Site icon IMLebanon

لبنان والمنطقة دون رئيس مسيحي.. إلى المجهول!

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

ثمة من يقول بأن المطلوب اليوم وفي خضم هذه اللحظة التاريخية التي تؤشر إلى تغيير أمم وخرائط شرق أوسطية الكثير الكثير من العقلانية والواقعية والإبتعاد عن الشعبوية والرهانات الخاطئة على غرار “لو كنت أعلم” عام 2006. والأهم من ذلك هو الذهاب نحو العمل الديبلوماسي لإبعاد لبنان عن مأساة حرب جديدة هيهات منها حرب تموز 2006.

لكن ما لا يفترض تجاهله وسط هذه التحولات الدراماتيكية في المنطقة ، أن لبنان الذي دفع ثمناً باهظاً نتيجة الصراع العربي-الإسرائيلي ولا يزال مع تحول أراضيه إلى منصات لإطلاق حزب الله والفصائل الفلسطينية الصواريخ، يعيش في دوامة الخوف من توسع رقعة الحرب في ظل الفراغ الرئاسي منذ عام تحديدا، وتجاوز كل النصوص المرجعية . وإذا ما استمر الوضع “، فلبنان ذاهب إلى المجهول وربما زوال فكرة وجوده” . والكلام ليس من باب التهويل أو الترهيب إنما واقع يجب تلقفه قبل فوات الأوان.

رئيس لقاء سيدة الجبل النائب السابق فارس سعيد يستند في كلامه لـ”المركزية” حول مسألة الخروقات التي تحصل في ظل الفراغ الرئاسي على الدستور الذي يتمايز به لبنان ” حيث يكاد يكون من البلدان القليلة – حتى لا نقول أنه الوحيد- الذي يملك دستورا ينظّم العلاقات اللبنانية -اللبنانية. وفي العام 1989 خرج لبنان من الحرب الأهلية بوثيقة الوفاق الوطني التي كلفتنا حوالى 120 ألف قتيل وأصبحت من النصوص المرجعية المسجلة لدى الأمم المتحدة. زد على ذلك الإهتمام الدولي المتمثل بإصدار قرارات الشرعية الدولية 1559 و1680و1701″.

يضيف سعيد “عام 1989 تم إدخال إصلاحات على الدستور الذي أقر عام 1926 ارتضينا بها كمسيحيين ومسلمين هذا إلى جانب النصوص المرجعية، إلا أن الخروج عنها في لحظة عاطفية أو سياسية، أو في لحظة إرباك في المنطقة هو جريمة بحق لبنان. وبقدر ما يجب أن نكون متمسكين بقضايا الحق وعلى رأسها قضية فلسطين، بقدر ما يجب أن نكون متمسكين بقضية لبنان التي جاءت بعد معاناة منذ العام 1920 حتى اليوم وتمكناّ على أثرها من بناء فكرة لبنان”.

رب قائل أن الكلام عن الدستور والنصوص المرجعية اليوم خارج عن المألوف. لكن المقاربة التي ينطلق منها سعيد تؤكد على حتمية العودة والتمسك به لا سيما في مرحلة الفراغ الرئاسي “منذ عام ولبنان يعيش في ظل فراغ رئاسي. وخلال هذه المدة حصلت أحداث داخلية عديدة وحدث خارجي هائل تمثل بحرب غزة. واللافت ان الأفرقاء الداخليين تعاملوا مع الأحداث الداخلية كما الخارجية على قاعدة خرق الدستور”. إلا أن الخرق الأبرز والأهم بحسب سعيد يتمثل بإعادة استخدام لبنان كمنصة لإطلاق صواريخ في حين أن الدستور واضح في مسألة تولي الجيش اللبناني الدفاع عن لبنان…”.

لا تجزئة، لا تقسيم، ولا توطين. هذا ما ورد مجتمعا في جملة واحدة في وثيقة الطائف ” إلا أن الخروج عنه أدى إلى الجنوح نحو الكلام عن الفيدرالية” يتابع سعيد” أيضا هناك القرار 1701 الذي كلف اللبنانيين 3500 شهيد و7 مليار دولار كلفة ترميم الأضرار. ولكن أهميته تكمن في أنه للمرة الأولى منذ العام 1978 هناك قراردولي ينص على أن يدخل الجيش اللبناني إلى الليطاني ويتولى ضبط الأمن مع قوات اليونيفيل. إلا أن هذا القرار الذي كان يشكل حزام الأمان تم نسفه بمعية حزب الله وبغض النظر من الجيش اللبناني واليونيفيل وبالتالي فإن الخروج عن هذه النصوص سيؤدي إلتى إفساد الشراكة الوطنية والإفساح أمام الدعوات إلى الفيدرالية تارة، وإنشاء دولة إسلامية تارة أخرى. هذا عدا عن التخوين وتصنيف الناس بين عميل ووطني. والحقيقة أن لبنان لا يركب بهذه الطريقة .لقد عشنا حرب الإغتيالات والسيارات المفخخة قبل سوانا، وقاتلنا بعضنا البعض كمجموعات وطوائف ولم نتعلم. وعليه لم يعد بالإمكان أمام كل حدث إجرامي على غرار ما تفعله إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الذهاب إلى مشاريع ما دون لبنانية للخروج عن الدستور والقفز فوق النصوص المرجعية ”

وبكثير من الريبة يقول سعيد “لبنان الذي نعرف لن يعود موجودا مع انفراط عقد ضمانة الدستور وهنا الخطورة لأن في حالات مماثلة يصبح البحث عن رديف ضرورة، والأقرب بطبيعة الحال هو الفريق الأقوى الذي يملك السلاح”.

يبقى السيناريو “الواقعي” والأخطر وبه يختم سعيد:” وكأن البلد بدأ يتعود على فكرة العيش والسير قدما من دون مسيحي على رأس السلطة. وكذلك الحال بما يخص المنطقة التي تعجز أن تتنفس من دون وجود اليهودي والمسلم، لكنها تعتاد على فكرة العيش من دون المسيحي. وهنا يأتي دور الكنيسة والأحزاب فإذا لم يبادروا بإعطاء حلول، وإذا ما استمر التفلت من أحزمة الأمان الممثلة بالدستور والنصوص المرجعية فنحن ذاهبون إلى المجهول”.