كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
منذ يومين، أقرّت لجنة الإدارة والعدل النيابية، إقتراح القانون الرامي إلى عدم إعطاء مكتومي القيد مواليد 2011 وما بعد، الجنسية اللبنانية بعدما أدخلت عليه تعديلات جذرية إنطلاقاً من الملاحظات التي قدّمتها القاضية رنا عاكوم التي سبق للجنة أن كلفتها إعدادها.
وربّما يكون من الأمور التي روعيت بعد الإطلاع على القوانين ذات الصلة، ولا سيّما المتعلقة بالجنسية اللبنانية وبقوانين الأحوال الشخصية، عدم المساس بحقّ مكتومي القيد اللبنانيي الأصل المولودين من أب وأم لبنانييَن بالحصول على الجنسية وهي حق له، وهو ما جرى من خلال تعديل المواد 12 و16 و19 و20 من قانون قيد وثائق الأحوال الشخصية، إضافة إلى تضمينه كل الضوابط لجهة الحصول على الجنسية وأهمّها الخضوع لفحص الحمض النووي DNA. ووفق وقائع الجلسة، فإنّ الإقتراح تغيّر جذرياً وحتى بالإسم، لجهة تعديل مواد في قانون قيد وثائق الأحوال الشخصية.
وأصبحت المادة الأولى، وهي الأهمّ في هذا القانون وتعديلاته، على النحو الآتي: تعدّل المادة 12 من قانون قيد وثائق الأحوال الشخصية تاريخ 7/12/1951 لتصبح كالآتي:
«بعد إنقضاء سنة على تاريخ الولادة لا يمكن قيد المولود إلا بمقتضى قرار قضائي يصدر في غرفة المذاكرة بناء على طلب النيابة العامة، أو قاضي الأحداث أو أصحاب العلاقة بمن فيهم المطلوب قيده الراشد أو الأب أو الأم.
لا يمكن تسجيل مكتوم القيد في سجلات النفوس اللبنانية قضائياً إلا بعد إجراء فحص الحمض النووي DNA بين المطلوب قيده والمطلوب القيد على خانته، سواءً أكانت رابطة البنوّة شرعية أم غير شرعية.
يتمّ إجراء الفحص لدى مستشفى مرخص في لبنان أو لدى مستشفى أو مختبر مرخص في الخارج، مصدق من وزارة الصحة، إستناداً إلى رأي لجنة تكلف من قبل وزير الصحة لهذه الغاية.
يطبّق هذا النص على دعاوى القيد العالقة أمام المحاكم بدرجاتها كافةً».
أما المواد 16 و19 و20 من القانون فهي تتعلق بأمور تقنية.
وضع النازحين القانوني
ثم انتقلت اللجنة إلى متابعة درس إقتراح القانون الرامي إلى تنظيم الوضع القانوني للنازحين السوريين في لبنان، ما فتح النقاش على مصراعيه، خصوصاً في ضوء ما قاله المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية من أن الظروف غير مؤاتية لعودة السوريين إلى بلدهم.
رئيس اللجنة النائب جورج عدوان ردّ بدعوة هؤلاء المسؤولين ليستضيفوا هم السوريين في بلدهم، ومساعدتهم في سوريا، كما طالب الحكومة «بمعرفة تفاصيل توقيع وزير الداخلية عام 2016 مذكرة مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR تعطي إفادات سكن للسوريين في لبنان، وضرورة وقف العمل بهذه المذكرة وإلغاء كل إفادات السكن التي أعطيت سابقاً، لأن الإتفاقية الوحيدة المعنيين بها هي الموقعة عام 2003 مع الأمن العام اللبناني، وهي إتفاقية رسمية وتنص على أن لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء».
وفي هذا السياق، علمت «نداء الوطن» أنّ هذا القرار إتخذ منذ أيام حكومة الرئيس تمام سلام عندما كان نهاد المشنوق وزيراً للداخلية، وقد طلبت اللجنة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء توضيحات ومعطيات حول حيثيات إتخاذ قرار كهذا ولم تحصل عليها بعد. ووفق معلومات «نداء الوطن»، فإنّ هذا القرار ربما إتخذ على خلفية وعود من المجتمع الدولي ومفوضية اللاجئين بتقديم مساعدات مالية للبنان مقابل تسهيلات من هذا القبيل، ولا سيما أنّ القرار قد أعفى صاحب العلاقة من رسم الإفادة الذي يبلغ حوالى 200 دولار أميركي.
