كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
وزّعت إجراءات الحكومة اللبنانية لمواجهة موجة النزوح الجديدة من سوريا إلى لبنان، مسؤوليات المتابعة والتصدّي لهذه الموجة على اتجاهين: الأول، الجيش والقوى الأمنية، والثاني، البلديات والإتحادات.
فالجيش يتابع المهام المكلّف بها من السلطة السياسية على الحدود مع سوريا، فيما تعاني أفواجه وألويته وأفراده نقصاً في الماديات والتجهيزات، وهو ما دأب على تأكيده فوج الحدود البرية الأول المتمركز على الحدود الشمالية. أمّا البلديات فالعديد منها يؤكد من جهته عدم قدرته على القيام بالعديد من المهام التي توكل إليه بعد كل اجتماع حكومي أو بعد كل تعميم يصدر عن وزارة الداخلية والبلديات وعن الوزير بسام مولوي بالتحديد.
أما المهام التي تُطلب من البلديات بتعاميم في هذه الفترة فتتركّز على ضرورة جمع المعلومات وإحصاء عدد النازحين في نطاقها بشكل مستمرّ، وإحصاء المؤسسات التي يديرونها أو يعملون بها في نطاق كل بلدية، بالإضافة إلى فرض بعض القيود على تحركاتهم، وعلى المخيمات التي يسكنون فيها. وتأتي هذه المهام في أدقّ الأوقات والظروف التي تمرّ بها البلديات والأجهزة الأمنية.
أكثر من اجتماع متابعة عقده محافظ عكار عماد اللبكي مع البلديات والأجهزة الأمنية ضمن ما يعرف بالمجلس الأمني الفرعي، في متابعة للقرارات التي تصدر عن الحكومة ووزارة الداخلية.
لكن النزوح المتواصل إلى لبنان في شقّه المتعلق بالحدود الشمالية مع سوريا من جهة عكار، أصعب وأكثر تحدياً من قدرات الإدارات الرسمية والأجهزة الأمنية والبلديات مجتمعة، وهي أزمة تحتاج إلى دولة متعافية من كل النواحي وقادرة على فرض قراراتها فضلاً عن التنسيق مع الجانب السوري في هذا الشأن وتحديد المطلوب من كل طرف لكي يتأمّن الحل.
ويؤكد عدد من رؤساء البلديات والإتحادات في عكار أنّ رمي مسؤولية تعقُّب النزوح بجزء كبير منها على البلديات، أمر فيه مبالغة، فالبلديات اليوم في أصعب أوقاتها ولا أموال تأتيها. رئيس اتحاد بلديات الدريب الغربي أحمد كفا قال لـ»نداء الوطن»: «كبلديات عكارية ليس لدينا موظفون ولا آليات تعمل ولا إمكانات مادية أو لوجستية أيضاً، ولا تُصرف لنا الأموال. بالتأكيد كل ما نستطيع تقديمه في هذه الفترة هو بيانات بعدد النازحين وأماكن إقامتهم وأعمالهم. هذا ما أبلغناه لمحافظ عكار خلال اجتماعنا معه، والمواضيع الأخرى هي عند المنظمات الدولية التي تؤمّن للنازح السوري الكثير من الخدمات داخل المخيمات، وبالتالي فإنّ ما تطلبه وزارة الداخلية من البلديات أمر لا يمكن تنفيذه، ليذهبوا إلى المنظمات فالحل عندها وليس عندنا». بحسب مصادر مطّلعة، فإن محافظي المناطق أبلغوا وزير الداخلية في اجتماعهم الأخير معه أنّهم، ورغم تقديرهم لدوره في هذه الظروف، إلا أنّ تحميل البلديات أعباء إضافية بمسألة النزوح لن يشكّل حلاً، والمشكلة والحلّ عند الدولة التي يجب أن تكون حاسمة وتؤمّن للأجهزة الأمنية احتياجاتها عبر المنظمات الدولية المانحة، لأن كل الأجهزة الأمنية لديها ذرائع اليوم بعدم وجود آليات ومحروقات وعديد كاف للقيام بمهام المؤازرة سواء للجيش أو للبلديات والأخيرة ليس لديها الإمكانات وبالتالي فإن المسألة بحاجة إلى آلية متابعة من نوع آخر.
من جهته، يعتبر رئيس اتحاد بلديات الشفت انطون عبود أنّ «أكثرية البلديات في عكار والشمال وكل لبنان، لا تستطيع أن تفعل شيئاً حيال مسألة النزوح لأنّ لا إمكانيات لديها»، ويوضح «كلّفت بنفسي فريقاً للإحصاء ولا دخل للبلدية به وحتى قبل قرار وزارة الداخلية والوزير الذي نحترم، لنعرف عدد السوريين في مناطقنا، فالدولة لا ترسل أموالاً ولا تساعد وفي نفس الوقت تطلب منا قطع الكهرباء عن المخيمات من يستطيع ذلك؟ أين دور الجمعيات التي تؤمّن كل شيء للسوري في حين أن اللبناني ليس لديه شيء. فمن دون تواصل جدّي مع سوريا لا يمكن إيجاد حل، وهذه الحكومة ضائعة لا تعرف ماذا تفعل».
أمام كل هذه المعطيات، لا تزال المؤشرات تدل على ازدياد أعداد النازحين في عكار وما يؤكد ذلك هو استمرار الجيش في توقيف مهرِّبين ومهرَّبين على حدّ سواء، في عمليات شبه يومية.