كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
أسرع من المتوقع، جاء رد رئيس مجلس النواب نبيه بري على اقتراح تكتل “الجمهورية القوية” التمديد لرتبة عماد سنة. سرعة عكست حسماً لجهة رفض التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون وطَي هذه الصفحة الى غير رجعة. القرار اتخذه حكما حليفه حزب الله وابلغه لمن يعنيهم الامر، “لا تضيّعوا وقتكم، لا تمديد، حُسِمت”.
قد يكون قرار الحزب بإزاحة قائد الجيش العماد جوزف عون من المشهد العسكري اللبناني، وتاليا السياسي، مع انعدام امكانية انتخابه رئيسا بعد 10 كانون الثاني 2024، نابعا من خلفيات الدعم الاميركي للقائد بما يؤمن من مقومات صمود وقوة للمؤسسة العسكرية لا تناسب الحزب، فإن اصبح جيشا قويا استرتيجيا وعسكريا يمتلك مقومات المواجهة على اعلى مستوى، ينتفي دور المقاومة ومبررات بقائها التي يتغذى منها الحزب ويستثمر كل ما تيّسر لتوظيفها في الاتجاه هذا، على ما بدأ يفعل في حرب غزة والمناوشات الحدودية، متخذاً دور حامي المدنيين في لبنان والمدافع عنهم وعن سيادة الوطن. وقد يكون القرار ايضا مسايرة لحليفه مع وقف التنفيذ، التيار الوطني الحر رافع لواء “لا للتمديد لجوزف عون مهما كلّف الامر”، وثمة احتمال أخر لا يسقط من الحسابات في دوائر القرار لدى الحزب يتمثل في عدم رغبته بملء الشواغر في المؤسسة العسكرية وابقائها مشرّعة على الفراغ ، حتى اذا ما دقّت الساعة واكتملت العناصر يطبق على قرار الدولة الامني، بعدما اطبق على كل ما عداه في الدولة المنهارة، ويعلن لبنان مقاطعة ايرانية، على ما تعتقد اوساط معارضة.
ايا تكن دواعي القرار ومسبباته، الثابت الوحيد ان التمديد للقائد عون لم يعد واردا، بحسب ما تقول مصادر في التيار الوطني الحر لـ”المركزية”، رسالة بري واضحة وكافية لمن لا يزال يشكك، ولا قدرة لأي طرف سياسي على التمديد. مجلس الوزراء عاجز عن الاقدام، ولو رغب الرئيس نجيب ميقاتي، ما دام وزير الدفاع المنوطة به القضية قانونا ليس في وارد المبادرة الى اتخاذ اي خطوة في الاتجاه هذا، وقد تبين ان الفتاوى القانونية التي جرى ويجري العمل عليها كمثل اتخاذ قرار بالاجماع في مجلس الوزراء باعتباره السلطة الاعلى راهنا قابلة للطعن من جانب الوزير موريس سليم وحظوظ قبول نقض القرار مرتفعة جدا. اما التمديد بقرار في المجلس، فأوصد ابوابه الرئيس نبيه بري مباشرة بعد الاقتراح القواتي، ليس على خلفية “تكبير راس” مع الجمهورية القوية لاشتراطها حصر الجلسة المطلوب عقدها لاقرار التمديد ببند وحيد فحسب، بل لأن الامر قُضي والقرار اتُخذ.
القرار اياه، تؤكد مصادر رفيعة المستوى لـ “المركزية” بات أمرا واقعا ولا تمديد لقائد الجيش بأي طريقة. لا في البرلمان ولا في الحكومة، ولا تحت الضغط الامني. فصلٌ طوي لا عودة اليه، بيد ان ذلك لا يعني اننا ذاهبون الى الفوضى تستدرك المصادر، فالتفكير جارٍ والبحث قائم عن طرق عملانية تمنع الفراغ في قيادة الجيش ، وحتى 10 كانون الثاني لا بدّ سيتوافر الحل المنشود.
إن سقطَ خيار التمديد للقائد، ولم يتم انتخاب رئيس جمهورية حتى موعد احالته الى التقاعد، وإن اخفقت الجهود والمساعي التي يتولاها في شكل خاص الحزب التقدمي الاشتراكي على جبهتي الصديق نبيه بري وحليفه حزب الله لمنع تفريغ المؤسسة العسكرية من قيادتها واقتراح التمديد ربطاً بموعد انتخاب رئيس، سترسو السفينة على بر تعيين رئيس اركان يحظى برضى المختارة، كأهون الشرور الممكن ان تقي البلاد شرّ الانزلاق امنيا الى المجهول والمصير الاسود.