IMLebanon

هل تحترق ورقة قطر كما احترقت ورقة فرنسا؟

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

في موازاة جولة السفير سعود بن عبد الرحمن آل ثاني التعارفية على المسؤولين لمناسبة تعيينه سفيراً لدولة قطر في لبنان، أعلن وصول الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني لاستكمال مسعى بلاده لإنهاء الشغور الرئاسي. لم يحدّد جدول مواعيده ولا زياراته. وإعلان وصوله كان مستغرباً، خصوصاً أنّ زياراته المتكررة لم تكن تحظى بإعلان مسبق، حيث أنّ المتعارف عليه وجود وفد أمني مواكب له في السفارة في بيروت ينفذ مهمات سياسية تُطلب منه بين حين وآخر.

قبل اجتماعها كان واضحاً أنّ اللجنة الخماسية لم تعد في وارد التسليم بالمبادرة الفرنسية، التي أقصى ما وصلت إليه هو إعلان موفدها الرئاسي جان ايف لودريان، سحب سليمان فرنجية وجهاد أزعور من لائحة المرشحين ناصحاً بالبحث عن مرشح ثالث.

قبل أن تعلن اللجنة الخماسية نهاية المبادرة الفرنسية، كان فريق داخل الإليزيه يعارض توجه لودريان وتماهيه مع الحوار، مفضلاً التموضع مجدداً عند أول الطروحات أي المقايضة بين رئاستي الجمهورية والحكومة، لكن لا هذه وجدت فرصتها للنقاش ولا الثانية نجحت. عودة لودريان التي كان يفترض أنّها ستمهد لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية من خلال لقاءات ثنائية وثلاثية، فقدت أولى ركائزها الا وهي دعم الدول الممثلة في اللجنة الخماسية. وإن منح لودريان فرصة استكمال مبادرته وإنجاز المحاولة الأخيرة ففرص نجاحه ضئيلة إزاء الانقسام حول طروحاته.

ينقل عن ديبلوماسي عربي قوله إنّ كل ما تداولته وسائل الاعلام ليس دقيقاً في شأن الخلافات بين أعضاء «الخماسية»، وإنّ الأمور ستكمل مسارها مع الموفد الفرنسي، كما مع الموفد القطري، بينما تقول مصادر مقابلة إنّ التركيز على دور قطر بدا واضحاً في الفترة الأخيرة، وسبق أن استمزج الوفد القطري آراء المسؤولين حيال مرشحين هما قائد الجيش العماد جوزاف عون والمدير العام للأمن العام بالإنابة الياس البيسري.

في تبرير دور قطر، تتحدث مصادر واسعة الإطلاع عن أنّ المملكة السعودية لم تعد مهتمة بأكثر من العناوين العريضة بالنسبة للوضع في لبنان، ولا تجد ضيراً في تجيير المحاولات إلى قطر. اهتمامات السعودية توسعت وصارت تهتم بشؤون المنطقة والإقليم ولم تعد مضطرة لبذل كثير عناء من أجل لبنان وقرارها أن تتعامل معه على القطعة.

لا ضير إن جيّرت السعودية ملف لبنان الى الفرنسيين، ثم سحبت التفويض منهم، وعزّزت مكانة قطر، خطوة مدعاة تساؤل عن مدى الجدية في منح قطر الدور المتقدم على صعيد ملف لبنان أو غيره من ملفات المنطقة أو أنّها محاولة في الوقت الضائع، فتصطدم محاولة الدوحة بالفشل بعد الفرنسيين وتطوى صفحتها. وهكذا يستمر الوضع ريثما يكون نضج حوار السعودية وايران ويُفتح حوار مباشر مع «حزب الله».

منذ بداية الفراغ الرئاسي جهدت فرنسا للمساعدة في انتخاب رئيس للجمهورية، روجت لفرنجية ثم سحبته من المعادلة، لتأتي قطر التي تعمل بعقلية أمنية سياسية فتتنوع عروضها بين قائد جيش ومدير أمن عام «بما يدل على أنّ الطرفين لم يفهما تركيبة العقلية اللبنانية والفكر الذي يحكم القرار السياسي عند الموارنة تحديداً»، كما يقول المواكبون.

قطر التي كانت تتعامل مع الأزمة من باب مساعدة الشعب اللبناني بعد حرب تموز حتى ساد شعار «شكراً قطر»، ومن ثمّ استضافة حوار الدوحة عام 2008، لم تعد نفسها، تعامل الجيل الجديد من القيادة مع الملف اللبناني يشوبه «الغموض والكثير من الأسئلة»، من وجهة نظر فريق من السياسيين، بينما يتعطش فريق آخر للعب دور في انعاش اقتصاد لبنان.

ونظراً للوقت الضاغط وغياب رئيس الجمهورية، وفي ظل أحداث المنطقة المتعاقبة، يتمنى البعض لو تقود قطر «حواراً معلناً بين اللبنانيين وليس حواراً على مستوى أجهزة أمنية»، لكن المسألة ليست في هذا التفصيل فحسب، بل في سؤال يطرح بشدة: ما الذي تستطيعه قطر ولا تستطيعه فرنسا؟ وإلى أي مدى ستسلم السعودية بالقرار القطري أو يمنحها اللاعبون المحليون والإقليميون هذه الجائزة؟

مصادر ديبلوماسية مطلعة على عمل «الخماسية» تؤكد أنّ قطر ستتحرك بتأييد من السعودية وأميركا، وأنّها تدفع في اتجاه دعم ترشيح قائد الجيش الذي لا يتعارض وطموحات هاتين الدولتين، ولكن ثمة من يهمس مشككاً في الخفاء من أن يكون الهدف من الحراك المقبل حرق مزيد من الأسماء وجوجلة الدول إلى أن تبقى دولة واحدة لا غير فيكون الحوار معها ضرورة قصوى وإلا فلا حل.