أبدى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى استنكاره الشديد للهمجية الاسرائيلية ضد الانسانية في حربها على المدنيين والعزّل من فلسطينيي غزة وما تقوم به من انتهاك للمواثيق والمحرمات الدولية من خلال التدمير الوحشي الممنهج”، داعيا “الدول الكبرى الى التدخل لوقف هذه المجزرة ولإيجاد طريقة لإحلال السلام في هذه المنطقة بدلا من القتل والدمار”.
ورأى “وجوب ان نكون اقوياء في وحدتنا وشراكتنا الداخلية، لمواجهة التحدّيات التي تؤرقنا جميعا وتحمي وطننا من الأخطار الامنية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة”.
كلام سماحة الشيخ ابي المنى جاء خلال جولة تفقدية قام بها على عدد من قرى منطقة البقاع الغربي ورافقه فيها وفد من المشايخ وقاضي المذهب الدرزي الشيخ غاندي مكارم واعضاء من المجلس المذهبي والمستشارين.
وأقيم لسماحة شيخ العقل في محطته الاولى في بلدة المريجات استقبال من المشايخ والفاعليات، القى كلمة باسمهم رئيس جمعية آل المصري حسام المصري. وتحدث رئيس لجنة التواصل في المجلس المذهبي اللواء الركن المتقاعد شوقي المصري مرحباً بسماحة الشيخ ابي المنى ومؤكداً على الوقوف معه في مسيرته الجامعة للطائفة والوطن.
وردّ سماحة الشيخ ابي المنى بكلمة عبّر فيها عن شكره للاستقبال، وقال: “أزور اليوم هذه القرى الطيبة التي تسمى الاطراف، ولكنها في القلب، في قلب اهتمامنا ومحبتنا، ما الفرق بين ابن المريجات وابن شانيه مثلاً طالما انه يحمل نفس العقيدة ونفس القيم ونفس الروح الوطنية. هذه القرى الطيبة نموذج للتنوّع وللعيش الواحد الذي اختبرتموه أيام الحرب والمحنة وكنتم على قدر عالٍ من المستوى في الجمع والحفاظ على هذه البيئة الوطنية اللبنانية”.
وأضاف: “إنني أحمل في داخلي إرثاً غنيّاً من هذه الطائفة التوحيدية المعروفية، لهذا أنا عندما أزور والتقي المرجعيات الأولى على مستوى الوطن أكانت سياسية رسمية أو دينية فأنا ألتقي بهم وفي داخلي هذا الإرث الكبير الذي يمنحني القوة والكلمة الواثقة والقوية. نحن فخورون بتاريخنا وبإرثنا الوطني العربي وإرثنا التوحيدي المعروفي، وهذا الإرث يخوّلنا أن نكون في موقع القوة، فالأمجاد لا تقاس بالأعداد، وإنما بالمواقف المشرّفة، ومواقفنا مشرفة وتاريخنا مشرّف، لهذا نحن في موقع قوي لاحم، جامع لكل الطوائف. نحن مهمتنا أن نجمع وان نلحم في ما بين الطوائف والمكونات اللبنانية، ونفخر بهذه المهمة، ودار الطائفة التوحيدية الدرزية دار جمع لا دار تفرقة”.
وأردف: “الموحدون الدروز لن يكونوا رأس حربة في مواجهة اي من شركائنا في الوطن، ولكي نكون شركاء حقيقيّين في وطن الصيغة اللبنانية القائمة على التنوّع، يجب أن نكون أقوياء في وحدتنا الداخلية. فالشريك القوي هو الشريك الفعلي، لذا يجب أن نكون أقوياء بوحدتنا الداخلية، أقوياء بعقيدتنا التوحيدية، ننمّيها في أبنائنا وفي كل عائلاتنا، نحصّنهم بهذه العقيدة الشريفة التي تقربّنا من الله عز وجل وتمنحنا الأمان والاطمئنان، كما نحصّن أنفسنا وعائلاتنا ونقوّيها بالقيم المعروفية الأخلاقية الانسانية الروحية والاجتماعية”.
