تحقيق ماريا خيامي:
يُستخدم مصطلح “الخرف” لوصف مجموعة من الأعراض التي تصيب قدرات الذاكرة والتفكير والقدرات الاجتماعية، وقد تؤثر أعراض الخرف على الحياة اليومية للأشخاص المصابين به، فالإصابة بالخرف لا تحدث بسبب مرض واحد بعينه، بل نتيجة الإصابة بأمراض عدّة.
ويميز الأطباء بين مرض الخرف والزهايمر، فالاول هو عبارة عن مجموعة من الأعراض التي تؤثر على الذاكرة وأداء الأنشطة اليومية والقدرة على الاتصال، بينما الأزهايمر هو شكل من أشكال الخرف يزداد سوءا مع مرور الوقت ويؤثر على الذاكرة والتحدث والتفكير.
أوجه التشابه والاختلاف بين الألزهايمر والخرف:
الخرف هو مصطلح أوسع لأمراض مختلفة تشمل الزهايمر، مرض باركنسون أو الشلل الرعاش وغيرها مع الأعراض المتعلقة بفقدان الذاكرة مثل النسيان والارتباك.
ويعرف الخرف بأنه حالة تتميز بضعف القدرة على التذكر أو التفكير أو اتخاذ القرارات، مما يؤدي إلى ضعف القدرة على تسيير الأنشطة اليومية، أما مرض الزهايمر هو مرض عصبي تطوّري يسبب موت الخلايا العصبية في الدماغ، مما يؤدي إلى ضمور الدماغ.
وتعرض طبيبة الأعصاب الدكتورة سمر عباس، الأعراض المتشابهة بين الخرف والألزهايمر، منها انخفاض القدرة على التفكير، ضعف الذاكرة، وانخفاض القدرة على التواصل، وتشدد على أن ليس كل “نشاف” يعني أن الشخص معرّض للإصابة بالألزهايمر، ولا يجب أن نعتبر كل من أصبح ينسى، مصاباً بالخرف، بل هناك نشاف طبيعي فكل من يتقدّم بالعمر سوف يعاني منه، ولكن النشاف المبكر الذي يؤثر على أمورنا اليومية، إضافة إلى النسيان، نستطيع أن نصنّفه ألزهايمر.”
من أسباب الخرف:
-العمر: يعد التقدم في السن من أقوى عوامل خطر الإصابة بالخرف، إذ تؤثر معظم حالات الخرف في الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عام.
-تاريخ العائلة: تزيد فرصة إصابة الأشخاص بالخرف إذا كان قد طال أحد أفراد العائلة سابقا.
-عدم تنشيط الدماغ: قلة التفكير وقلة تمرين الدماغ، ووجود شخص يقوم عنك دائما بمهامك.
-الأكل غير الصحي، التدخين وشرب الكحول.
-نقص الفيتامينات بالجسم.
نصائح للوقاية من الإصابة بالخرف:
تدعو الدكتورة عباس لزيارة الطبيب عند الشعور بالنسيان المتزايد، أو عند فقدان القدرة على القيام بأمور معينة، كما توضح أن تناول الفيتامينات المغذية للجهاز العصبي قد تُبعد أو تؤخّر الإصابة بالمرض، إضافة إلى تشغيل المخ بشتى الأمور أي تحسين أداء العقل، ربما من خلال ممارسة التأمل، رواية القصص، إيقاف تشغيل التلفاز، وقراءة الكتب…
وأثبتت الدراسات أن تناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة بانتظام مع المحافظة على نشاط الدماغ، تعمل على منع الإصابة بالخرف والذي يعد الالزهايمر أحد أنواعه.
وأظهرت الأبحاث أيضا أن الحفاظ على العلاقات الاجتماعية سواء مع العائلة أوالأصدقاء يقلل من خطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من الحياة، فالانخراط في الأنشطة الاجتماعية، يخفض مستوى التوتر ويجنبك الاكتئاب، الأمر الذي يحافظ على الاتصالات بين خلايا المخ، مما يقلل كثيرا من خطر الخرف.
كما ان إحدى الطرق الفعالة في الوقاية من الخرف هي تأخير سن التقاعد ومواصلة العمل لأطول فترة ممكنة، فكل سنة إضافية من العمل قبل التقاعد، يمكن للأفراد تقليل خطر الإصابة بالخرف، والسبب أن العمل لفترة أطول يمكن أن يقلل من خطر الخرف والذي يرتبط مباشرة بانخفاض نشاط الدماغ.
هل تفاقم الخرف في لبنان؟
وتوضح دكتورة الأعصاب أن معدلات الخرف لم تزد في لبنان بل معدلات تشخيصه، لأن المريض أصبح يتوجه للطبيب لتشخيص حالته، بعكس ما كان يحدث سابقاً، وكذلك الأمر بالنسبة للألزهايمر.
المؤشرات المبكرة للخرف:
-مصاعب في الذاكرة لا سيما تذكر أحداث وقعت مؤخراً
– زيادة في التشويش
– إنخفاض التركيز
– تغيريات في السلوك
– عدم الإكتراث والإنزواء و الإكتئاب
– فقدان القدرة على القيام بالمهام اليومية
التشخيص المبكر للخرف
إذا توجه المريض إلى الدكتور فور شعوره بالأعراض المذكورة أعلاه، فقد يستطيع معالجة الموضوع من خلال منع تفاقمه، أو على الأقل تأخير تفاقمه، ما يساعدك على الحصول على العلاج المناسب وإيجاد أفضل مصدر للدعم، بالإضافة إلى اتخاذ القرارات بشأن المستقبل.
ومن الممكن أن يساعد التشخيص على التخلص من حالة الشك، التي تمثل إيلاما لكل من المريض وعائلته وأصدقائه.
وفي حين أن خبر التشخيص بالخرف قد يكون بمثابة الخبر المفجع، فإن شرح ماهية المشكلة، وبيان ما الذي يمكن فعله حيالها من شأنه أن يساعد الناس على الشعور بأنهم مؤهلين، كما من شأن التشخيص أن يقلل القلق، بالإضافة إلى توفير المشورة حول كيفية البقاء مستقلا والعيش بشكل جيد مع الخرف.
أهمية نشر الوعي
تشرح الدكتورة عباس أنه إذا اكتشفنا الخرف في وقت مبكر، نستطيع إبطاء الطريق نحو الخرف الكلي، من خلال تناول الأدوية والعلاج المناسب، ما يتيح للمريض قضاء مزيد من الوقت مع عائلته قبل أن يصل إلى الخرف الكلي.
إذا، على الرغم من حدوث تطور كبير في مستوى وعي الأفراد حول مرض الخرف وفي الرعاية المُقدمة للمُصابين بهذا المرض، فإنه من المهم للغاية أن نتعرّف بصورة أفضل على المرض لاحتوائه قبل أن نصاب به أو قبل تفاقمه.