وفي المعلومات تبيّن أنّه في تشرين الأول عام 2016 وقّعت مذكرة تفاهم بين الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الداخلية والبلديات والمفوّضيّة السامية لشؤون اللاجئين UNHCR حدّدت بموجبها آلية لمنح إقامات موقتة للنازحين السوريين المسجلين لدى الأخيرة بصورة مجانية، على أن تقدّم المفوّضيّة مساعدات عينية للدولة اللبنانية. وقد تمّ تحديد عددٍ من المستندات المطلوبة للإستحصال على الإقامة المذكورة المحصورة بهذه الفئة ما ساهم في تأمين بياناتٍ لعددٍ منهم كون الدولة اللبنانية لم تستحصل لغاية تاريخه على «داتا» النازحين الموجودين في لبنان. يشار إلى أنّ الإستحصال على هذا النوع من الإقامة مشروط بعدم ممارسة حاملها أي عمل مأجور خارج إطار المهن المحدّدة في قرارات وزير العمل.
أما في ما خص طبيعة هذه المستندات، فهي عبارة عن إفادة تسجيل صالحة صادرة عن المفوّضيّة، وإفادة تتضمّن بيانات إضافيّة، من ضمنها تحديد مكان الإقامة المصرّح عنه لدى المفوّضيّة، كونها تساعد المديرية في مقارنة «الداتا» التي لديها والمستندات الإضافيّة المقدّمة من تعهدات وإفادات سكن منظمة لدى مختار مكان السكن، ولا سيما لأولئك الذين يقيمون ضمن مخيّمات أو تجمّعات النازحين.
كما طلبت المديرية العامة للأمن العام أخيراً من المفوّضيّة ربط الإفادة الصادرة إلكترونياً بـ»داتا» المفوّضيّة للتأكد من صحّة البيانات المدوّنة فيها، وبالتالي فإنّ هذه الإفادات الصادرة عن المفوّضيّة تعتمدها المديرية العامة للأمن العام، للإستحصال على إقامة للنازحين السوريين المسجلين لدى المفوّضيّة، ما يمكّنها من ضبط أعدادهم وصحّة تسجيلهم. وهذا كلّه إلى جانب المستندات الصادرة عن الجهات الرسميّة اللبنانية ما يصبّ لصالح تنقية قاعدة بيانات النازحين السوريين لدى هذه المديرية وتوسيعها.
إضافة إلى أنّ الإتفاقية تنص على منح السوريين المذكورين (النازحين المسجّلين لدى المفوضية قبل عام 2015 والحائزين إفادات تسجيل صالحة)، إقامات موقتة لغاية السنة مجّانًا، على أن تؤمن المنظمة مساعدات عينية لتعزيز قدرات الأمن العام.
وهذه المسألة كانت محط إستغراب النواب أعضاء اللجنة التي تعمل على قوانين تشدّد من خلالها العقوبات على كل من يوظّف أو يُسكِن سورياً ليس لديه إجازة عمل في لبنان، وكذلك الأمر بالنسبة لأي مختار أو موظف رسمي يقدّم إفادة كاذبة تسمح بالحصول على أوراق رسمية قانونية، ووضع ضوابط قانونية ورقابية بالنسبة الى تمويل الجمعيات التي «فرّخت» فجأة وبلغ عددها 9000 جمعية، وجميعها تحصل على أموال من الخارج وتصرف أموالها على السوريين في لبنان.
خارطة توزّع النازحين
بالموازاة، كان رئيس لجنة الإقتصاد والتجارة النائب فريد البستاني يدق ناقوس الخطر بتغريدة على منصة «اكس»، قال فيها: «بات خطر النزوح السوري أعظم تحدّ يواجه لبنان بكلّ أطيافه منذ التأسيس، هو يخسر أبناءه، هجرةً وتهجيراً، يُستبدَلون بأعداد ضخمة من السوريين».
وأرفق التغريدة بجدول إحصائي يبيّن توزّع وجود النازحين السوريين في المناطق والأقضية اللبنانية الـ26 ويُبيّن أن الرقم الإجمالي هو 113،761، 2 وأنّ العدد الأكبر في قضاء بعلبك وهو نحو 300 ألف و842 نازحاً، يليه قضاء الشوف بـ185 ألفاً و170، وعكار بـ 183 ألفاً و478، والمتن بـ 154 ألفاً و767، وطرابلس بـ139 ألفاً و905، بعبدا بـ126 ألفاً و92، والمنية-الضنية 113 ألفاً و874، وراشيا 111 ألفاً و577، وبقية الأقضية تحت 100 ألف وصولاً إلى عدد 4334 في قضاء حاصبيا وهو العدد الأقل في الجدول. وهذا الجدول أعدّ قبل موجة النزوح الأخيرة أو الجديدة.