كتب حسين زلغوط في “اللواء”:
ترصد كل الدول المعنية ما يجري في فلسطين المحتلة لجهة الحرب الإسرائيلية على غزة، والخطوات التي سيتخذها «حزب الله»، وما اذا كان بصدد تغيير قواعد الاشتباك على الحدود مع اسرائيل من خلال فتح حرب حقيقية والدخول الى مستوطنات الجليل على غرار ما حصل في المستوطنات التي هاجمتها حركة «حماس» والتي كانت بمثابة الضربة القوية على رأس الحكومة الاسرائيلية المتطرفة، والتي اجمع كل المحللون والمتابعون لمسار هذا الحدث بأنها اصابت القيادتين السياسية والعسكرية في اسرائيل بالضياع والارباك وهو ما حمل بنيامين نتنياهو الى فتح خط مباشر ومتواصل مع البيت الابيض طلبا للنجدة.
وقد لوحظ ان وزيرة خارجية فرنسا، كما كل المسؤولين في اكثر من دولة كان سؤالهم الوحيد للمسؤولين في لبنان لا سيما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي هو، ماذا يريد «حزب الله» ان يفعل، وما هو الذي اذا فعلته اسرائيل يؤدي الى فتح «حزب الله» جبهة الجنوب؟ وبالطبع لم يكن هناك من اجابات حاسمة، وان ميقاتي رفض اعطاء اي ضمانات بأن الحزب لن يدخل في هذه المعركة، حتى انه وفق المعلومات انه قال لوزير خارجية الاردن الذي اتصل به في يوم واحد خمسة مرات مستفسرا عما اذا كان هناك من مؤشرات بإمكان ان يتوسع اطار الحرب الدائرة في غزة الى لبنان وما اذا كان حزب الله بصدد دخول هذه الحرب: هذا الموضوع ليس لدى الحكومة اي اجابة عليه، وهي ليست في موقع اعطاء اي ضمانات لأحد بأن تبقى جبهة الجنوب هادئة اذا بقيت المذابح والحرب التدميرية قائمة على غزة.
وبالنسبة الى وزيرة الخارجية الفرنسية كاترينا كولونا فإنها تحدثت في السراي بما يشبه التحذير للبنان بضرورة اتخاذ كل الاجراءات الآيلة الى منع توسيع نطاق حرب غزة باتجاه الجنوب اللبناني لان الوضع لا يحتمل، وكان رد الرئيس ميقاتي بان هناك اتصالات مكثفة لإبقاء لبنان خارج التوترات الحاصلة، مشددا على ان قرار الحرب هو بيد اسرائيل ولا احد سواها.
وفي مقابل ذلك، فإن السفيرة الاميركية في بيروت دورثي شيا وفق المعلومات حملت السؤال ذاته مع تأكيد بان اسرائيل ليست في وارد التصعيد على الجبهة مع لبنان الى مدير عام الامن العام السابق اللواء عباس ابراهيم الذي خاطبها قائلا: انا لست في موقع اعطاء ضمانات، اسألوا «حزب الله» وهو لديه الاجابة على استفساراتكم.
واذا كان البعض يظن ان المقاومة تنتظر حدثا ما لكي تدخل هذه الحرب، تسارع مصادر عليمة الى القول ان «حزب الله» هو الآن في قلب المعركة، والا ماذا تفسر المواجهات اليومية على طول الحدود، لا بل ان ضربات المقاومة تطال مواقع مهمة للعدو الاسرائيلي وتلحق به الاضرار في مواقعه ودباباته وجنوده، وانها قصفت مباشرة موقع العباد الذي يوجد فيه اهم الرادارات في الشرق الاوسط ويعمل فيه 300 ضابط وجندي، وان قيادة المقاومة تتابع التطور الميداني خطوة بخطوة وعلى هذا الاساس تحدد خطواتها.
وعن الموقف الاميركي، ترى المصادر ان موقف واشنطن مشوش، فوزير الخارجية انتوني بلينكن هدد وتوعد في زيارته الاولى الى تل ابيب من منطلق انه يهودي قبل ان يكون وزير خارجية اميركا، وبعد الجولة التي قام بها في المنطقة عاد الى اسرائيل ثانية لكنه بموقف مغاير عن المرة الاولى حيث اكد ان لا مصلحة للجميع في حرب شاملة بسبب الانخراط الاقليمي، حيث انه سمع كلاما واضحا في المملكة العربية السعودية حول مسألة التطبيع لم يطمئنه، كما انه سمع في الاردن تأكيدا بان الاردن لا يستطيع تحمل وزر تهجير الفلسطينيين من غزة، وهذا ما يبعث على الاعتقاد بأن زيارة بلينكن الثانية الى تل ابيب كانت مختلفة عن زيارته الاولى بكل المعايير.
وتتابع المصادر القول ان ما يؤكد وجود المقاومة في لبنان في قلب المعركة الدائرة هو وضع اسرائيل 3 فرق عسكرية على الحدود الشمالية اضافة الى ثلث «القبة الحديدية»، وذلك تحسبا لتطور الامور، علما ان القيادة العسكرية استدعت ما يقارب 330000 ألف من الاحتياط غير مدربين بما يكفي ومعظمهم من الموظفين، وهذا ما سيشكل ازمة اقتصادية ومعيشية داخل الكيان في حال طال أمد الحرب.
وتشدد المصادر على انه بصريح العبارة ان «حزب الله» لن يترك غزة تسقط، معولة في الوقت نفسه على تحرك اهل الضفة الغربية، لأن مثل هذا التحرك يوجع اسرائيل، كونه يتعلق بأمن المواطنين الإسرائيليين، فالضفة واراضي الـ48 هم محور اساسي في المقاومة.
وفي تقدير هذه المصادر ان الاسرائيلي سيأخذ القرار في ما يتعلق باجتياح غزة من عدمه بعد زيارة الرئيس الاميركي جو بايدن الى تل ابيب اليوم، وكلما تأخر الوقت، وتغيّر مزاج الرأي العام الدولي والاسرائيلي كلما كان ذلك انتصاراً للمقاومة.