كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
ليس مفهوماً دور قطر في الملف الرئاسي اللبناني، هل تعمل بدعم من اللجنة الخماسية أم بمعزل عنها؟ وما مستوى التلاقي بين دورها ودور فرنسا وموفدها جان ايف لودريان؟ منذ مدة بدأت الدوحة الحراك للدفع في اتجاه دعم ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، طرحته في أثناء اجتماعات اللجنة الخماسية، فكان جواب الفرنسيين أنّ انتخابه غير ممكن ما دام لا يحظى بتأييد «حزب الله».
يختلف طرح قطر عن طرح الفرنسيين، لكنّه يحظى بتأييد ممثلي الولايات المتحدة ومصر والسعودية التي كانت السبّاقة الى تأييد قائد الجيش. لكن السؤال: ما هو حجم قطر في المعادلة الإقليمية؟ وهل يمكن تسليفها في الملف الرئاسي؟
أي استفسار عن مستقبل الرئاسة، يحيل أهل الحل والربط إلى المبادرة الفرنسية لحاملها جان ايف لودريان، ثم المبادرة القطرية التي تتركز على دعم ترشيح قائد الجيش، لكنها مجهولة باقي التفاصيل.
أكثر من موعد ضرب لوصول الموفد القطري إلى لبنان، ليعلن أنّ زيارته أرجئت من دون توضيح الأسباب الموجبة للزيارة أو لتأجيلها. لبنان المتعطش لأي دور من أي جهة كانت، يستبشر بدور قطر، وإن كانت معالمه غير واضحة تماماً. يبدو مستغرباً تعامل قطر مع الملف الرئاسي كأنّه ملف أمني وليس سياسياً! يُعلن عن وصول موفدها في غضون يومين أو ثلاثة ليتبيّن أن لا زيارة، ثم يجري الحديث عن موفد أمني موجود في لبنان. لكأنها عملية مخابراتية عالية المستوى وليست تعاملاً مع ملف سياسي يقاربه سياسيون من كلا البلدين. هذا الطابع الأمني لملف سياسي يثير الكثير من الريبة، ويدعو الى التساؤل عن دور الديبلوماسية القطرية وموقعها في الحراك الديبلوماسي الذي ينشط بين الحين والآخر، أم أنّ المقصود جعل ملف الرئاسة ملفاً أمنياً.
منذ انطلاقتها كانت اللجنة الخماسية ثلاثية ثم توسّعت فدخلتها مصر فقطر على سبيل توازن الأدوار. بادرت إلى إعلان دورها بزيارة موفد أمني لبنان مراراً، جال على المسؤولين يستطلع آراءهم حول المرشح الرئاسي والموقف من ترشيح قائد الجيش. وقالت معلومات المقربين إنّ الموفد القطري الأمني الموجود في لبنان اكتفى لدى زيارته اليرزة بالتأكيد على دور المؤسسة العسكرية وتقدير قائدها، وأنّ بلاده على أتم الإستعداد لمساعدتها. بعدها اختفى أثر الموفد القطري، لكنه بقي حاضراً في الإعلام على أمل وصوله بين أسبوع وآخر إلى أن تردّد خبر زيارة وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد الخليفي في 5 تشرين الأول وقيل إنّ أسباب إرجاء الزيارة على صلة باجتماع اللجنة الخماسية وانتظار صدور بيانها.
منذ مؤتمر الدوحة وقبل حرب تموز حظيت الدوحة بتأييد لبناني واسع. وعن دورها قال رئيس مجلس النواب نبيه بري اذا كان أول الغيث قطرة فكيف اذا كانت قطر؟ ووصف «حزب الله» في الذكرى الأولى لمؤتمر الدوحة دورها «بالتاريخي». وفي أعقاب الأزمة الحالية وانعدام الأفق لإنتخاب رئيس للجمهورية طرحت امكانية عقد مؤتمر «دوحة2»، لكنه بقي في إطار الحديث العابر. بقيت قطر تحاول ولا تزال، لكن حوارها لم يشمل «حزب الله» بعد، وليس معلوماً اذا ما كانت جولة الوزير القطري المقبلة ستشمل «حزب الله». وجودها من خلال المساعدات المالية واسع وكبير، وكذلك في دعم مؤسسات خيرية.
مستفيدة من نجاح تجربة مؤتمر الدوحة، تسعى قطر للعب دور في الرئاسة، لكنها في المعادلة ليست تلك الدولة التي تستعد دول «الخماسية» لتسليفها، حيث يغلب حضور المملكة والأميركيين على حضور بقية أعضاء «الخماسية»، وإن كان هناك من ينصح بالاهتمام بدور قطر في المستقبل. لكن التماثل بفترة انعقاد مؤتمر الدوحة ليس مصيباً لاختلاف الظروف والمعطيات والتحالفات بين الدول ودخول عناصر جديدة على المشهد اللبناني تجعل الأوضاع أكثر تعقيداً.