رأى السفير السابق في واشنطن د ..رياض طبارة، ان الاختلاف بين السياستين الأميركية والإسرائيلية وإن كان بسيطا ويتسم بطابع «المونة»، لا يعني ان واشنطن توافق على كامل خيارات تل أبيب، لاسيما الاستراتيجية منها في المنطقة الشرق أوسطية، بدليل ان الاختلاف الأخير بينهما في وجهات النظر حول خيار دخول الجيش الإسرائيلي الى غزة من عدمه، أشعل ما يشبه الثورة في وزارة الخارجية الأميركية، بحيث أقدم كبير الموظفين مدير مكتب الشؤون السياسية والعسكرية جوش بول، على تقديم استقالته اعتراضا على طريقة تعامل إدارة الرئيس جو بايدن مع الحرب، ناهيك عن أن مئات الموظفين في الكونغرس الأميركي من نواب ومسؤولين، تقدموا من وزارة الخارجية بعريضة أبدوا فيها رفضهم للسياسة الخارجية الأميركية، لاسيما ما يتصل منها بالحرب الإسرائيلية في غزة، إضافة إلى اعتقال الشرطة لعشرات المتظاهرين أمام الكابيتول المحتجين على الدعم الأميركي لإسرائيل في الحرب.
طبارة سرد ما تقدم في حديث لـ «الأنباء»، للوصول منه الى التأكيد على ان الضغوط في الداخل الأميركي تتصاعد وتيرتها لمنع إسرائيل من الدخول الى قطاع غزة، وهو ما عبر عنه الرئيس بايدن بقوله ان اي اجتياح بري إسرائيلي سيكون خطأ استراتيجيا كبيرا، الأمر الذي سيغير معادلة الحرب فيما لو استجابت إسرائيل للاعتراض الأميركي على خيار دخول جيشها برا الى غزة، خصوصا انه سيواجه لا محال حرب عصابات لا تنتهي فقط بانسحابه تحت وطأة إرسال جنوده في التوابيت إلى أهلهم وذويهم، وبفتح كل الجبهات وتوسيع رقعة الحرب.
وردا على سؤال حول قراءته للتوجه الإيراني، أكد طبارة ان طهران وبالرغم من انها تبحث عن انتصار لحماس تستطيع من خلاله قبض الثمن سياسيا، لن تدفع فصيلها حزب الله في لبنان الى فتح جبهة الجنوب، وذلك مرده ليس الى خوفها على الاستقرار في المنطقة، بل ليقين حزب الله ان الثمن الذي ستدفعه بيئته الحاضنة سيكون باهظا وغير مسبوق، بحيث لن يعود داخل هذه البيئة نتيجة التهجير وحجم الدمار، من يهتف «لبيك نصرالله»، خصوصا في ظل غياب المساعدات العربية لإعادة إعمار ما تهدم على غرار حرب يوليو 2006، وبالتالي انهيار الركيزة التي تعطي الحزب على فرض مشيئته وهيمنته على الدولة اللبنانية، وتحديد خياراتها وسياساتها الداخلية والخارجية، ما يعني من وجهة نظر طبارة، ان ما يشهده الجنوب من قصف صاروخي ومدفعي حينا، وإطلاق مسيرات انتحارية أحيانا، لن يتجاوز عتبة المناوشات او السجالات العسكرية بتعبير أدق، هذا إضافة الى انه لا مصلحة لإسرائيل بتوسيع رقعة الحرب وتكبدها بالتالي المزيد من الكلفة المالية والعسكرية.
وعن رؤيته لكيفية انتهاء هذه الحرب، لفت طبارة الى ان إسرائيل تكبدت خسارة معنوية غير مسبوقة، فالرأي العام اليهودي في العالم بأسره، لم يتمكن حتى الساعة من تقبل الفكرة بان حفنة من الحمساويين استطاعوا التوغل داخل 12 مستعمرة، وخطف وقتل ما يناهز الألف بين مستوطن وسائح.