كتبت كارول سلّوم في “اللواء”:
تحوَّل مرور عام على الشغور الرئاسي إلى حدث عادي، وسط انشغالات لبنان والمحيط بتطورات غزة والجنوب. ربما كان مقدرا ان يمر هذا العام من دون أي مستجد يتصل بهذا الإستحقاق وربما عكست المعطيات المتصلة به من انعدام التفاهم النتيجة السلبية له. ومع بروز حدث غزة, من الطبيعي أن يصبح هذا الملف مغيبا، ومن المتوقع أن يبقى على هذا النحو لفترة طالما ان المنطقة تغلي.
بين ٣٠ تشرين الأول ٢٠٢٢ و٣٠ تشرين الاول ٢٠٢٣, بقي الفراغ مسيطرا ولم تفلح المساعي المحلية من حوار وأخرى فردية في انهائه ،وكذلك الأمر بالنسبة إلى المبادرات الخارجية إلا أن جمد المسعى القطري والذي في الأصل كان في بداياته، أما جلسات الإنتخاب التي ظهرت الانقسامات والتباينات النيابية فكانت اشبه بجلسات فولكلورية وانتهت دائما بالإخفاق. كان لزاماً على رئيس مجلس النواب نبيه بري أن يعلق الدعوة للتخفيف من الأجواء التي رافقت هذه الجلسات في حين أن مناشدته بالحوار الداخلي اصطدمت برفض كتل نيابية بارزة.
وبقاء البلد من دون رئيس للبلاد حتَّم على حكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي أن تقوم بالمهام الأساسية وهي أيضا طالتها السهام وقاطعها وزراء التيار فيما اليوم تتعاظم أمامها التحديات بفعل بقاء الوضع على حاله, وتبقى حدودها تصريف الأعمال إلا أنها مطالبة بالقيام بمسؤولياتها ولعل هذه المسؤوليات ستزداد في ظل غياب رئيس للبلاد, وهناك استحقاقات قد يستدعي حسمها لكن الحكومة لن تكون قادرة على ذلك إلا إذا دعمتها فتاوى دستورية أو شواهد تاريخية. وهي في الأصل محور اختبار متواصل.
والاستفسار في الوقت الراهن عن مصير الانتخابات الرئاسية لن يكون في محله, إنما إلى متى. في اعتقاد أوساط سياسية قبل جلاء المشهد في غزة والجنوب لن يتم تحريك ملف الرئاسة وتقولـ«اللواء» أن التعويل على الاتصالات الخارجية ولى، فكل التركيز منصب على الوضع في غزة ومتابعة ما تؤول إليه الأمور وحتى إذا اتخذ قرار دولي كبير بوقف العدوان وهذا رهن الوساطات التي يتولاها أكثر من طرف فإن ما بعد عملية طوفان الأقصى هناك مراجعات ستتم، وهذا يستغرق وقتا فضلا عن أن ما من شيء محسوم، وفي الأصل ما من أحد في إمكانه رسم الوقائع الجديدة أو المتغيرات المقبلة, وعندها قد يكون أفق الشغور مفتوحاً, معلنة أن ما من نية لأي حراك جديد فيه بإستثناء بضعة مواقف لأن الكل يعلم أن أوانه لم يحن .
وتعتبر هذه الأوساط أن المسؤولين في الداخل يتجنبون الخوض في أي تفصيل يتصل بهذا الملف، وأن موضوع الحرب الموسعة اضحى عنوانا يفرض نفسه باستمرار حتى أنه تحول إلى مادة نقاش انطلاقا من نقطتين اساسيتين وهما الخشية من ادخال لبنان إلى الحرب ومعالجة الشغور في قيادة الجيش قبل حلول موعد إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد، وتشير إلى أن بعض القيادات فاتح المعنيين بالملف الرئاسي بالعمل على تزخيمه شيئا فشيئا من خلال مسعى محلي ينطلق من ادخال مرشحين جدد على نادي الترشيحات التقليدية كما كانت تدعو المبادرة القطرية على أن هذه القيادات أُسديت لها نصائح بعدم المحاولة لأن حزب الله منشغل بجبهة الجنوب ولن تقدم حركة امل على التفرُّد بأي خطوة في حين أن المعارضة تبدو أكثر ليونة، إلا أن معركتها المقبلة هي التمديد للعماد عون من خلال اقتراح قانون لكتلة الجمهورية القوية في ظل مخاوف أمنية، وهنا تردد أن موضوع تعيين رئيس الأركان في الجيش والمرشح هو العميد حسان عودة ينتظر الضوء الأخضر ولا مانع للرئيس ميقاتي في إدراجه بعد تعيين المجلس العسكري وما من مانع في أن يمر تعيين رئيس هيئة الأركان منفردا من دون تعيين مدير عام الإدارة والمفتش العام.
وتؤكد أنه يمكن فصل تعيينات المجلس العسكري اما اذا كانت ستدرج قريبا, فذلك متوقف على الاتصالات السياسية والتخريجة الملائمة لاسيما ان لكل فريق مطالبه على أن ما من عوائق أخرى وقد تبت, في حين أن التمديد لقائد الجيش دونه عقبات ولاسيما أن الفيتو مرفوع من قبل تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر، وتفيد جهات ثانية أن وزير الدفاع ملزم أخذ رأي قائد الجيش في رفع أسماء تعيين رئيس الأركان «درزي» وعضو المجلس العسكري «كاثوليكي» كونهما مرؤوسين مباشرين للقائد، على أن المصادر تقول أن كل شيء ينتظر كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم وما تحمله معها من معطيات.
لم يُصرف الإهتمام عن الملف الرئاسي فحسب بل عن ملفات أخرى قد تعود لتتصدر الإهتمام في الوقت المناسب أو تتضاءل المتابعة وفقا للأحوال.