نفى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في حديث الى وكالة “أخبار اليوم”، أن تكون القوات قد تخلت عن موقفها المبدئي برفض التشريع في ظل الشغور الرئاسي من خلال اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى تعديل سن التسريح من الخدمة العائد لرتبة عماد في الجيش الذي قدمه تكتل الجمهورية القوية الى مجلس النواب يوم امس، مشددا على ان موقفنا مبدئي بان المجلس النيابي هو راهنا هيئة ناخبة تجتمع فقط من اجل انتخاب رئيس الجمهورية، وبالتالي لا يجوز التشريع قبل انجاز الانتخابات الرئاسية.
وأضاف: “لكن الجلسة التي ندعو اليها ليست جلسة تشريعية بالمعنى التقليدي او العادي، بل لها علاقة بالامن القومي ومصير البلد والناس ككل، لافتا الى ان الشرق الاوسط على صفيح ساخن، ولبنان من اكثر النقاط المعرضة للمخاطر، وبالتالي في مرحلة على هذا المستوى من الخطورة هل يجوز ان نلعب “في وضعية الجيش” وهو من المؤسسات القليلة جدا التي ما زالت “واقفة على رجليها” وتقوم بمهامها.”
كما أكد جعجع اننا “ما زلنا عند نفس موقفنا المبدئي برفض التشريع قبل انجاز الانتخابات الرئاسية، لكن موضوع قيادة الجيش مسألة طارئة جدا ووجودية لها علاقة ايضا بمصير لبنان كدولة، ومن هذا المنطلق طرحنا عقد الجلسة.”
وأشار إلى ان تكتل الجمهورية القوية شارك الاسبوع الفائت في جلسة اعادة تكوين هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية وانتخاب رؤسائها، لان هذه الجلسة لها علاقة بانتظام عمل المؤسسات الدستورية، حيث يجب المحافظة على مجلس النواب، ولم يكن لتلك الجلسة علاقة بالتشريع بمفهومه التقليدي. ورأى ان المشكلة المتعلقة بقيادة الجيش مشابهة لكنها اكبر بكثير لانها تتعلق بالكيان والامن وتقتضي وجود الجيش كمؤسسة قائمة.
وتعليقا على السؤال الذي نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري وفيه: “لماذا استفاقت القوات الآن على التشريع بعدما رفضته سابقا ولماذا تطرح التمديد لقائد الجيش ولم تطرحه في حالة حاكم مصرف لبنان والمدير العام للامن العام”؟ شدد جعجع ان هذه المرحلة تفرض انقاذ لبنان بكل ما لهذه الكلمة من معنى. واضاف: القوات لم تستفق على التشريع بل ما زالت عند موقفها المبدئي، ولكن لبنان في خطر ويجب الحفاظ على المؤسسة العسكرية.
إلى ذلك، أوضح اننا “لا نطالب بالتمديد للعماد جوزاف عون لمدة سنة، لان الاخير “يخص القوات”، وليس لان طروحاته السياسية قريبة من طروحاتنا، كما انه ليس للعماد عون طروحات سياسية واذا كانت موجودة فهي في سياق منافس لنا في السياسة (فهو كان مقربا من التيار الوطني الحر). ولكن ما نقوم به اليوم هو نتيجة للخطر الداهم، فالقوات لا تدخل في الألاعيب.”
وأردف قائلا: “لم نطرح التمديد حين شغُرت مناصب اخرى، لان الجيش ليس ادارة كباقي الادارات، قائلا: مع احترامنا الكبير لكل الادارات التي ما زالت تعمل رغم الظرف الصعب، ولكن الجيش قيادة لا يمكن ان تدار من خلال تسيير الاعمال، فهو كناية عن مقاتلين يحملون السلاح او مجموعات مسلحة كبيرة، الامر الذي يحتاج الى قيادة فعلية اي الى قائد، لا سيما في الظرف الراهن. واضاف: حتى ولو دستوريا يمكن ان يحل مكان القائد الاعلى رتبة لكن هل الاخير يمكن ان يأمر الجيش او ان يقوده.”
واذ كرر ان الجيش يحتاج الى قيادة، قال: من هذا المنطلق لم نطرح التمديد لاي منصب آخر، لان الادارات الاخرى يمكن تسيير الاعمال فيها. وشدد على اننا اختبرنا العماد عون على مدى ست سنوات، ورأينا كيف يقود الجيش ويقود المؤسسة في احلك الظروف.
وردا على سؤال، اوضح جعجع ان القوات موجودة في الوسط السياسي، وحتى الرئيس بري ليس بعيدا عن التمديد للعماد عون، كما ان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي طرح خلال جلسة لمجلس الوزراء التمديد للعماد عون لكنه لم ينجح. ونُقل الينا ايضا ان موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ليس بعيدا عن التمديد الى جانب تعيين رئيس للاركان.
هل يمكن دمج الاقتراح المقدم من “الجمهورية القوية” مع اقتراحات اخرى تصب في نفس السياق منها المقدم من اللقاء الديموقراطي للتمديد، وعندها هل يشارك التكتل في الجلسة؟ اجاب جعجع: لكل حادث حديث، لا اريد ان ادخل في افتراضات معينة، لان القوات لا تريد جلسة تشريعية بالمفهوم التقليدي والعادي بل جلسة يكون الهدف منها حصرا انقاذ الجيش.
وحول امكانية أن تكون القوات قد وفّرت الغطاء المسيحي للتمديد لقائد الجيش، وبالتالي “وجهت صفعة” لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، قال جعجع: ليس هذا هدفنا اطلاقا، بكل صراحة من خلال هذا الاقتراح لم نأخذ في الاعتبار توجيه صفعة لاحد او فعل خير مع آخر، بل اخذنا بالاعتبار فقط الوضع السائد في لبنان، فمنذ خمس سنوات ولغاية اليوم يمر البلد بالعديد من المشاكل الاقتصادية والمالية والسياسية، لكن لم تتدهور الامور اكثر ولم تحصل خضات لان الجيش موجود، فكيف بالحري راهنا بعدما اندلعت حرب غزة مع كل تداعياتها وتفرعاتها.. هذا ما دفعنا الى التحرك دون تسجيل نقاط سياسية او الحصول على مكاسب سياسية… نريد ان نستمر بالحد الادنى من الهدوء من خلال وجود جيش يحافظ على الامن.
وعما اذا كان اقرار التمديد يقرّب العماد جوزاف عون من كرسي بعبدا او يبعده؟ اكتفى جعجع بالقول: لا أعرف، ولم نجري الحسابات من هذه الزاوية، بل اننا في القوات اللبنانية وتكتل الجمهورية القوية قاربنا الموضوع من زاوية عدم ترك الجيش يهتز في ظل الظروف الصعبة السائدة، دون اي حسابات اخرى.