كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:
لا يزال اللبنانيون يترقبون بقلق وحذر إمكانية تدهور الأوضاع في الجنوب وإمكانية جرهم للحرب المندلعة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. ففيما رأى البعض في الضربات التي وجهها “حزب الله”، الأحد، لمواقع عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة ورد تل أبيب المحدود عليها أنه قرار من قبل الطرفين بالالتزام بقواعد الاشتباك المعمول بها منذ عام 2006 وبعدم التصعيد، لا يستبعد آخرون في حال صدور قرار إيراني بأن يُقدم الحزب على توسيع مناطق العمليات العسكرية والانخراط كلياً في حرب واسعة.
وتوجّه رئيس المجلس التنفيذي لـ “حزب الله” هاشم صفي الدين إلى الفصائل الفلسطينية، قائلاً: «سلاحنا وصواريخنا معكم». وخلال وقفة تضامنية مع غزة، وأضاف: “لسنا على الحياد في المعركة التي تدور حالياً في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ويجب أن يتمعّن الإسرائيلي جيداً برسالة الصواريخ صباح اليوم”.
وتقول مصادر مطلعة على جو “حزب الله” لـ “الشرق الأوسط” إنه “لا يوجد قرار أو مخطط بفتح جبهة الجنوب اللبناني وشن حرب من أكثر من محور على إسرائيل، إلا أن الاستعدادات قائمة لخوض المواجهة في حال قررت تل أبيب إشعال جبهتها الشمالية”.
ويعتبر الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية العميد المتقاعد خليل الحلو أن تحريك «حزب الله» لجبهة الجنوب “هو على المستوى الاستراتيجي تجسيد لوحدة الساحات بالنسبة لحلفاء إيران، أي أن غزة – لبنان – الضفة الغربية وسوريا، بالنسبة لهم ساحة واحدة»، لافتاً إلى أن «قرار استهداف مزارع شبعا بالتحديد مرده لكون الحزب يعتبر أنها غير مشمولة بالقرار 1701، وهي أراض لبنانية، من هنا وباستهدافها يكون يحافظ على قواعد الاشتباك السابقة، وإن كان الجديد بالموضوع هو استهدافه لمراكز عسكرية إسرائيلية والرد باستهداف خيمة للحزب”.
ويرى الحلو في تصريح لـ “الشرق الأوسط” أن الحزب، ومن خلال تحريك جبهة الجنوب، وجه عدة رسائل، “الأولى لجمهوره ومفادها نحن هنا. والثانية لحركة حماس ومفادها بأننا جاهزون، والرسالة الثالثة لإيران وتقول: لقد مولتمونا وساعدتمونا وفي ساعة الحقيقة نحن مستعدون للقيام بواجبنا. أما الرسالة التي وجهها الحزب لإسرائيل وتم توجيهها عبر قنوات معتمدة مفادها بأنه في حال قامت إسرائيل بغزو بري لغزة فهو سيفتح جبهة لبنان”.
ورغم اعتباره أنه في الحروب قد تتدحرج الأمور بشكل غير محسوب، فإن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، العميد المتقاعد هشام جابر، يرجّح أن يبقى أي تطور جنوباً ضمن قواعد الاشتباك، لافتاً إلى أن ما حصل ويحصل جنوباً يندرج بإطار التضامن المحدود مع «حماس».
ويشدّد جابر في تصريح لـ”الشرق الأوسط” على أن “لا مصلحة لا لحزب الله ولا لإسرائيل بفتح جبهة الجنوب اللبناني. فتل أبيب وبعد تطورات الداخل بات محسوماً أنها غير قادرة عسكرياً على التصدي على أكثر من جبهة، كما أن حزب الله غير مستعد للحرب، لعلمه أن الداخل اللبناني لا يسانده إطلاقاً بقرار إطلاق أي معركة أو حرب، أضف أن لا إسرائيل ولا الحزب لهما مصلحة بوقف استخراج النفط والغاز”.
من جهته، يشير أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية هلال خشان، إلى أن تحريك «حزب الله» جبهة الجنوب وإن كان بشكل محدود، «هو لإظهار نوع من أنواع التضامن مع غزة من دون مخالفة قواعد الاشتباك، حتى إنه من غير المستبعد أن يكون الحزب أبلغ اليونيفيل بأنه سيطلق عدداً من القذائف ولا يريد التصعيد، وقد ردت عليه إسرائيل بالمثل بشكل موزون ومدروس».
ويعتبر خشان أن “حزب الله” محرج باعتبار أن قدراته العسكرية تفوق حماس بأضعاف، كما أنه مضطر للرد على من يسأله عن سبب عدم استفادته من الظرف الراهن لتحرير تلال كفرشوبا ومزارع شبعا»، مضيفاً: “لا شك أنه قادر على استردادها، لكن الخشية من ردة فعل قاسية لإسرائيل». ويرى أن «حزب الله غير معني اليوم بحرب مفتوحة مع إسرائيل ستدمر إنجازاته خلال 30 سنة، وأبرزها نجاحه بحكم لبنان».
أما الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير فيرى أن “حزب الله” ومن خلال استهدافه مواقع عسكرية في مزارع شبعا يريد التأكيد على أنه جاهز للمشاركة في المعركة، وما جرى هو رسالة تحذيرية للعدو مفادها بأن استمرار الصراع في غزة لن يبقى منفصلاً عن بقية الجبهات، وأن جبهة الجنوب قد تشتعل».
ويُضيف قصير في تصريح لـ”الشرق الأوسط”: “حالياً الرد كان محدوداً، ورد الإسرائيلي محدود، لكن كل الاحتمالات واردة، وهذا مرتبط بالصراع في غزة وفلسطين. فإذا تطورت الأمور كل الاحتمالات عندها واردة”.