كتب عبد الكافي الصمد في “الأخبار”:
أوجه تشابه كبيرة في طرابلس بين 25 أيّار 2000 و7 تشرين الأوّل 2023. قبل 23 عاماً، تسمّرت غالبية الطرابلسيين أمام شاشات التلفزيون تشاهد اندحار جيش العدو الإسرائيلي من جنوب لبنان وتحريره، قبل أن تخرج بعد ساعات قليلة، وفي الأيّام التالية، مسيراتٌ تصدح بالتكبيرات، وتحتفل حشود في ساحة عبد الحميد كرامي (ساحة النّور) بالنصر، رافعة الأعلام اللبنانية ورايات حزب الله.
السبت الماضي، استعادت عاصمة الشّمال نفسها وروحها بعد غياب قسري فرضته ظروف وتحولات كبيرة في لبنان والمنطقة، ومحاولات بعض القوى السياسية، في المدينة وخارجها، نقلها إلى مقلب آخر بعيداً عن انتمائها الوطني والقومي وتضامنها مع قوى المقاومة.
منذ ساعات الصّباح الأولى خلت الشوارع من السيّارات والمارّة، بعدما تسمّر كثيرون أمام شاشات التلفزيون، في بيوتهم ومكاتبهم والمقاهي، لمتابعة تطورات عملية «طوفان الأقصى». «حلم»، و«أكاد لا أصدق»، و«كل عمري كنت أتمنى أن أعيش لأرى هذا اليوم»، هي غيض من تعليقات الطرابلسيين الذين لم يلبثوا أن خرجوا إلى شوارع مدينتهم، كما في المنية والضنّية وعكّار، لتوزيع الحلوى احتفاءً بالنصر، في حين صدحت مكبرات المساجد بتكبيرات العيد، وجالت في الشوراع مسيرات سيارة تبثّ الأناشيد الوطنية وترفع الأعلام الفلسطينية، في مشهدٍ غاب عن المدينة وجوارها منذ نحو عقدين. وأمس، استعادت ساحة جمال عبد الناصر في منطقة التل نبضها في التعاطف مع القضايا الوطنية والقومية مع المهرجان الخطابي الذي أقامته أمس أحزاب وقوى وطنية بحضور ممثل عن دار الفتوى.
أما على منصّات مواقع التواصل الاجتماعي، فقد كان الاحتفاء والتضامن مع «طوفان الأقصى» واسعاً ومعبّراً، فيما انكفأت تماماً بعض أصوات النشاز. عربي عكاوي، نجل مؤسّس المقاومة الشّعبية الراحل خليل عكاوي، كتب تحت صورة والده «ليت أبي ما يزال حيّاً ليرى هذا النصر». وكتب رائد الخطيب، نجل المناضل في الحركة القومية الشهيد عطية الخطيب: «لو أستطيع إيقاظ أبي من قبره لأقول له: قم وانظر ما يحدث». وكتب نقيب المحامين السّابق فادي غنطوس «المجد لفلسطين»، فيما توجّه منشور للمحامي رشيد كركر إلى «الذي يسأل عن المزاج السنّي ومرجعية السُنّة، فليتابع السوشيل ميديا: إنّها فلسطين».