Site icon IMLebanon

جبهة الجنوب تشغل الدبلوماسيين: بمَ يفكّر “الحزب”؟

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:

منذ بدأت الحرب الإسرائيلية على غزة لم تتوقف مراسلات الدول إلى الحكومة اللبنانية للضغط على «حزب الله» وضمان عدم تدخّله نصرة للفلسطينيين. حركة دبلوماسية ناشطة، تتضمّن نصائح أقرب إلى التحذير تصل في أحيان كثيرة إلى مستوى التهديد من أنّ دخول «الحزب» الحرب بشكل يفوق المواجهات التي تجري جنوباً، سيعرّض البلد لحرب قاسية.

وخلال لقائها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، طالبت السفيرة الأميركية دورثي شيا الحكومة بإسداء النصح لـ»حزب الله» ومنع تدخّله في الحرب عبر جبهة الجنوب. وتوجهت إليه بالقول: يجب أن تلزمه بعدم التصعيد، وأن يكون تحرّكه تحت مراقبة الحكومة وبالتنسيق معها. سفراء فرنسا وبريطانيا ودول عدة قالوها بصريح العبارة لرئيس الحكومة: عليكم التنبّه جيداً، ولا تدعوا «حزب الله» يشنّ حرباً على إسرائيل.

وخلال زيارته لبنان صارح وزير الخارجية الإيرانية حسين عبد اللهيان المسؤولين ممن التقاهم أنّ بلاده تلقت رسالتين من الأميركيين لعدم توسيع الحرب. أما لبنانياً فلم يتركوا قناة أو وسيلة إلا وأرسلوا عبرها إلى «حزب الله» متمنين عدم دخوله الحرب.

مقارنة بحرب تموز اختلف الموقف الأميركي حيال الاعتداءات الاسرائيلية، فأميركا التي كانت تدير المعارك دبلوماسياً وعسكرياً ضد «حزب الله» إلى جانب اسرائيل، تخوض راهناً تحركاً دبلوماسياً واسعاً وتستنفر علاقاتها وصداقاتها الإقليمية والدولية في سبيل إقناعه لئلا يوسّع دائرة المواجهات على امتداد الحدود جنوباً، وهي عمّمت على كل المقربين والأصدقاء تجنب استفزاز «حزب الله» أو مهاجمته فلا يكون مضطراً لدخول الحرب.

كل التنبيهات التي تتلقاها الحكومة عبر رئيسها أو وزير خارجيتها توضع في عهدة «الحزب» الذي يلاحظ التحول في الموقف الأميركي وحتى الفرنسي، ولو أنّ تقييمه للموقف الفرنسي سلبي للغاية لعدائيته التي سبقت الأميركيين بأشواط.

يؤكد مصدر وزاري أنه بات اليوم أقل تشاؤماً، مما كان عليه مع بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، والسبب «معرفتي بموقف الحزب والإيراني والأميركي». ويتحدث المصدر عن حوار تخوضه الحكومة مع «حزب الله» تراه ناجحاً، وتلمس منه تفهماً لواقع الوضع اللبناني وتعقيداته الاجتماعية والسياسية والإقتصادية وهو ما يقوّي موقف الحكومة ودبلوماسيتها ويعزّز حجتها أمام الدبلوماسيين المطالبين بعدم تدخل «حزب الله». ويقول: «اختلف موقف لبنان اليوم عما كان عليه بداية الحرب على غزة. كان موقفه ضعيفاً وسط خشية من ارتدادات حرب غزة على لبنان واضطرار «حزب» إلى لجم اعتداءات اسرائيل فتتوسع الحرب، لكنه تحول إلى موقف قوي بعدما انتقل من موقع المتلقي السلبي للتهديدات أو المهدَّد إلى موقع المهدِّد. إذ أبلغ لبنان دبلوماسيي الدول الكبرى الأساسية أنّ فتح الجبهة الجنوبية لن يقتصر على «حزب الله» وستدخلها أطراف أخرى حليفة له من العراق إلى اليمن إلى الجولان. وقد اقترح لبنان في بداية الحرب أن تطلب أميركا هدنة يلتزمها كل الأطراف كي يلتزمها «حزب الله»، معتبراً أنّ الكرة في الملعب الاسرائيلي الذي عليه عدم توسيع الحرب إلى لبنان، وبدل أن يطلب من لبنان عدم تدخّل «حزب الله» فلمَ لا يتم تهديد اسرائيل والطلب إليها وقف عدوانها.

يقول المصدر عينه: ليس من السهل اقناع الدبلوماسية الغربية بصوابية موقف لبنان، لكن الواضح أنّ التعامل بات مختلفاً، فلم يعد بإمكان أي سفير ايداع تحذيراته المسؤولين من دون أن يحمل جواباً لبنانياً رسمياً إزاء ما تشهده غزة والمنطقة ككل. عين الدبلوماسيين على جبهة الجنوب، والسؤال ذاته يتكرر يومياً تقريباً: بماذا يفكر «حزب الله»؟ ومتى سيدخل طرفاً مباشراً في الحرب الدائرة؟ تقارير وتخمينات وحبس أنفاس، ويبقى «حزب الله» الصامت الأكبر إلى أن يخرج أمينه العام مخاطباً العالم في إطلالة ستكون أقرب إلى إطلالات حرب تموز في المضمون.