كتبت رنى سعرتي في “نداء الوطن”:
موجة نزوح جديدة تتعرّض لها محافظة جبل لبنان. ولكن هذه المرّة ليس من قبل اللاجئين السوريين بل من اللبنانيين المقيمين في القرى والبلدات الجنوبية الحدودية وغير الحدودية، تحسّباً لتطور الاشتباكات الامنية على الحدود بين اسرائيل و»حزب الله»، ونتيجة تصاعد القلق من اندلاع حرب محتملة بين الطرفين قد تمتدّ الى مختلف المناطق الجنوبية وصولاً الى العاصمة وضواحيها.
تزداد وتيرة النزوح المحلي من القرى والبلدات الجنوبية الى مناطق جبلية تعتبر آمنة، في الدرجة الاولى. حيث تتجّه فئة معيّنة من الجنوبيين الى مناطق عاليه وبحمدون والجوار بالاضافة الى القرى الشوفية. وأفادت مصادر من تلك المناطق لـ»نداء الوطن» بأن الطلب والتهافت على ايجار الشقق السكنية في بحمدون وعاليه كبير، لدرجة انه لم يعد يوجد الكثير من الشقق الفارغة!
أما فئة أخرى من المقيمين في الجنوب، فتتجّه بدورها نحو مناطق تعتبر آمنة نوعاً ما في قضاء المتن، حيث أكد أحد المطوّرين العقاريين في منطقة المنصورية على سبيل المثال، انه يتلقى يومياً اتصالات عديدة من عائلات لبنانية مقيمة في قرى جنوبية تبحث عن شقق للايجار في قضاء المتن، بنيّة الانتقال مؤقتاً من الجنوب تحسّباً لاي اضطرابات أمنية قد تتفاقم على الحدود مع اسرائيل وتمتدّ الى القرى المجاورة. كذلك الامر بالنسبة لمناطق كسروانية وصل طلب ايجار الشقق اليها ايضاً، حيث أصبحت القدرة الشرائية للنازحين اللبنانيين هي التي تحدد وجهة سكنهم الجديدة بعيداً عن الاضطرابات الامنية.
موسى: الخيار حسب القدرة المالية
في هذا السياق، أكد نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان وليد موسى لـ»نداء الوطن» وجود حركة نزوح ملحوظة من المناطق الحدودية والجنوبية، شمالاً، موضحاً أن النزوح قد يكون للبعض الى وجهة تبعد 5 كم وللبعض الآخر 10 كم او الى مناطق أبعد بشكل كبير، وذلك تماشياً مع قدراتهم المادية.
وأشار الى أن بعض أصحاب الشقق السكنية المفروشة الموجودة في السوق، يوافق على تأجيرها للنازحين في حين أن البعض الآخر يرفض ذلك تخوّفاً من تطوّر الأوضاع الأمنية أو امتداد الفترة الزمنية للازمة، علماً أن هناك استغلالاً للحاجة في بعض الاحيان وزيادة غير مبررة ومبالغ فيها بأسعار الايجارات المطلوبة، لافتاً الى أن الاسعار تتضاعف بطبيعة الحال عندما تكون فترة الايجار قصيرة وموسمية على عكس الايجارات السنوية.
من الشوف إلى المتن وصولاً إلى كسروان
وكشف موسى أن النزوح بدأ على مراحل، انطلاقاً الى مناطق في الشوف ومن ثم الى أماكن الاصطياف في المتن وصولاً حالياً الى وجود طلب على الشقق السكنية للايجار في قضاء كسروان وتحديداً في جونية وجبيل والبترون، موضحاً أن ردّ فعل المناطق حول هذا النزوح تختلف بين منطقة وأخرى، حيث أن البعض منها اعتاد على حركة الايجارات الموسمية، في حين أن البعض الآخر يعتبرها تنطوي على مخاطر و»تشكل مصدر قلق له»!.
أما بالنسبة للاسعار، فأكد موسى أنها تعتمد على القدرة الشرائية للنازحين وعلى اختيار المناطق المقصودة، «إلا أن الاسعار لا تقلّ عن 500 دولار شهرياً بالحدّ الادنى».
ضرورة العقود الرسمية
في المقابل، حذّر موسى المالكين من اللجوء الى ايجار الشقق السكنية من دون إبرام عقود ايجار رسمية، وذلك تفادياً لأية مشاكل قد تحصل لاحقاً مع المستأجرين الموسميين في حال اندلاع الحرب أو تضرر أماكن سكن النازحين في الجنوب بشكل كامل، واضطرارهم للمكوث أكثر في الشقق المؤجّرة. وشدد على ضرورة أن تكون عقود الايجار واضحة لناحية تحديدها المدّة الزمنية للايجار (عقود موسمية)، حيث ان قانون الموجبات والعقود في الفقرة 2 من المادة 543 منه تمنح استثناءات في ما يتعلّق بالفترة الزمنية للايجار والتي يمكن ان تكون موسمية.
وفيما أشار موسى الى دقّة الوضع والمخاوف المرتبطة بغياب الدولة التام في موضوع دعم العائلات المتضررة من الاوضاع الامنية وفي موضوع أزمة المالكين والمستأجرين القدامى، لفت الى أنه يمكن للمالكين الاحتياط لضمان حقوقهم، من خلال تضمين عقود الايجار فقرة تنصّ على مضاعفة كلفة الايجار في حال قام الفريق الثاني بتمديد فترة اقامته لدى انتهاء مدّة العقد.
نسبة خجولة في بيروت
من جهته، أوضح رئيس نقابة أصحاب الشقق المفروشة السياحية في لبنان زياد اللبان أن نسبة إشغال الشقق من قبل النازحين من الجنوب حالياً، خجولة في بيروت.
وأكد لـ»نداء الوطن» أن واجبات ومسؤولية اصحاب الشقق المفروشة تفرض عليهم استقبال النازحين من الجنوب ومساندتهم في تلك الازمة، علماً ان هذا الموضوع هو من مسؤولية الدولة في تأمين رعاية ومسكن او مأوى لهم.
وأمل اللبان في ألا تتطور الاحداث الامنية، وألا يستدعي الامر أن تستضيف المؤسسات السياحية، أي الشقق المفروشة المرخصة من قبل وزارة السياحة، النازحين، لان تلك المؤسسات معنيّة بالايجار الموسمي لاغراض السياحة والترفيه ولا قدرة استيعابية لها على استضافة عائلة او أسرة بكامل افرادها، خصوصاً أن قدرتهم المادية لا تتحمّل تكبيدهم أعباء الكلفة التشغيلية المرتفعة التي يسددها أصحاب الشقق المفروشة السياحية.