تقرير ماريا خيامي:
يترنح لبنان على جبهة الحرب، والأخطر في احتمالات الحرب المفتوحة بين حزب الله وإسرائيل، أن لبنان المُثقل أصلا بأزماته السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية لا يمكن أن يحتمل تداعيات أي حرب جديدة.
ومع انهيار المبنى السكني في منطقة المنصورية واستمرار أعمال الإنقاذ لأيام عدة وتعذر انقاذ السكان، يتساءل اللبنانيون حول مدى جهوزية فرق الإنقاذ في حال وقوع حرب في لبنان وانهيار عدد أكبر من المباني.
وفي حديث لموقع IMLebanon، أوضح المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطّار أن “مهمات البحث والإنقاذ والإسعاف لدى سقوط مبنى المنصورية لم تتطلب معدات إضافية عمّا هو متوفر لدى مراكز الدفاع المدني من عتاد مخصص لهذا النوع من العمليات”.
كما أعلن خطار أننا “تسلّمنا في الأونة الأخيرة هبة من مؤسسة سبينس بالتنسيق مع جمعية “رودز فور لايف” كناية عن سبع مجموعات من العتاد التي تستخدم لتنفيذ عمليات البحث والإنقاذ، ولا يسعنا أبداً القول أن ثمة تقصير في إنقاذ المواطنين الذين كانوا تحت الأنقاض”.
ولفت إلى أن “عناصر الدفاع المدني المدربة على تنفيذ هذا النوع من المهمات توجهت فور ورود البلاغ إلى الموقع ونفذت مهامها بحرفية عالية استناداً إلى شهادة كافة المعنيين، وجازفت العناصر بحياتها إلى أن تمكنت من إنقاذ أربع مواطنات وانتشال 6 جثث لغاية الساعة وعملية البحث عن المفقودين ما زالت مستمرة”.
أما عن نقص المعدات لدى الدفاع المدني، أوضح أن “عتاد البحث والإنقاذ المتوفر لدينا كان كافياً لإنجاز المهمة على أكمل وجه، كما أنه لم يكن باستطاعتنا استخدام المعدات الثقيلة كالجرافات وما شابه خوفاً من سقوط أجزاء أخرى من المبنى أو الأبنية المحيطة به ما يعرض السلامة العامة للخطر.”
إلى ذلك، تعليقاً على جهوزية الدفاع المدني لمواجهة الكوارث والمخاطر على اختلاف أنواعها، أضاف العميد أن “الجهوزية مؤمنة سواء أكان في حالات الحرب أو السلم ولكن وفق الامكانيات المتوفرة”، مشيراً إلى أن عناصر الدفاع المدني موجودة في المراكز المنتشرة على كافة الأراضي اللبنانية طيلة أيام الأسبوع وعلى مدار ساعات الليل والنهار للإسراع لتلبية نداءات المواطنين والمقيمين على حد سواء.
أما بالنسبة للصعوبات، يعدّد خطار أبرز التحديات التي تواجهها المديرية العامة للدفاع المدني التي تحمل على عاتقها مهام كبيرة، ومنها:
– النقص في العتاد والتجهيزات (ثمة نقص في الإطارات والخراطيم الضرورية لإخماد النيران وسواها من المعدات) كما أن الآليات بمعظمها باتت قديمة العهد وتحتاج إلى صيانة دائمة.
– الأعطال الميكانيكية لعدد من الآليات نظراً للإستهلاك اليومي وعدم قدرتنا على تأمين التصليحات المطلوبة نظراً لإصرار الكراجات على تقاضي أجور التصليح بالعملة الأجنبية (الفريش دولار).
– أزمة المحروقات، إذ يتم حالياً تزويد آليات الدفاع المدني بالمحروقات من المحطات العسكرية التابعة للجيش اللبناني.
– عدم توفر مآخذ مياه في العديد من المناطق اللبنانية. وهذا ما يؤدي إلى التأخير في السيطرة على النيران، بسبب اضطرار العناصر لاستخدام معدات يدوية لإخماد الحرائق بانتظار استقدام صهاريج مياه لتغذية آليات الإطفاء من البلدات المجاورة.
وأكد المدير العام للدفاع المدني أن “الدعم الذي تحظى به المديرية العامة للدفاع المدني، عن طريق قبول هبات عينية مقدمة من جهات مختلفة محلية وخارجية لصالح وزارة الداخلية والبلديات- المديرية العامة للدفاع المدني بموجب مراسيم تصدر عن مقام مجلس الوزراء، شكّل الرافعة الأساسية لتمكين المراكز من متابعة عملها بانتظام وتلبية نداءات الإغاثة والتدخل الفوري لتقديم المساعدة.”
وكشف عن أنه “ثمة جهات مانحة دولية تمكنت من تأمين بعض المعدات والتجهيزات لعدد محدود من المراكز، وتقوم المديرية العامة للدفاع المدني على الأثر بقبول هذه الهبات وفقاً للأصول القانونية والادارية المرعية الإجراء وذلك عبر إرسال مشاريع مراسيم إلى وزارة الداخلية والبلديات تمهيداً لاصدارها وفقاً للأصول.”
وفي هذا السياق، أشار خطّار إلى “الدعم الفرنسي الذي تلقاه المديرية العامة للدفاع المدني إثر اتفاقيات التعاون الموقّعة بينها وبين السفارة الفرنسية في بيروت، والتي أثمرت عن تأسيس مركز للتدريب في التحويطة لتعزيز قدرات العناصر في مجال إطفاء الحرائق في الأماكن المغلقة وانتداب أمهر المدربين الفرنسيين لتولي هذه المهمة، وتأمين بعض العتاد اللازم بكميات محدودة للإستمرار في تنفيذ المهام اليومية.”
وأردف قائلا: “إن عدد سيارات الإسعاف التابعة إلى المديرية العامة للدفاع المدني والموضوعة في الخدمة هو 160 آلية، ومن بينها ثمة 30 آلية معطلة ومتوقفة عن العمل”، وقال: “عدد مراكز الدفاع المدني المنتشرة على كافة الأراضي اللبنانية يتجاوز الـ 223 مركزاً وكل مركز بحاجة إلى أن تتوفر لديه سيارة إسعاف واحدة على الأقل لتأمين خدمة الإسعافات الأولية، وهذا ما يظهر حجم النقص في عدد الآليات والحاجة المطلوبة، فالعدد المتوفر لدينا لا يكفي ليوزع بشكل متناسب مع عدد المراكز على الأقل.”
وعن وعود إدارة الكوارث بتأمين المزيد من المحروقات لآليات الدفاع المدني، كشف العميد خطّار أن المديرية لم تتلق أية وعود وهي تتعاون حتى الساعة مع قيادة الجيش التي تزودها بكميات محدودة من المحروقات.
اذا لبنان جاهز للحرب وفق ما تقوله الحكومة ولكنه سيسعف نفسه ويطبب نفسه من “الموجود”، والموجود ليس الا بقليل فالمؤسسات تتعاون في ما بينها لتلبية المواطنين فكيف لها ان تسعف المئات خلال الحرب؟