وانتقل سماحة الشيخ ابي المنى الى بلدة مكسة، وبعد كلمات ترحيب وتقدير للزيارة لكل من: الشاعر نديم غنام الذي ألقى قصيدة بالمناسبة والمختار عقل سعيد والشيخ أبوسليمان فايز سعيد. القى سماحة شيخ العقل كلمة حيّا فيها ابناء البلدة، وقال: “نحن سُمّينا بني معروف لأننا نحمل هذه القيم المعروفية، قيم الفضيلة والكرم والعفّة والنزاهة والاستقامة والشجاعة التي هي شجاعة القلب والاعتراف والايمان والمواجهة، المواجهة بالحق والعدالة قبل أن تكون شجاعة الساعد وشجاعة السيف والسلاح وشجاعة الانسانية قبل أن تكون أي شجاعة أخرى”.
وأضاف: “علينا ان نحصّن أنفسنا بهذه القيم كما نحصّنها بالعقيدة التوحيدية، وكذلك بثباتنا في هذه الأرض أكانت في المريجات ومكسة وخربة قنفار وعين زيدة أم في عاليه ام في بعقلين أو في أي مكان آخر. الأرض هي الأرض والثبات هو الثبات، علينا أن نثبت في أرضنا ونتمسك بها ونحبها ونبنيها بالعيش الواحد مع أهلنا وشركائنا، وفي أن نعرف كيف نعيش معهم بمحبة، برقي، بأخلاق، برفعة وبشجاعة وبإيمان، وبالتمسك بحقوقنا دون الاعتداء على حقوق غيرنا، هذه هي الصفات المعروفية”.
وتابع: “نحن وطنيون نحن مسلمون نحن عروبيون أصيلون في وطنيتنا، أصيلون في إسلامنا أصيلون في عروبتنا. هذا هو العنوان، أما كيف نحافظ عليه فهذا هو التحدّي، وكيف نحافظ على الهوية وعلى الوجود، كيف نضمن المستقبل! هذا يحتاج الى جهد وعمل ومثابرة والى وحدة الصف، الوحدة الداخلية. فالوحدة الداخلية القويّة هي ضمانة للمشاركة في الوحدة الوطنية، اما اذا كنا ضعفاء في وحدتنا الداخلية فنحن ضعفاء في شراكتنا الوطنية وهذا ما لا نريده. نريد ان نكون أقوياء، كيف نكون أقوياء؟ نكون أقوياء اذا حافظنا على هذه الثوابت اذا حافظنا على توحيدنا على عقيدتنا على إيماننا على علاقتنا بالله عز وجل على ائتمارنا بالأوامر والانتهاء عن النواهي، ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر أولئك هم المفلحون”.
وزار سماحة الشيخ ابي المنى والوفد المرافق بعد ذلك بلدة خربة قنافار قاصدا الخلوة الدينية ثم القاعة الجديدة، وهناك القيت كلمات ترحيبية لكل من: الشيخ وليد عزام، الأستاذ عدنان العموري والسيد فادي عزام.
والقى سماحة شيخ العقل كلمة عرفان وامتنان لأهالي البلدة ومشايخها وعائلاتها، دعا خلالها الى التمسك بثوابتنا المعروفية الاصيلة ومرتكزات وجودنا في الطائفة والوطن، وقال: “إننا أقوياء في الوطن لأننا نتمسك بقيمنا التوحيدية والوطنية وليس في قاموسنا الخروج عن القانون، ولن نكون أقوياء اذا خرجنا على القانون واذا احتقرنا شركاءنا في الوطن، ولن نكون أقوياء اذا لم تكن وحدتنا الداخلية قوية. هذه هي رسالتي منذ أن تسلمت هذه المهمة وهذا ما أطرحه مع اخواني وأهلي الموحدين ومع الآخرين، أن نكون أقوياء بوحدتنا؟ فهذا شرف لنا، وأن نكون اقوياء في وحدتنا وفي شراكتنا تلك هي المعادلة، قوة الوحدة قوةٌ في الشراكة، ضعف في الوحدة ضعف في الشراكة”.
