Site icon IMLebanon

أزمتان متلازمتان تتطلّبان الحل السياسي في لبنان وسوريا!

كتب غاصب المختار في “الجمهورية”: 

يقع لبنان منذ العام 2015 تحت ثقل كبير نتيجة أزمة النازحين السوريين المستجدة، الذين تتمنّع المفوضية السامية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة عن «الإفراج» عن الداتا الخاصة بهم، وتسليمها إلى السلطات اللبنانية، برغم الاتفاق الذي جرى توقيعه منذ اشهر بين وزارة الخارجية اللبنانية وبين المفوضية. ومنذ العام 2022، يقع لبنان تحت ثقل أزمة الشغور الرئاسي، معطوفة على حكومة تصريف اعمال لا تقوم بما يكفي لمعالجة الأزمات الإقتصادية والمعيشية والتربوية والصحية القائمة، بل تتصرّف أحياناً بشطط في تصريف اعمال لا علاقة لها بالأزمات القائمة.

هاتان الأزمتان مترابطتان عضوياً، لا حلّ لهما إلّا بقرار سياسي داخلي وخارجي. فأزمة الشغور الرئاسي حلّها سياسي لبناني بالدرجة الاولى، وعربي – دولي بدرجة أقل، ولو كان تأثير الخارج قوياً، لكنه يعجز احياناً عن تمرير مشاريعه ومصالحه كاملةً، من دون تغطية داخلية كاملة. وأزمة النازحين تنتظرالحل السياسي في سوريا، والمرتبط بشكل كامل بالشروط الغربية التي تعطّل اي تفاهم سوري داخلي، بل تحاول فرض شروط على السلطات السورية القائمة تبعاً لمصلحة كل دولة خارجية.

على هذا، من الطبيعي ان تتعثر المبادرة الفرنسية، ومن بعدها مبادرة اللجنة الخماسية العربية – الدولية، نتيجة الاصطفافات السياسية اللبنانية الحادة، ورفع السقوف، بحيث بات من المتعذّر إنزال اي طرف عن أعلى الشجرة، إلّا بقدرة قادر خارجي ضاغط. ونتيجة اختلاف الرؤى بين أعضاء اللجنة الخماسية حول مقاربة الملف اللبناني الرئاسي، بين من يريد مهلة زمنية لفرض الحل، تليها عقوبات او إجراءات كما لوّح بعض اعضاء اللجنة، وبين من يريد ان يُعطي فسحةً إضافية للبنانيين علَّ «عقل الرحمن» يهديهم الى التوافق على رئيس.

كما انّه من الطبيعي ان يتعثر حلّ أزمة النازحين السوريين، طالما انّ دول الغرب لا تساهم في الحل السياسي لسوريا بما يرضي السوريين أنفسهم، قبل ان يُرضي الخارج. وطالما انّ الوضع الداخلي السوري لا يسمح بعودة واسعة نتيجة الأضرار اللاحقة بالأبنية والبنى التحتية، عدا تردّد الجانب اللبناني في اتخاذ إجراءات صارمة منذ بدء الأزمة السورية لتنظيم الوجود السوري، كما فعلت دول اخرى مثل الاردن وتركيا والعراق.

وعلى هذا، لا يبدو في الأفق القريب اي ضوء في آخر النفق المُعتِّم لمعالجة الأزمتين، فالمعنيون اللبنانيون بأزمة الرئاسة منشغلون بتسجيل النقاط على بعضهم، ومنشغلون عن أزمة النزوح بقضايا اخرى إجرائية يمكن تأجيلها بدل المماطلة في اتخاذ القرار، ولو الصعب، بزيارة الوفد «السياسي – التقني» الى سوريا، كما تقرّر في مجلس الوزراء، والذي يضمّ وزير الخارجية عبدالله بوحبيب والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري والأمين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد المصطفى. عدا المماحكات التي جرت بين بو حبيب والوزيرين اللذين كانا مكلّفين سابقاً ضمن لجنة وزارية ثمانيّة بمتابعة ملف النازحين، عصام شرف الدين وهيكتور حجار، قبل تشكيل اللجنة الجديدة.

الحل السياسي في سوريا يُنهي أزمة النازحين ويُريح سوريا ولبنان. والحل السياسي في لبنان للشغور الرئاسي يُريح لبنان وسوريا لجهة وجود رئيس للجمهورية قادر على زيارة دمشق والتفاوض معها وفق ما يعطيه الدستور من حق التفاوض، ووجود حكومة متجانسة كاملة المواصفات، قادرة على اتخاذ القرارات والإجراءات التنفيذية لمعالجة أزمة النزوح.

وفي هذا المجال، من الخطأ ان يتمّ التركيز فقط على مواصفات رئيس للجمهورية مقبول من كل الاطراف، وعلى قدرته على تحقيق برنامج اصلاحي متكامل، وهو الرئيس البلا صلاحيات كافية، بينما الصلاحيات التنفيذية فعلياً بيد الحكومة مجتمعة، بينما لا يتمّ التركيز في سياق البحث التفصيلي عن رئيس الجمهورية، على مواصفات رئيس الحكومة والوزراء الذين سيتعاونون معه لحلّ المشكلات القائمة.

ومن المفيد ان يوسّع الموفدان الفرنسي جان إيف لودريان والقطري جاسم بن فهد، او وزير الدولة في الخارجية القطرية محمد الخليفي، دائرة التواصل مع الأطراف اللبنانية، ببحث تفصيلي حول مواصفات الحكومة ايضًا رئيسًا وبرنامجًا، ليأتي الحل السياسي اللبناني متكاملاً، ولا تقع البلاد مجدداً في حال انتخاب رئيس، في أزمة تكليف رئيس للحكومة وتشكيل الحكومة، تمتد أشهراً طويلة، كما حصل سابقاً نتيجة الخلافات على الحقائب والحصص الوزارية.