كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:
بعكس التحليلات التي تمّ تداولها بعد مغادرة المبعوث الرئاسي الفرنسي الخاص جان ايف لودريان لبنان، والتي روّجت عمّا أسمته «الزيارة الاخيرة» للودريان، اكّد مصدر ديبلوماسي فرنسي لـ»الجمهورية»، انّ لودريان عائد حتماً الى لبنان حتى انتهاء الملف الرئاسي، موضحاً أن ليس هناك تناقض بين مهام لودريان في عمله الجديد الذي سيتسلّمه في السعودية مطلع الشهر المقبل، ومهمّته الرئاسية في لبنان، ولذلك هي مستمرة حتى إشعار آخر.
وفي السياق، اكّد المصدر لـ«الجمهورية»، انّ لودريان سيعود الى لبنان بعد انتهاء اجتماعاته مع اعضاء اللجنة الخماسية في الولايات المتحدة الاميركية. كاشفاً انّ بياناً مهمّاً سيصدر، حاملاً معلومات دسمة بمعانٍ بالغة الاهمية.
واشار المصدر لـ«الجمهورية»، انّ مهمة لودريان لم تنتهِ بعد في لبنان، استناداً الى دعم الدول الخمس لمهمّته وللجهود المستمرة التي يبذلها المُعلن منها وغير المُعلن عنها، في سبيل تحرير الملف الرئاسي وليس فقط تحريكه. غير انّه لم ينف انّ رحلته الاخيرة إلى لبنان لم تكن سهلة، وواجهت صعوبات ومواجهات بينه وبين أطراف عدة، بل كانت هناك نوايا واضحة من قِبل البعض لعرقلة الحلول، ولهذا عبّر لودريان عن استيائه من مواقف بعض السياسيين الذين لا يجتهدون لإيجاد حلّ، بل يعيشون حالة كسل دائمة بانتظار ان تأتي اليهم الحلول من الخارج، الاّ انّ ذلك لن يمنع لودريان من العودة لاستكمال مهمته.
وكشف المصدر، انّ مجيء لودريان حرّك الملف الرئاسي انما ليس بالشكل الذي كان مأمولاً منه ومتوقعاً، انما الإنجاز الذي حققه كان في التقدّم في مفهوم الجلسة الانتخابية، وقبل ربطها بموضوع الحوار؛ كان يكتنف هذه الجلسة غموض حول مضمونها اي: ما هي هذه الجلسة؟ هل هي انتخابات مفتوحة؟ كيف نفسّر المادة 49 من الدستور؟ تأمين النصاب من الدورة الاولى ام الثانية؟ المطالبة بأن يكون المجلس بحالة انعقاد دائمة؟ كل تلك الامور اتضحت بعد مجيء لودريان، في وقت كان الجميع يجتهدون في تفسير شكل الجلسة كما يحلو لهم وكل بطريقته، اما بعد زيارة لودريان فتوصّل الجميع الى اتفاق موحّد حول دورة مجلس النواب بجلسات متتالية الى ان يتمّ انتخاب رئيس. هذا بالاضافة الى تأمين النصاب. علماً انّ لقاءات لودريان الثلاثة مع الرئيس نبيه بري اكّدت المؤكّد، اي انعقاد الجلسة مع دورات متتالية اصبحت محسومة عند الجميع ولا رجوع عنها، كذلك فكرة تأمين النصاب.
وهذا الواقع، بحسب المصدر نفسه، يشكّل تقدّماً ايجابياً في تحريك الملف الرئاسي، ولكن الكرة اليوم اصبحت في ملعب المرشحين للرئاسة. وعن هذا الواقع يكشف المصدر، انّ فرنسا لن تتدخّل بعد الآن في موضوع الاسماء. وعمّا اذا كان هذا الامر يعني انّ فرنسا تراجعت عن طرح اسم فرنجية، يؤكّد المصدر انّه في وقت من الاوقات لم يكن هناك «تابو» في طرح اسماء، وبمجرد ان لمّحنا الى اسم، سُمّي علينا اننا نفضّل مرشحاً على آخر، وبصراحة استُهدفنا لأجل ذلك من قِبل اطراف عدة وشُنّت علينا حملات مبرمجة منذ آذار حتى اليوم. لذلك قرّرنا عدم الخوض بالاسماء مجدداً. ونحن بالاتفاق مع الدول الخمس نعتبر انّ طرح الاسماء هو في عهدة اللبنانيين والمرشحين للرئاسة تحديداً، ومتفقون على ذلك وعلى نفس الموجة، علماً انّ الدول الخمس في اجتماعاتها لم تطرح ابداً اسماء، وعندما طرحناها، حصل ذلك من باب تداول اللبنانيين لهذا الاسم او ذاك. لذلك نعمل اليوم على فكرة تأمين الآلية الدستورية لانتخاب الرئيس فقط، اما اللعبة السياسية فندعها للمجلس النيابي والاطراف السياسية اللبنانية، وليؤمّنوا انتخاب مرشحهم بالعمل السياسي، لأنّ هذا عملهم إن من خلال المشاورات او من خلال تنسيق الكتل السياسية والنيابية في ما بينها، وهذه هي اللعبة السياسية في بلاد العالم، وهو امر بديهي، لذلك لا احد من الدول الخمس ولا فرنسا تريد التدخّل في اللعبة السياسية.
اما عن لقاءات لودريان، فكشف المصدر انّها كانت جيدة مع كل الاطراف وتحديداً مع «حزب الله». كاشفاً انّه لم يتطرّق في لقاءاته مع الحزب الى طرح اسماء، مؤكّداً انّ اي دولة لن تخطئ مرة اخرى في طرح اسماء او التداول بأسماء للرئاسة اللبنانية. واشار الى انّ فكرة المرشح الثالث واردة. وصحيح انّ قائد الجيش قد يكون مرشحاً، ولكن هذا لا يعني انّ الخيار الثالث لا يمكن ان يكون شخصية اخرى غير قائد الجيش. والخيار الثالث هو عند تلمّسنا عدم امكانية مطلقة في ايصال احد المرشَحَيْن المطروحَْيْن.
عن موعد عودة لودريان الى لبنان، يجيب المصدر بأنّها ستكون في آخر الشهر الجاري او اوائل الشهر المقبل، على ان يكون برنامج عمله في لبنان مستنداً الى نتائج اجتماعه مع الدول الخمس الذي انعقد امس في الولايات المتحدة، كاشفاً انّه سيتمّ اصدار بيان جامع يتضمن معلومات كثيرة وبالغة الاهمية ويحمل معاني مهمّة كثيرة.
في المختصر، يقول المصدر الديبلوماسي الفرنسي، انّ الامور تتحرّك، وهناك زيارات مهمّة سيقوم بها لودريان فور عودته، لأنّ الامور لم تنته بعد ولم تستوِ الطبخة الرئاسية.
هذا وقد علمت «الجمهورية» انّ البيان المرتقب سيوجّه المسؤولية المباشرة بالاسم الى المسؤولين السياسيين المعرقلين للملف الرئاسي، وينبّههم بضرورة القيام بواجباتهم. اما بالنسبة للعقوبات والاحتمال في ان يتضمن البيان اياً منها يجيب المصدر: «قد لا توجّه الدول الخمس عقوبات مجتمعة الى المسؤولين عن التعطيل، ولكن من الممكن جداً ان تفرض تلك الدول كل على حدة، عقوباتها الخاصة على المسؤولين عن التعطيل ومن بينهم فرنسا.
وعند سؤالنا عمّن أتعب لودريان اكثر، يجيب المصدر: «الحمد لله كلن».