كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزيّة”:
ليست اسرائيل وحدها من يقرر فتح المعركة على مصراعيها مع حزب الله وتاليا مع لبنان، تماما كما ليس حزب الله من يتخذ القرار بخرق قواعد الاشتباك في منطقة عمليات القرار 1701. فالكلمة والقرار في الحرب الشاملة للولايات المتحدة الاميركية، وفي ضوء قرارها تتحرك طهران وعبرها حزب الله.
مقارنة مع الايام الاولى من عملية طوفان الاقصى، تتجه التوترات عند الحدود الجنوبية في خط بياني تصاعدي، ولكن كماً لا نوعاً، اذ تبقى محصورة جغرافياً في المناطق الحدودية في الجانبين، ولم تطل حتى الساعة العمق الاستراتيجي للبلدين، في انتظار تظهّر ابعاد ما اذا كانت خطوة اسرائيل بإخلاء مستوطناتها على الحدود مع لبنان وسوريا مجرد اجراءات احترازية حماية لمواطنيها وتحسبا لعمل عدواني من الحزب، ام تحضيرا لعمل عسكري واسع النطاق. هذا ايضا يرتبط بالقرار الاميركي.
تبعا لذلك، تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية” ان واشنطن لا تبدو راهنا في وارد فتح ابواب جهنم على منطقة الشرق الاوسط وتعميد شعوبها بالدم والنار، بدليل آخر المواقف الصادرة عنها في شأن استقدام اسطولها العسكري الى المنطقة اذ اكدت ان هدفه الردع لا الاستفزاز، وما التهديد والوعيد الذي يطلقه الاسرائيليون وبعض من يناصرهم الا من باب التهويل لردع طهران عن الاقدام على اي خطوة غير محسوبة النتائج قد تجر بلدان المنطقة الى الحرب. الا ان ذلك ايضا دونه محاذير تدركها ايران ليس اقلها الثمن الباهظ والمصير الاسود الذي ستواجهه شعوب دول من تصنفهم في محورها، ومجازر غزة البربرية خير دليل.
وفي السياق، تشير المصادر الى رفض شعبي لاقحام لبنان ودول جوار اسرائيل في اتون المعركة مستشهدة بكلام قاله نائب جنوبي من خارج فلك “الثنائي الشيعي”، “اذ ان احدا من ابناء الجنوب لا يريد الحرب. حتى داخل جمهور البيئة الحاضنة المكتوية بلهيب الازمات الداخلية، ثمة رفض للتورط في المعارك ولسان حاله “لا مقومات لدينا للصمود”. وكما في البيئة الشيعية كذلك في مجمل بيئات النسيج اللبناني المُدين وحشية اسرائيل، عبارة واحدة “لا لجرنا الى الحرب”.
واقع يحمل الحزب على اعادة حساباته تكراراً وعدم الاقدام على اي دعسة ناقصة ينزلق معها لبنان الى كارثة لا مجال لتجاوزها، وهو ذاته يُحتّم غياب امينه العام السيد حسن نصرالله عن المشهد السياسي والاعلامي، وقد حاول رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد يوم السبت الاشارة الى هذا الغياب وبعث رسالة اطمئنان الى جمهور الحزب بالقول “المقاومة حاضرة وجاهزة وصفعها للعدو مدو حتى ولو لم يتكلم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والفعل الذي يمضي في الأرض في مواجهة العدو، يكفي أن هذا العدو لا يزال مترددا خوفا مما نستبطنه نحن من موقف في لبنان، وعلى جبهتنا هنا أو على جبهة أخرى…ما نفعله في لبنان هو حماية للبنان، ولا يجب أن يكون مبعث خوف أو قلق لدى أهلنا على الإطلاق، فنحن نحمي ساحتنا ونمنع العدو من أن يمارس جنونه وأن يعبث بكل الساحات.”
عن هذا الغياب، تكتفي اوساط سياسية قريبة من حارة حريك بالقول لـ”المركزية” ان غياب “السيّد” وتجنب الاطلالات الاعلامية هو جزء من ادارة المعركة. فالغياب يربك العدو. الا ان المصادر الدبلوماسية تشدد على ان خلفيات الغياب ترتبط بمأزومية الحزب وحشره في زاوية لا يعلم سبيل الخروج منها، وقد فقد وهج صورته كقائد ملأ صوته الدنيا بأنه يريد تحرير القدس ومحو اسرائيل من الوجود، فإن لم يفعل اليوم ولم يشارك فمتى يفعل؟ عملية الاقصى” هي الاقسى على الاطلاق وقد سددت ضربة موجعة لاسرائيل والشعوب العربية من مصر الى الجزائر والاردن ولبنان تنادي نصرالله للانتصار لغزة.