تابع: “اننا كمسؤولين يجب أن نسعى لتحقيق طموح مجتمعنا، وبقدر ما تسمح به الامكانيات، ولكن من الطبيعي والضروري ومن الواجب أن نسعى مهما كانت الامكانيات ضعيفة او قوية، علينا الاستمرار في السعي. لدينا خطط معينة يجب أن نسير عليها في الأمر الثقافي، الأمر الاجتماعي، الأمر الاقتصادي، في أمور الأوقاف، في كل الأمور التي هي ضمن مسؤولياتنا. هناك ورشة عمل نتعاون واخواننا في المجلس المذهبي على القيام بها، الأمور بحاجة الى كل الطاقات الشبابية، العلمية، الثقافية والدينية. نحن بحاجة الى الجميع وعلينا ان ننخرط جميعنا في ورشة العمل، لنثبت في ديننا، وفي قيمنا، وفي أرضنا، ولننهض اكثر واكثر في مهمة انسانية وطنية، ومهمة النهوض تنتظرنا وعلينا ان نسعى لها. هناك حاجة لاستثمار الأوقاف في مشاريع اقتصادية تثبتنا في هذه الارض في هذا الوطن. لكي نكون اقوياء فعلا نحن بحاجة الى قوة اقتصادية هذا ما نتكلم به مع اخواننا في المجلس المذهبي، مع القيادات السياسية، لعلّنا نستطيع ومع المغتربين ومع المتمكّنين، لعلّنا نستطيع أن نتحرّك الى الأمام من خلال مجموعة اقتصادية متكافئة واثقة بعضها ببعض، واثقة بمسيرة مشيخة العقل والمجلس المذهبي، لنتقدّم الى الأمام، هكذا نستطيع أن نحصّن مجتمعنا في ظل هذه التحدّيات”.
ثم كانت زيارة تعزية بالمرحوم فريد سامي عزام في القاعة الاخرى حيث رحب به السيد سليمان عزام والاقارب.
واختتم سماحة شيخ العقل جولته في بلدة عين زبدة حيث اقيم له في القاعة العامة استقبال من مشايخ البلدة وفاعلياتها والاهالي والقى خلالها كل من الأستاذ عادل العموري واللواء شوقي المصري كلمتي تنويه وتقدير، وكلمة لسماحة الشيخ ابي المنى، حيّا فيها “الاهالي المتمسكين بالارض والجذور التي يجب ان تبقى ثابتة، اما الاغصان فقابلة للانفتاح والتعديل، والنتيجة هي الثمر الطيب اليانع من تلك الجذور الثابتة والّا نصبح كورقة في مهب الريح، وهذا ما لا نقبل به، لذا نقول ثبتكم الله على ايمانكم وعلى دينكم وقيمكم وفي أرضكم وان شاء الله ان نكون دائماً على صلة معكم ان لم نكن حضورياً وانما بالفكر والقلب”.
وتناول في كلمته الاوضاع الراهنة، فقال: ان موقفنا مما يدور اليوم حولنا من أحداث اليمة واضح، وقد اصدرنا بياناً بذلك، فنحن مع القضية الفلسطينية ونستنكر ما يحصل من سفك للدماء وقتل للأبرياء، وندعو الى تحكيم العقل، وكما وندعو الدول الكبرى الى التدخل لوقف هذه المجزرة ولإيجاد طريقة لإحلال السلام في هذه المنطقة بدلا من القتل والدمار”.
