كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
تحشد الولايات المتحدة قوتها السياسية والعسكرية مؤازرة لإسرائيل في حربها على الفلسطينيين. ويزورها الرئيس الأميركي جون بايدن، بعد زيارتين لوزير خارجيتها وكل من وزير الدفاع وقائد القوات المسلحة، فضلاً عن الحشد العسكري. كلها رسائل تصعيد أميركية يردّ عليها الجانب الإيراني برفع سقف تهديداته على لسان مسؤوليه من السيد الخامنئي إلى الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي وصولاً إلى وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي قال إنّ «أي عمل استباقي من قبل المقاومة ضد إسرائيل في الساعات المقبلة أمر وارد».
على وقع حماوة المواجهة العسكرية تحشد أميركا وايران أدواتهما الديبلوماسية والعسكرية. في قراءة لأبعاد التحرك الإيراني في المنطقة تتحدث مصادر ديبلوماسية عن حشد إيراني لمواجهة الموقف الأميركي الداعم لحرب اسرائيل ضد الفلسطينيين، وقد حمّل السيد خامنئي الرئيس الأميركي صراحة المسؤولية عن إدارة الحرب الاسرائيلية على غزة.
تحمل مواقف إيران تهديداً مباشراً للأميركي كي يستدرك الوضع قبل فوات الأوان، وحصول ضربة استباقية من محور المقاومة. وفي تفسير لموقف كهذا تعتبر المصادر أنّه من غير الممكن لمحور المقاومة أن ينتظر الإجهاز على «حماس» للانتقال إلى «حزب الله» وأطراف آخرين. وما دام المطلوب رأس «حماس» فإنّ أهداف اسرائيل ستكون على هذا المستوى.
وفي تقدير محور المقاومة أنّ المقصد من حرب غزة استفراد كل طرف على حدة، وأنّ دور «حزب الله» آتٍ، فمن الطبيعي ألا ينتظر القضاء على «حماس» التي صار مصيرها مرتبطاً بمصير محور المقاومة كله.
وفي هذه الفترة الضبابية، حيث يصعب تحديد اتجاه التطورات من قبل إسرائيل والأميركيين، فإنّ «حزب الله» لن يوقف التصدي لإسرائيل في المناطق اللبنانية المحتلة على الحدود بهدف إشغالها وارباكها. ووفق المعطيات الميدانية فإنّ منسوب التوتر يرتفع تدريجياً، وقد يصل إلى مكان تتخذ فيه اسرائيل قرارها بالقيام بعمل ميداني استباقي كبير فتقع الحرب الشاملة حينها، إلّا إذا اتجهت إلى تخفيف التصعيد فتنحسر المعارك تباعاً من دون أن يعني توقفها نهائياً.
صار واضحاً لمحور المقاومة أنّ الأميركي وضع ثقله وخبراته في خدمة اسرائيل وصولاً إلى إدارة حكومتها الواقعة في تناقضات كادت أن تقضي عليها. ويعتبر المحور أنّ الجانب الأميركي بات في مرحلة غير معلومة، هل يذهب إلى حرب اقليمية على مشارف إنتخاباته الرئاسية؟ في التحليل الأول إنّ ذلك مستبعد، لكن إذا اكمل تصعيده، فالأمور ستذهب حكماً في اتجاهات جديدة ومعركة اقليمية تملي تدخل كل المحور وحينها ستقع حرب تطول شظاياها كل الدول التي تلعب دوراً سلبياً اليوم.
وليس وضع الجانب الفرنسي أفضل من الأميركي، من وجهة نظر محور المقاومة، وهو المتهم بلعب دور سلبي نتيجة ضغوطه المتزايدة وعبر عدة قنوات على «حزب الله» لثنيه عن الإنخراط في الحرب الاسرائيلية ضد الفلسطينيين، وكأنّ الإجهاز على «حماس» إن حصل سيستثنيه من المعركة. منطق يرى فيه محور الممانعة خفّة في التعامل، إذ أنّه من المستحيل بأي شكل أن يرى «حزب الله «المقاومة تنتهي ويتنحى جانباً.
حتى الساعة يبدي «حزب الله» ارتياحاً إلى مسار المعارك العسكرية ومواجهة اسرائيل في غزة، ولدى الفلسطينيين قدرة على السيطرة على الوضع الميداني بشكل جيد، فإمكانات المقاومة الفلسطينية هائلة وأوراقها لم تكشف بالكامل بعد، ما يجعل المحور مطمئناً، لكنّه لا يخفي تخوفاً من توسّع رقعة المواجهة. الأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات وخيار الحرب الشاملة اقليمياً ليس مستبعداً، لكن المؤشرات لوقوعها لم تكتمل بعد، لا في الجنوب اللبناني من ناحية «حزب الله» ولا من ناحية المقاومة الفلسطينية.
خلال وجوده في لبنان أكد عبد اللهيان أنّ محور المقاومة لن يترك غزة، وإذا وصلت الأمور إلى خط أحمر فسيدخل كل المحور في المعركة. وفي توصية ايران للفصائل الفلسطينية و»حزب الله» أنّّ التصعيد سيقابل بتصعيد، وحينها لن يكون كل المحور في منأى عن التدخل بما في ذلك الحوثيون و»الحشد الشعبي»، وستفتح المواجهة في الجولان.
فحوى رسالة ايران لمن يطلب عدم تدخل «حزب الله» تقول إنّ استمرار الحرب على غزة سيوصل إلى حرب اقليمية، فهل تتلقف أميركا الرسالة فتتجه مع وصول رئيسها إلى اسرائيل إلى تخفيف التصعيد؟ معالم الصورة غير واضحة لمحور الممانعة بعد ما يفترض الاستعداد لكل السيناريوات.