IMLebanon

هل يفتح استهداف السفارة أمنيًا الأبواب المغلقة سياسيًا؟

كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:

بمعزل عن هوية الجهة التي وجّهت نيران رصاصاتها الخمس عشرة الى مدخل السفارة الاميركية في عوكر ليلاً، وما اذا كانت الكاميرات الاميركية التي سجلت ورصدت الفاعلين وسيارتهم ستتيح للتحقيقات اللبنانية ان تنتهي الى نتيجة عملية تكشف المرتكبين وتقدمهم الى العدالة ام يُطوى الملف على غرار عشرات الملفات المطوية عمدا حينما تصل الى طريق الفريق الحزبي المسلح المعلوم، بمعزل عن كل ذلك، تطرح الحادثة اشكالية استراتيجية عنوانها هل بلغت الحالة السياسية درجة من المأزومية توجب المس بآخر ركائز الدولة ونسف عمودها الفقري، الامن، ام انها جزء من مجموعة رسائل واضحة يعتقد من يقف خلفها انها قد تقود الى حيث يريد؟

تقول مصادر سياسية مطلعة على الوضعين الامني والسياسي في البلاد لـ”المركزية” ان لا جو في البلاد يوحي ان ثمة مصلحة في ضرب الامن. حتى حزب الله خاطف الدولة ومصادر قراراتها يدرك انه سيكون اول المتضررين في ما لو انهارت الدولة بالكامل وعادت عجلات الزمن الى العام 1975. لكن الاشكالية تنطلق من ان مقترفي العمل اياه ليسوا من الهواة اومن يقترفون اعمالا صبيانية بل ينتمون الى جهة امنية منظمة ومحترفة قادرة على استهداف سفارة الولايات المتحدة برمزيتها وموقعها بين حاجزين للجيش اللبناني قبلها وبعدها، لا بد عمدت الى توجيه رسالة لافتة في المضمون والمكان والزمان تؤشر الى دخول مرحلة امنية مجهول مخططها حتى اللحظة.

وتضيف ان الابواب السياسية حينما تقفل بإحكام، تتجه الامور نحو عبث امني، وتجارب الاغتيالات التي ادت الى تنازلات في تشكيل الحكومات على غرار حادثة اغتيال الوزير محمد شطح التي قادت الى التسوية وشكلت ممرا لتأليف حكومة الرئيس تمام سلام، اكثر من ان تُحصى، غير ان ما فات العابثين بالأمن، هو ان “زمن الاول تحوّل” وما سرى في العقدين الماضيين انتهى مفعوله مع انقضائهما. المعارضة اضحت اكثر تصلباً ومواقفها اكثر حدّية والتراجع لم يعد واردا في قاموسها ،مهما بلغت الضغوط ، اضف ان الواقع الانهياري أضعفَ حزب الله وأفقده ميزات كثيرة تفوق فيها سابقاً، ثم ان الوضعين الداخلي والخارجي ليسا في مصلحته والواقع الشعبي الذي ينحو في جزء منه الى الفدرالية والتقسيم، كلها عوامل غير مشجعة للحزب على اختلاق فوضى امنية. وتبعا لذلك، تردف المصادر، اما ان تكون حادثة اطلاق النار على السفارة محدودة لابلاغ رسالة ما، او ان جهة معينة تفكر بالمجازفة نتيجة انسداد الافق على قاعدة “علي وعلى اعدائي”، الا ان المعطيات المتوفرة حتى الساعة ترجح الفرضية الاولى اي عدم انتزاع صمام الامان الضامن للاستقرار.

إن بلغت التحقيقات نهايتها وظهر الفاعل ومن يقف خلفه، تنتهي القضية وتتظهر الاهداف، اما إن انضم الملف الى امثاله من الحوادث المجهولة المعلومة والاغتيالات التي طالت القواتي الياس الحصروني والمفكر لقمان سليم وقبلهم كثربقيت ملفاتهم مشّرعة على التكهنات لغياب القرار السياسي والامني والقضائي بكشف الحقيقة، آنذاك تكون دويلة فائض القوة هي المستفيدة من الرسالة الموجهة لواشنطن، انما ليس بقرار ذاتي حكما، بل بأمر عمليات ايراني، ما دام استهداف واشنطن وتل ابيب قرارا استراتيجيا كبيرا لا يصدر الا من الجمهورية الاسلامية، والبحث آنذاك لا بد ان يتركز حول طبيعة الرسالة الايرانية في توقيتها والهدف، لا سيما بعد اتمام صفقة تبادل الاسرى بين الدولتين…الوقت ونتائج التحقيقات لا بدّ الا ان يكشفا المستور…فلننتظر.