وختم: “ضمانة وجودنا هو تعلقنا بالثوابت الايمانية والاخلاقية والوطنية، والارض هي جزء من هذه الثوابت، فكما بحاجة الى الإيمان والعلاقة مع الله، وبحاجة الى الاخلاق والقيم المعروفية والعلاقة مع الناس، فنحن بحاجة الى التمسك بالأرض والعلاقة مع الوطن ومع شركائنا في الوطن. هذه هي ثوابت بني معروف ثوابت الموحّدين نتمسّك بها ونواجه من خلالها شتّى التحدّيات”.
وأنهى سماحة شيخ العقل جولته في البلدة بزيارة المجلس الديني ومنزل المرحوم الشيخ أبو وجيه كامل العموري والسيد نسيب العموري. وعرج في طريق العودة الى مكسة مجدداً لزيارة مستشاره الشيخ دانيال سعيد والشيخ ابو يحيى عصام سعيد.
وشارك سماحة شيخ العقل في صلاة الغائب عن روح معتمد مشيخة العقل في تورنتو – كندا الشيخ ابو سليمان كمال يحيى (صلاح) على رأس وفد من المشايخ واعضاء المجلس المذهبي ومسؤولين في مديريتي المجلس والمشيخة، والتي اقيمت في قاعة ال يحيى في مسقط رأسه عرمون، وقد نعته مشيخة العقل وآل يحيى وعموم اهالي عرمون، وذلك بمشاركة سماحة الشيخ القاضي نعيم حسن وحشد من المشايخ والفاعليات وابناء البلدة والمنطقة.
وبعد كلمات لأقارب الراحل قدم سماحة الشيخ ابي المنى شهادة بمعتمد مشيخة العقل “المندفع والمضحي والمؤمن”، قائلاً: بسم الله الرحمن الرحيم. “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي” صدق الله العظيم. هو الموت يواجهه المرء منا في كل حين، فيزداد صلابة ويزداد ايمانا ويشتد عوده، لأنه عود التوحيد وعود الحق، ونواجهه نحن اهلَ الفقيد واحباءه واصدقاءه وعارفيه بالرضا والتسليم، لأن الرضا والتسليم نهاية العلم وغاية التعليم. نواجه الموت بشهادة حق في راحل عزيز، والمرحوم الشيخ ابو سليمان كمال يحيى (صلاح) المعروف بصلاحه كان رجلاً خيراً كريماً معتمداً صالحاً لمشيخة العقل في زمن سماحة الشيخ نعيم حسن وأكمل المسيرة معنا، فكان مثالاً في صدقه، في دقته، في تضحيته، في ايمانه، لأن المعتمدية تحتاج الى الصدق والى التضحية والى الدقة، فكان مثالاً في ذلك على نهج أخيه أطال الله عمره الشيخ يوسف وعلى نهج المعتمدين الأوائل الكرام الذين تولوا ويتولون هذه المهمة”.
وأضا: “هي مهمة وصل وصلة وتنظيم بيننا وبين اخواننا في بلاد الانتشار، كي لا تكون الغربة غربة روح وغربةً عن المجتمع، إنما هي غربة جسدٍ وغربة عمل. أما الغربة الحقيقة فهي الاغتراب عن الانتماء الروحي والاجتماعي والوطني، ولكن المغتربين أمثال المرحوم الشيخ يحيى فهي ليست بغربة، لأنه بقي بروحه وفكره وانتمائه متجذّرا في هذه العقيدة التوحيدية وفي هذه القيم المعروفية وفي هذه الوطنية الصافية. لروحه نسأل الرحمة ولكم نسأل طيب البقاء، وانا لله وانا اليه راجعون”.
وزار سماحة الشيخ ابي المنى وسماحة الشيخ حسن والوفد المرافق بعد ذلك العميد المتقاعد انور يحيى في منزله في البلدة.
وقدم سماحة الشيخ ابي المنى التعازي الى وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى وعائلته في بيروت بوفاة والدة زوجته المغفور لها عايدة جميل خاطر، ورافقه عضو المجلس المذهبي الشيخ فادي العطار وشقيقه الشيخ كمال ابي المنى.