كتب جان الفغالي في “نداء الوطن”:
«حربٌ ايرانية – اسرائيلية، على أرضٍ فلسطينية، بأدوات فلسطينية كليّة، ولبنانية جزئية». ذلك هو، في اختصار، العنوان العريض، لحرب «تشرين الثانية»، المندلعة منذ السبت الفائت والتي يبدو أنّها ليست مسألة أيام، إذ يكاد يمر الاسبوع الأول على اندلاعها، من دون أن يظهر أي مؤشر على أنّها في خواتيمها.
ما يهم المواطن اللبناني من هذه الحرب، هو كيفية مواجهتها، من دون أن يتحمّل منها أعباء وتبعات إضافية على ما يتحمّله من أعباء وتبعات كانت ملقاة عليه حتى السادس من تشرين الاول، أي قبل يوم من اندلاع الحرب، وما زالت هذه التبعات موجودة.
تنتاب اللبنانيين موجات من القلق المتلاحق، كانوا يعيشون في صعوبةٍ بالغة قبل اندلاع الحرب، فماذا بعد اندلاعها؟ مع الصاروخ الأول في الجنوب، بدأت عملية النزوح إلى ما بعد الجنوب، ومعظم النازحين هم من عائلات البيئة الحاضنة لـ»حزب الله»، فهل من تغيير لقواعد اللعبة؟ الجواب ليس عند «لبنان الرسمي»، فقرار السلم والحرب هو في طهران، ومنها إلى حارة حريك وليس إلى السراي، ومَن يقول غير ذلك هو مجرد هاوٍ في السياسة.
اللبنانيون رهائن، بكل ما للكلمة من معنى، لا دولتهم تقول لهم أين هُم؟ ولا الذين يمتلكون القرار يشعرون بأنّهم ملزمون بأن يقولوا شيئاً للناس، الناس منذ السبت الفائت تائهون من غير هدى: هل تندلع الحرب أو لا تندلع؟ ما يجري منذ السبت الفائت هو مجرد مناوشات أم تمهيد لفتح جبهة جنوب لبنان، بالتزامن مع جبهة غزة، انطلاقاً من «استراتيجية وحدة الساحات»؟ عادةً، ووفق الأسلوب العسكري لـ»حزب الله»، فإنّ انخراطه في حرب، أو شنّه حرباً، لا يحتاجان إلى كل هذه المقدِّمات وإلى هذه «التحمية».
بالمقارنة مع الحروب التي سبقت، فإنّ الأيام الخمسة من تلك الحروب، كانت المعارك في أوجِها، وليس كما هو حاصل اليوم، حيث تبادل القصف لا يتجاوز المناوشات، فالقذائف لم تتجاوز الجغرافيا الموازية للحدود من الجانبين، وهي ليست عشوائية، كما كان يحدث في السابق، بل هي موضعية حيث الأهداف منتقاة بعناية على طريقة «الرد على مصادر النيران»، لا أكثر ولا أقل.
ولكن هل تبقى الجبهة اللبنانية مضبوطة وتحت السيطرة؟ الجواب ليس في بيروت بل في غزة، فمسار التطورات في غزة، يحدد طبيعة التطورات وحجمها ومداها في جنوب لبنان، فإذا فُتِح ملف الأسرى، فهذا يعني أنّ الاوضاع العسكرية إلى انحسار، وبداية التهدئة تكون في بيروت وليس في غزّة، أمّا اذا تعثرت، فهذا يعني أنّ صندوق توجيه الرسائل سيبقى في جنوب لبنان.