تقرير ماريلين عتيّق:
يقاوم لبنان للبقاء خارج دائرة الصراع الحاصل في المنطقة وتحديدًا على الجبهة الفلسطينية – الإسرائيلية، في حين أن الوضع لا ينذر بالخير ويبدو أن الأمور تتجه نحو مسار تصاعدي مع ارتفاع حدة التوتر في الجنوب. هذه الأحداث المتسارعة شكلت لدى المواطنين الذين يعانون ما يكفي من أزمات، حالة من الهلع والخوف، دفعت بهم إلى التهافت أمام الصيدليات لشراء الأدوية وتخزينها تحسّبًا لأي طارئ في الأيام القليلة المقبلة، خصوصًا وأنهم فقدوا الثقة بنظام لبنان الصحي المثقل أساسًا بالأعباء. ويبقى السؤال الأهم: هل ينقطع الدواء في حال الحرب والحصار؟
في حديث لموقع IMLebanon، أفادت رئيسة نقابة مصانع الأدوية في لبنان كارول أبي كرم، بأنه “منذ بداية الأزمة الاقتصادية حتى يومنا هذا، زاد الطلب على الأدوية المصنعة محليًّا، والتي لا تنقطع من الأسواق اللبنانية”.
وكشفت عن أنه “في لبنان حوالى 12 مصنعًا، ونملك تقريبًا 1300 نوع دواء، وكلها معدة للأمراض الأساسية والمزمنة مثل أدوية الضغط، السكري، القلب، تجلط الدم، الالتهابات، المسالك البولية، وبعض أدوية السرطان والمضادات الحيوية، بالإضافة إلى الأمصال التي تغطي مئة في المئة من حاجة السوق، فلبنان لا يستوردها”.
كما أعلنت أنه “قبل الأزمة، كانت الصناعة المحلية تشكل 11 إلى 13% من حجم الاستهلاك الإجمالي، أما اليوم فقد وصلت النسبة إلى حوالى الـ50%، ما يبيّن بوضوح أنها تغطي عجز الاستيراد وتؤمن حاجة المواطنين على كل الأراضي اللبنانية”، مشددة على أن “الأدوية المصنعة محليًّا أظهرت فعاليتها بفضل جودتها العالية، وقد اكتسبت ثقة الأطباء والصيادلة”.
وردًّا على سؤال حول ما إذا كان مخزون الدواء المحلي يكفي في حال الحرب، لفتت أبي كرم إلى أن “المخزون يختلف من مصنع إلى آخر ومن دواء إلى آخر، ولكن بحسب دراسة قمنا بها في المصانع، تبين أن المخزون المتوسطي للأدوية الجاهزة يكفي بين 4 و5 أشهر، أما مخزون المواد الأولية فيكفي من 5 إلى 6 أشهر”.
وقالت لـIMLebanon: “شكلنا خلية إدارة أزمة، ونعمل على شراء المواد الأساسية التي ستغطي حاجة المصانع أقله لسنة”، مشيرة إلى أن “التخزين بدأ من جانب المواطنين والصيدليات، وبالتالي الاستهلاك سيزيد حتمًا”.
وأضافت في السياق: “نحن على تواصل مستمر مع طاقم وزارة الصحة الذي يعمل جاهدًا لخلق Data Base عن المخزون لإدارة الأزمة في حال وقع أي طارئ”.
إلى ذلك، طمأنت “أننا قادرون على استيراد الأدوية والمواد الأولية حتى ولو وقعت الحرب، مثلما فعلنا سابقًا في حرب تموز 2006 رغم القصف المستمر على بيروت وطرقات المصانع وخلال الأزمات الاقتصادية القاسية. لا شك أن الوضع لم يكن سهلًا ولكن لم ننقطع من الدواء، فقد استطعنا إدخاله عبر الجسور الجوية والبواخر ولو بكميات أقل”.
وجددت التأكيد أن “الأمصال متوفرة لدى المستشفيات لمدة تتراوح بين 2 إلى 3 أشهر، والمصانع تملك مخزونًا من الأمصال الجاهزة يكفي ما بين 5 و6 أشهر، كما أن المواد الأولية لصناعتها موجودة وتكفي لحوالى الـ7 أشهر. أما باقي المستلزمات مثل مواد غسل الكلى فهي بمعظمها مستوردة”.
وعن موضوع الرقابة، أشارت أبي كرم إلى أن “وزارة الصحة العامة تعمل على نظام الـ”MediTrack” الذي يتتبّع الدواء فور خروجه من المصنع ثم من الصيدلية وصولا إلى المواطن”.
وختمت حديثها قائلة: “لا داعي لتخزين الدواء وبالتالي حرمان الآخرين منه، فالدواء المحلي سيبقى متوفرًا وبمتناول الجميع، إذ اتفقنا مع وزارة الصحة منذ أكثر من سنة على تخفيض سعر بعض الأدوية بنسبة 40% والقسم الآخر بنسبة 48%”.
أما في ما يخص الأدوية المستوردة، فقد سبق لرئيس نقابة مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات في لبنان جوزيف غريّب، أن أكد في تصريح أن مخزون الأدوية المباعة في الصيدليات وأدوية الأمراض المزمنة، يكفي لبنان بين 3 و4 أشهر. وبالنسبة للأدوية المستعملة في المستشفيات Acute care، فمخزونها يكفي لفترة تتراوح بين الشهرين والـ4 أشهر.
لكنه شدد على أن مخزون أدوية الأمراض السرطانية أقلّ بقليل، والشركات المستوردة تتواصل مع المصنّعين في الخارج لتأمين الشحنات لزيادة المخزون بأسرع وقت.
إذًا وبحسب ما يؤكد المعنيون، فإن الدواء المحلي والمستورد مؤمن حتى في حال الحرب، ولا داعي للهلع والتخزين. ويبقى الرهان على وعي المواطن والتاجر كي لا يقع المحظور وينقطع الدواء، خصوصًا وأن القطاع الاستشفائي برمّته لا يملك مقومات الصمود للدخول في معترك الحروب.