كتب نذير رضا في “الشرق الأوسط”:
حذّر قائد قوة «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان اللواء أرولدو لاثارو، من أن الوضع الأمني في المنطقة الحدودية مع إسرائيل «متقلب»، رغم الهدوء الذي سيطر على المنطقة منذ بعد ظهر الأربعاء، على أثر قصف «حزب الله» لموقع إسرائيلي، ورد مقابل استهدف المناطق الحدودية اللبنانية، في إطار رد الحزب على مقتل ثلاثة من عناصره.
وسيطر هدوء حذر الخميس، على المناطق الحدودية جنوب لبنان، من غير أن تنتهي الطلعات الجوية الإسرائيلية في المنطقة وفق ما قالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط». وقالت المصادر إن المنطقة «شبه خالية من السكان، إذ لم يعد إليها من غادروها»، في إشارة إلى المنطقة الواقعة جنوب مدينة صور القريبة من الحدود مع إسرائيل، والتي كانت مسرحاً لثلاثة أحداث أمنية بين الاثنين والأربعاء.
وأشار الإعلام الإسرائيلي إلى أن الجيش ينشر قوات احتياط في بلدات على الحدود مع لبنان. كما دعت الولايات المتحدة الخميس شركاءها لاستخدام نفوذهم لدى «حماس» و«حزب الله» وإيران لوقف التصعيد. وشددت مصادر «رويترز» على أن تحركات الحزب حتى الآن «مصممة لتكون محدودة النطاق، ما يمنع امتدادها بشكل كبير إلى لبنان مع إبقاء الجيش الإسرائيلي مشغولا شمال إسرائيل». وأضافت «(حزب الله) يأخذ كل يوم بيومه».
«اليونيفيل»
وقال اللواء أرولدو لاثارو في بيان إنه «على الرغم من الأحداث المثيرة للقلق في الأيام الماضية، فإن الوضع في منطقة عمليات (اليونيفيل) لا يزال مستقراً، ولكنه متقلب»، مضيفاً «من حسن الحظ أن تبادل إطلاق النار بين الأراضي اللبنانية وإسرائيل لم يتصاعد إلى نزاع».
وأضاف أن «حفظة السلام التابعين لنا يظلون في مواقعهم ويقومون بمهامهم. وقد قمنا بزيادة الدوريات والأنشطة الأخرى للحفاظ على الاستقرار، ونقوم بتنسيق هذا العمل مع القوات المسلحة اللبنانية».
وقال لاثارو: «لقد عملنا بنشاط مع السلطات على جانبي الخط الأزرق لتهدئة الوضع وتجنب سوء الفهم»، مضيفاً «يواصل حفظة السلام عملهم الأساسي. هدفنا الرئيسي هو المساعدة على تجنب المواجهة بين لبنان وإسرائيل، وأي حدث يجعل النزاع أقرب هو مصدر قلق، ونحن نعمل على مدار الساعة لضمان عدم حدوث ذلك».
وكانت القوات الإسرائيلية أطلقت ليل الأربعاء القنابل المضيئة فوق المناطق الحدودية وسط تحليق للطائرات المروحية والاستطلاعية على طول الخط الحدودي الممتد من الناقورة حتى عيتا الشعب.
وكانت أطلقت صواريخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل، وتبنى «حزب الله» عملية استهداف موقع إسرائيلي مقابل منطقة الضهيرة جنوب لبنان، بالصواريخ الموجهة، رداً على الاعتداءات الإسرائيلية يوم الاثنين الماضي على عناصر من «حزب الله» والتي أدت إلى مقتل ثلاثة منهم. وقصفت القوات الإسرائيلية أطراف بلدات الضهيرة ويارين، وأم التوت وصولاً حتى أطراف بلدة طيرحرفا جنوب لبنان، أمس الأربعاء، رداً على إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل.
الظهيرة ومروحين ويارين
وتتميز بلدات الظهيرة ويارين وأم التوت ومروحين الحدودية الواقعة جنوب مدينة صور، بتضاريس جغرافية تسمح بتسلل العناصر منها إلى المستوطنات القريبة من لبنان، وهي ملاصقة لمنطقة الحدود، وهو ما دفع القوات الإسرائيلية على مدى السنوات الخمس الأخيرة إلى إنشاء جدار إسمنتي على طول الحدود بارتفاع 8 أمتار.
ورغم الجدار، تمكنت عناصر من «الجهاد الإسلامي» يوم الاثنين من التسلل إلى الداخل، والاشتباك مع مجموعة إسرائيلية أسفرت عن مقتل عنصرين فلسطينيين، وأربعة جنود إسرائيليين. وقصفت القوات الإسرائيلية على أثر هذه العملية برج مراقبة لـ«حزب الله»، مما أدى إلى مقتل ثلاثة من عناصره.
كذلك، لم يمنع الجدار المرتفع من أن يوجه «حزب الله» صاروخاً باتجاه جنود إسرائيليين في موقع عسكري قبالة الظهيرة، مما أسفر عن وقوع إصابات بين قتيل وجريح، وفق ما قال بيان الحزب. وتتميز الأراضي اللبنانية بارتفاعاتها بما يتيح رصد الداخل وراء الحدود، وهو ما ظهر في مقطع الفيديو للاستهداف الذي نشره إعلام الحزب مساء الأربعاء.
والقرى تلك (مروحين والظهيرة ويارين) تسكنها أغلبية من المسلمين السنة، وهي بلدات زراعية، كان نزح القسم الأكبر من سكانها في عام 1978، واستقروا في منطقة ساحل الزهراني، ولم يعد القسم الأكبر من النازحين إليها بعد تحرير جنوب لبنان في عام 2000. وتقول مصادر ميدانية إن هذه القرى «لا توجد فيها كثافة سكانية»، وكانت تعرضت لقصف عنيف في حرب 2006، وارتكبت إسرائيل مجزرة بحق مجموعة مدنيين من مروحين أثناء نزوحهم من البلدة.
وعقب التطورات الأمنية في المنطقة، نزح من تبقى في تلك البلدات ومحيطها باتجاه مدينة صور ليل الاثنين. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن السكان النازحين «لم يعودوا إلى تلك القرى، تحسباً لأي تدهور جديد على الحدود».
وغالباً ما تتعرض تلك القرى لقصف مدفعي إسرائيلي عند أي حدث أمني، وخصوصاً عندما تُطلق صواريخ من الساحل الجنوبي في لبنان باتجاه إسرائيل، ويتكرر الأمر عندما تندلع حروب في الداخل الفلسطيني.
والخميس، أقفلت المدارس الرسمية والخاصة أبوابها لليوم الثالث على التوالي في الأقضية المتاخمة للحدود الجنوبية مع إسرائيل، وذلك نتيجة التوتر الذي تشهده القرى الواقعة في الأقضية. وكذلك أقفلت الجامعة اللبنانية فروعها في منطقة بنت جبيل الجنوبية، بسبب توتر الأوضاع الأمنية على الحدود الجنوبية.