كتب ميشال طوق:
لا يستغرب أحد هذه المقارنة بين تاريخ 13 تشرين 1990 و 7 تشرين 2023، فهاذان التاريخان سيبقيان على مدى التاريخ، رمزاً للتدمير الذاتي الذي دمّر شعوباً بأكملها ووضع مصيرها في مهب الريح.
بنفس العقلية تقريباً ولو بدوافع وخلفيات مختلفة، شنّ رئيس الحكومة الإنتقالية المولجة تأمين إنتخاب رئيس جمهورية، ميشال عون، حرباً أسماها حرب التحرير على المحتل السوري، من دون أي حسابات لموازين القوى المختل بالكامل، ولا مقومات الصمود المعدومة، ولا حتى التنسيق مع القوى المفروض أنها حليفة… فكانت النتيجة كارثة، لا بل نكبة، أدّت الى تدمير المناطق المسيحية وتشريد وتهجير أبنائها وحصار بري وبحري وقصف عشوائي طال كل المناطق والشوارع والتجمعات السكنية، ويا ريت كان ذاك المجرم ينبه السكان بأنه سيقصفهم كما يحدث اليوم، المهم، إنتهت تلك الحرب المشؤومة المسطولة الإنتحارية، الى إجتياح قسم كبير من المناطق المحررة وهروب بطلها بالبيجاما الى السفارة الفرنسية، تاركاً وراءه عائلته والجنود المقاتلين على الجبهات الذين فظّع بهم العدو المجرم، العدو الذي أحكم سيطرته على كامل الدولة اللبنانية، معانات كانت السبب الرئيسي لوصولنا الى هذه الحالة الجهنمية التي نعيشها.
وكما حصل هنا منذ عشرات السنين، هكذا حصل بقربنا في الأمس.
بنفس العقلية الديماغوجية ولكن بخلفية أيديولوجية متعصبة، قامت حماس بتنفيذ عملية عسكرية ناجحة بالشكل، لكن كارثية بتداعياتها التي أعقبت تنفيذها مباشرة، تداعيات لا نعرف الى أي حدّ ستصل وستستمر، والواضح أنها ستكون تداعيات مصيرية على حركة حماس والأهم، على القضية الفلسطينية ككل، ناهيك عن المآسي والويلات التي نزلت بالشعب الفلسطيني المسكين الذي يدفع الثمن بأرزاقه وأولاده ومستقبله.
وهنا نسأل بديهياً أسئلة، للأسف، أجوبتها معروفة سلفاً،
ألم يعرف القيمون على تخطيط وتنفيذ تلك العملية بالرد المدوي والهائل الذي سيتبعها وخصوصاً أن تاريخ إسرائيل حافل بالردود المجنونة والمجرمة على أي عملية تستهدفها؟
هل أمّن هؤلاء مقومات الصمود من غذاء وماء وكهرباء وأدوية لسكان غزة ولمقاتليهم لفترة مقبولة؟
هل لدى هؤلاء قوة ردع تمنع الطائرات والصواريخ الإسرائيلية من تسوية مباني غزة بالأرض؟
هل لدى هؤلاء علاقات إقليمية ودولية كفيلة بتغطيتهم والضغط على إسرائيل كي لا تتمادى بردها وتستغل ما حصل لتصفية حساباتها؟
والسؤال الأهم، هل كان هدف العملية أسر جنود أسرائليين والعودة الى غزة، فقط، أم أن الخطة كانت تقضي بإدخال هذا الكمّ الكبير من المقاتلين وإرتكاب المجازر بحق المدنيين؟
هل كانت ردّة الفعل ستكون هي ذاتها لو أن العملية إقتصرت على مواقع عسكرية وأسر جنود فقط؟؟
في كلا الحالتين، إن كان المخطط يقضي بقتل هذا الكم الهائل من الإسرائيليين المدنيين، أو أن ما حصل هو بسبب خلل ما في التنفيذ على الأرض أدى الى دخول عناصر غير منضبطة، فالمسؤولية كبيرة جداً على عاتق مَن خطط وقام بهذا العمل، لأن الرد الإسرائيلي متوقع جداً في ظل هذه الكمية الهائلة من الخسائر.
بين الأمس واليوم، حسابات مغلوطة وتقديرات خاطئة يدفع ثمنها الشعب المسكين فقط، الشعب الذي لا حول له ولا قوة.