كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
منذ معركة «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول الجاري انشدّت قلوب أهل الشمال إلى فلسطين وما يجري في قطاع غزة من أحداث. تعاطُف الشماليين مع شعب «الكوفية» ليس جديداً؛ فلطالما كانت القضية الفلسطينية مبعثاً على الثورة وحب روح القتال ضدّ إسرائيل المحتلة للأرض. منذ اللحظة الأولى للآلام الفلسطينية في الأربعينيات إلى حرب أكتوبر في السبعينيات وحتى يومنا، كان الشمال ولا يزال خزّان التعاطف مع القضية، والكلّ يتذكّر بطبيعة الحال (أبو عربي) ابن التبانة ومقاومته إلى جانب حركة «فتح» وغيره من الشماليين الذين انخرطوا في القتال في ما عرف بالمقاومة الوطنية في تلك المرحلة.
اليوم لم يختلف مشهد التعاطف والحماسة لنصرة غزّة ولو اختلفت الأزمنة والأجيال. ثمّة كثر يعبّرون عن دعمهم فلسطين وغّزة، لكنّ مشهد الدعم يتوزّع بين وقفات التضامن والإعتصام وبين حملات التبرّع لدعم غزّة. عدد من هذه الحملات والأنشطة تنظّمها «الجماعة الإسلامية»، التي استعادت حضورها السياسي والشعبي في المناطق الشمالية، ساعدها في ذلك غياب «تيار المستقبل» عن الساحة وتراجع دوره الداخلي، ولو أنّ مسؤولي «الجماعة» لا يؤيدون ذلك. وفي هذا التوقيت تعلن الجماعة تنظيمها المسلّح تحت مسمى «قوات الفجر». رأى فيه البعض أنه رجع صدى لـ»حزب الله» لإضفاء الشرعية السنّية على حربه ضدّ إسرائيل في هذا الظرف الصعب، والبعض يتساءل: أين كانوا يتدرّبون؟ ومن أين جاؤوا بالعناصر القتالية؟ لطالما اعتمدت الأحزاب والتيارات السياسية السنّية على الشباب من مناطق الشمال في نشاطاتها وتنظيم صفوفها، فهل لهذه المناطق اليوم حضورها ضمن «قوات الفجر»؟
يقول نائب رئيس المكتب السياسي لـ»الجماعة الإسلامية» في لبنان بسام حمود في هذا السياق لـ»نداء الوطن»: «إنّ «قوات الفجر» موجودة قبل ولادة «تيار المستقبل»، فهي انطلقت في مواجهة العدو الصهيوني بعد الاجتياح عام 1982، واستمرّت حتى التحرير عام 2000، وشاركت في الكثير من العمليات ضدّ مواقع العدو في الجنوب اللبناني، كما شاركت في التصدّي للعدوان عام 2006، وبما أنّه جهاز مقاوم فدوره يبرز في التصدّي للعدوان بعيداً عن أي استثمار سياسي».
وتفاعلاً مع ما يحدث في غزّة، أعلنت مجموعات شبابية عدّة في مناطق الشمال، (عكار، المنية، طرابلس والضنية)، عن رغبتها في المشاركة في قتال إسرائيل انطلاقاً من الحدود الجنوبية، فهل تلقّفت «قوات الفجر» هذه المجموعات؟ وهل لديها عناصر من الشمال؟
يتابع حمود في هذا الصدد: «إن «قوات الفجر» هي «الجناح المقاوم لـ»الجماعة الإسلامية» في لبنان، وبهذا المعنى فكل أبناء الجماعة من المحافظات الخمس معنيون بكل أجهزة الجماعة كلٌ حسب اختصاصه». ويضيف: «قوات الفجر» تمتلك كل الإمكانات اللوجستية التي تمكّنها من مواجهة العدو، وهي ستكون حيث يدعو الواجب». ويشدّد على أنّ ما تقوم به «قوات الفجر» لا يورّط لبنان ولا يجرّه إلى الحرب، لأننا نقوم بواجبنا في التصدّي للعدو، وهذا واجب كل مواطن لبناني شريف يُعتدى على أرضه ويُقتل شعبه، فضلاً عن إحتلال جزء من أرضه». ويرى أنه «من الطبيعي في ظل تعدّد قوى المقاومة أن يكون هنالك تنسيق وتعاون بين كل العاملين في ساحة المعركة، وتحديداً «حزب الله»، تجنّباً لأي خللٍ في الميدان، من دون أن يعني ذلك أننا ضمن أي محورٍ من المحاور».