كتبت نجوى ابي حيدر في “المركزية”:
عن بعد، تتعاطى واشنطن وطهران مع عملية طوفان الاقصى وما يستتبعها من حرب مفتوحة بين اسرائيل وقطاع غزة وعلى الهامش الحدود اللبنانية – الاسرائيلية. خمسة ايام مضت على انطلاق العملية بقيت خلالها ردات فعل الطرفين محصورة إما بالمواقف الداعمة على غرار ما فعلت ايران او بـ”دوز” تهويلي اعلى وفق ما تصرفت الولايات المتحدة الاميركية بتحريك حاملات طائراتها وصواريخ الكروز والمدمرات والمقاتلات الجوية نحو المنطقة تحسباً ليس الا، من دون اي تدخل مباشر،على رغم الدعم العلني لاسرائيل ومجيء وزير الخارجية أنتوني بلينكن اليها اليوم، بعدما اكد في اتصال هاتفي أمس مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ تأكيد التزام الولايات المتحدة الثابت في دعم إسرائيل، فيما تنشط دبلوماسيتها للحيلولة دون توسع رقعة الصراع وحصره تمهيدا لاطلاق مرحلة التفاوض ووقف اطلاق النار.
على خط معركة غزة- اسرائيل، تنشط قطر وتركيا ومصر سعياً للتهدئة ، فيما تنبري عواصم اخرى، لا سيما واشنطن وباريس الى حصر رقعة الصراع جغرافيا تلافيا لفتح جبهات جديدة، خصوصا مع لبنان الذي تشهد حدوده مناوشات تبقى حتى الساعة محصورة في اطار التوتير لا التصعيد الواسع ، بحسب ما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”، مستندة الى جملة اعتبارات تبدأ من رغبة الادارة الاميركية بإنهاء حقبة النزاع في منطقة الشرق الاوسط وارساء التسويات الكفيلة بذلك، وهي بالفعل انطلقت مع اتفاق بكين وقبله التطبيع الاسرائيلي مع عدد من الدول العربية وآخرها الامارات العربية المتحدة، في حين لم تعد المملكة العربية السعودية بعيدة منه، ولا تنتهي بالخط الاحمر الذي ترسمه واشنطن لحدود المنطقة “الاقتصادية النموذجية” خزان النفط والغاز بين مصر واليونان ولبنان ، اذ تسعى لتنظيفها من كل سلاح غير شرعي لتصبح منطقة استقرار وسلام دائمين. وليست الجهود المضنية التي بذلها مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الأمن والنفط آموس هوكشتاين وصولا الى ابرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين بيروت وتل ابيب سوى الدليل الى حرص واشنطن على مستودع النفط اياه وابقائه تحت رعايتها .
الحرص هذا ترجمته، بحسب المصادر، رئيسة الدبلوماسية الاميركية في لبنان السفيرة دوروثي شيا من خلال رسالة نقلتها الى الرئيس نبيه بري تحديدا مفادها”ان لا يكفي ان يتعهد لبنان بعدم مشاركة حزب الله في الحرب، بل بمنع اي من الفصائل الفلسطينية التابعة لايران من استخدام الجنوب ضد اسرائيل، لان الرد سيكون قاسيا على لبنان”. وقبل ذلك، ابلغت شيا التي قطعت اجازتها وعادت الى لبنان، رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي “رسالة التحذير” في اتصال اجرته معه من واشنطن. وعلى الاثر، تشاور ميقاتي مع بري في مضمون الرسالة الاميركية وحال الميدان الجنوبي وضرورة المحافظة على الهدوء تجنبا لتداعيات اي انزلاق في المواجهة. كما بحث رئيس المجلس الامر نفسه مع حزب الله المعني مباشرة بما يدور على ارض الجنوب.
وفي السياق، يقول قريبون من الضاحية لـ”المركزية” ان الحزب مستنفر صحيح الا انه يقبع في وضعية الترقب والحذر ويبقي جبهة الجنوب في حال من التوتر المضبوط لارباك اسرائيل واستنفار قواتها والحد من قدراتها.وهو لن يشارك في الحرب الا اذا دخلت واشنطن على خطها مباشرة. آنذاك ستفتح الجبهات والساحات كلها دفعة واحدة. وتضيف يدرك الحزب تماما حراجة الوضع في البلاد والجو الشيعي المحتقن في الجنوب وقد بدأت جحافل النازحين من المنطقة هربا من الاستهداف الاسرائيلي ، فإن انزلقت المناوشات الى حرب مفتوحة سيفقد الحزب كل غطاء محلي ولن تجد بيئته الاستعطاف الذي لقيته في حرب تموز 2006 . لذا يتوقع ان تبقى الساحة الجنوبية محيّدة عن الصراع ، الا اذا … الساعات المقبلة لا بدّ ستكون حاسمة في تبيان مسار التطورات سلبا او ايجابا على لبنان.