كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
عاد المشهد الحدودي إلى الواجهة مجدّداً، إثر قيام القوات الاسرائيلية بشقّ طريق عسكرية داخل مزرعة بسطرة في مزارع شبعا المحتلة، والعمل على تغيير معالم أرضٍ لبنانية محتلة يملكها أهالي شبعا.
لليوم الثاني على التوالي تواصل الجرافات الإسرائيلية أعمالها في شقّ الطريق المحاذية لخط الانسحاب، بمؤازرة 5 دبابات «ميركافا» وسط تحليق مكثف للطيران التجسسي، من دون خرق السيادة اللبنانية. وأشرف على بدء هذا الاعتداء قائد فرقة الجليل 91 شاي كلبير، وقائد اللواء 769 آفي مرتسيانو. وتزامنت أعمال الجرف مع أعمال مسح للسياج التقني جنوب موقع العبّاد في حولا وكروم المراح عند حدود ميس الجبل، وذلك للتثبت منه وعدم تعرّضه لأي خرق.
وأدرجت أوساط متابعة التحرّكات الاسرائيلية «في خانة استطلاع النوايا»، واعتبرتها نوعاً «من الاستفزاز لمعرفة ردّ فعل لبنان»، بل ذهبت إلى حدّ القول «إنّ ما يحصل بمثابة رسائل نارية متعددة الأبعاد، بدليل وجود دبابات «الميركافا» التي رافقت أعمال الجرف في مزرعة بسطرة، وإلا لو كانت الأعمال تتم دون مؤازرة عسكرية فأبعادها عادية».
عند تخوم خط الانسحاب في مزرعة بسطرة من الجانب اللبناني كان عناصر الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية في حال تأهب، تحسباً لأي تعدٍّ على السيادة اللبنانية، فوهات الدبابات كانت موجهة ناحية عناصر الجيش اللبناني، في وقت تواصل الجرافات شق الطريق الوعرة تمهيداً لمدّ سياج شائك يحول دون دخول قطعان الماشية إلى محاذاة المواقع العسكرية.
وسعى الاسرائيلي إلى عدم خرق السيادة اللبنانية، غير أنّه أراد بأعماله رفع حال الاستفزاز عند الحدود التي تتزامن مع الحديث عن «ترسيمها»، الذي يرفضه لبنان رفضاً قاطعاً، باعتبار أنّ الحدود مرسمة عام 1923، والمطلوب اليوم الانسحاب من كل النقاط الحدودية المحتلة، وهو ما يؤكد عليه عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم الذي يصف الأشغال الاسرائيلية بشق طريق عسكرية بأنها «نوع من الاستفزاز، ودفع الأمور نحو التأزيم»، إذ كما هو واضح، يقول هاشم إن «الاسرائيلي يحاول زيادة مساحات إحتلاله ويعمد إلى تغيير معالم الأراضي المحتلة ما يشكل مخالفة قانونية، على المجتمع الدولي أن يقوم بواجبه تجاه ما يحصل ويتحمل مسؤوليته».
يبدو أن خطوة الاسرائيلي هي محاولة رفع منسوب التوتر على الحدود، وهذا دفع بهاشم للقول «المطلوب وضع حد للأمر، اذ لا يمكن السكوت عمّا يحصل». بالطبع خطوة الاسرائيلي هي نوع من توجيه الرسائل الى الداخل اللبناني، لتحريك جبهة الحدود البرية، وحضه على الدخول في تفاوض عليها. يبدو أن شق الطريق العسكرية جاء بمثابة ردّ غير مباشر على تعبيد طريق «البداية» التي تربط تلال كفرشوبا بمزارع شبعا، وكان أهالي كفرشوبا حرّروها أخيراً. صحيح أنّ الاسرائيلي لم يخرق خط الانسحاب أو الخط الأزرق، غير أنه يغيّر معالم أرضٍ لبنانية محتلة، وكما فعل في بلدة الغجر المحتلة ينتهج الأسلوب نفسه في مزرعة بسطرة، وكما قال النائب هاشم، ستكون هناك تحركات شعبية في الوقت المناسب لمواجهة هذا الاعتداء.