليعات مناسب، فبإمكاننا تخفيف الضغط عن بيروت بحوالى مليوني راكب، وكذلك التخفيف من الإزدحام في بيروت، كما أنه من الممكن إستقطاب عدد أكبر من السياح»، لافتًا إلى أنهم «يطمحون في المستقبل لتوسيع المطار ليُصبح مطاراً تجارياً وإقتصادياً أيضاً».
ويتحدث عطية عن الفوائد الإقتصادية التي سيحققها مطار القليعات، وهي:
مساهمته بتوظيف ما يقارب الـ 2000 إلى 3000 يد عاملة، إضافة إلى تحسين البنى التحتية وتحسين المنطقة بشكل عام. ويلفت هنا إلى أنه «يجب ألّا ننسى بأن عكار هي السلة الغذائية الثانية في لبنان. وبالتالي فإن لموضوع الشحن وتنشيط الزراعة أهمية بالغة، كما أن المطار على مقربة من الحدود مع سوريا والساحل السوري. وإذا فتحت الحدود بين سوريا والعراق سيكون لدينا إمكانية توفير الخدمات إلى البلدين، إضافة الى أنه في حال إزداد عدد السياح بما يقارب المليونين، فمن المرجح أن يدخلوا إلى لبنان حوالى 40 إلى 50 مليون دولار فستزداد أرباح الخزينة، عدا أن إزدياد عدد السياح سيساهم في إدخال العملة الأجنبية إلى السوق المحلي «. وعن المدة الزمنية التي يحتاجها ليصبح المطار فعالاً، يشير إلى أنه «عملياً كل شيء متعلق بالسياسة. فإعادة تأهيله وتشغيله بحاجة إلى عام تقريباً في حال اتخذ القرار بأقرب وقت، فهناك الكثير من الشركات أعلنت استعدادها للعمل وفق مبدأ الشراكة مع الدولة. فالإدارة تكون أجنبية أو للشركة الخاصة والملكية تبقى للدولة اللبنانية».
كما أن لبنان يملك مطاراً آخر يُستخدم للأغراض العسكرية حالياً هو مطار رياق في البقاع. ومع فورة المطالبة بإنشاء مطارات جديدة بات لزاماً تسليط الضوء على هذا المطار نظراً لجدواه الإقتصادية في منطقة البقاع والتي هي على مقربة من الحدود السورية أيضاً. كرئيس لجنة أشغال يفيد عطية أنه «يتابع موضوع القليعات لأنه قضية كتلة الإعتدال ونواب عكار، إضافة إلى متابعته تحسين مستوى مطار بيروت. أما مطار رياق فليس هناك من مانع أن يكون الخطوة الثانية، حيث أنهم يعملون على مخطط توجيهي للمطارات في لبنان. ولا مانع من أن يكون في لبنان مطاران أو ثلاثة. فأغلبية دول العالم يوجد فيها 4 إلى 5 مطارات».
ويشير الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي أنيس أبو دياب لـ «نداء الوطن»، إلى 3 فوائد إقتصادية لمطار القليعات هي:
أولاً، ستتمكن الدولة من توسيع إمكانياتها في البنى التحتية، فالمطار سيساهم في زيادة الثروة الوطنية.
الأمر الثاني، يتمثل بالتوظيف، حيث من المتوقع أن تستفيد منه أكثر من 200 أسرة، إضافة إلى أنه عند المباشرة بالتشغيل سيحتاح المطار لوجستياً إلى شركات لتشغيله والتي هي بدورها ستستهلك النفط، الغاز، الإسمنت، وهناك المطاعم ايضا… مما سيساهم في إنعاش ونهوض المنطقة ويرفع منسوب مداخيلها.
أما الأمر الثالث فهوالقدرة الإستيعابية لعدد السياح في لبنان، فمع الواقع الحالي يتجنب الكثير المجيء إلى لبنان بسبب الإزدحام الكارثي الذي يشهده مطار بيروت والذي هو أيضاً بحاجة إلى إعادة توسعة. ويرى أبو دياب أن «إعادة تفعيل مطار القليعات يوفر كثيراً من الأعباء على أبناء الشمال لا سيّما أن الوصول إلى بيروت يواجه مصاعب كثيرة لما نشهده من تحلل في البنى التحتية».
وعن مطار رياق قال انه إذا نظرنا للموضوع نظرة مستقبلية فهناك إعادة لرسم للخرائط. فسوريا، وإن لم يكن في المدى القريب، حتماً ستستعيد نشاطها بغض النظر عن طبيعة النظام السياسي فيها وتحتاج إلى إعادة إعمار، وبالتالي هذا أيضا مدخل حيث أن مطار رياق هو على بعد كيلومترات قليلة من دمشق، وبالتالي سيشكل قاعدة لوجيستية أساسية ويمكن استخدامه كمرفق أساسي في إعادة إعمار سوريا»، وفق ما يلفت أبو دياب.
وبشكل عام يعتبر أبو دياب أن «توسيع خيارات المطارات في لبنان هو توسيع للبنى التحتية، وزيادة في امكانات استقبال السياح وزيادة حجم الأعمال والناتج المحلي والذي ينعكس مباشرة على الدخل الفردي».
أما ما يُشكله مطار رياق من أهمية لأبناء البقاع، فيوضح النائب ينال الصلح لـ «نداء الوطن»، أن «إعادة تشغيل مطار رياق يصب في خانة الإنماء المتوازن ويخلق فرص عمل، ويساهم بتخفيف الضغط عن مطار بيروت، كما أنه يخفف جهد ووقت ومصاريف المواطن البقاعي». لكن الصلح يلفت إلى أنّ «هذا الملف لم يتم التطرق إليه حتى الساعة، ولم يُطرح على طاولة البحث.