IMLebanon

إستهداف سيارة إسعاف… مؤشر خطر

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

هجر أهالي الناقورة واللبونة وطير حرفا منازلهم، دفعت بهم الاعتداءات للنزوح نحو صور وبيروت، بالكاد تجد ماراً في الطريق، ومع ذلك واظب “يوسف” على صيد السمك في بحر الناقورة، رمى بصنارته ووقف ينتظر طويلاً، فيما طائرات التجسس الإسرائيلي تحلق في الأجواء، تعبّر كلمته عن رأيه “لا شيء يخيفنا”، يمضي ساعات يصطاد، لأنه يرفض “الانزواء بعيداً كالجبناء، سأبقى أصطاد كلّما سنحت لي الفرصة”.

ليس “يوسف” وحده من قرّر ممارسة هواية الصيد في بحر الناقورة، بل “أبو علي” أيضاً، يراقب حركة البحر، عادة ما يرى الزوارق الإسرائيلية تقترب، غير أنّه يشير “منذ أيام لم تنفّذ غارات بحرية قرب الطفّافات، تحديداً منذ تعرّضها للقصف”.

إعتاد “أبو علي” المجيء كل أحد إلى بحر الناقورة للصيد، يأتي من القليلة، “لأنّ بحر صور نقيّ وغنيّ بالأسماك”، لا يخفي أنّ الاعتداءات الأخيرة انعكست على حركة الصيد أيضاً، يشير إلى أنّ الشاطئ حيث يقف عادة ما يكتظ بالصيادين، من يحضر قلّة، ليس خوفاً، إنما حيطة وحذراً، “فالإسرائيلي غدّار”.

على طول طريق الناقورة تسيّر قوات الطوارئ الدولية دورياتها المعتادة، في حين خلت الطرقات من المارة، تبدو المنطقة أشبه بمنطقة عسكرية، وعكس الاعتداء الصباحي على سيارتي إسعاف تابعة لـ”الرسالة الإسلامية” وجرح أربعة عناصر شللاً إضافياً، عدّه الجميع بداية تطوّر مخيف.

عند مدخل الناقورة ـ اللبونة، وحدها دورية للجيش اللبناني تعبر، على بعد أمتار قليلة تجلس مجموعة من الشبان في مقهى، قد يكون الوحيد الذي يعمل في البلدة، يردّدون “الأمور تتطور”، وكأنهم يجزمون بأنّ التصعيد بات قاب قوسين، يرون في استهداف سيارة إسعاف بداية لتنفيذ سيناريو غزة، وهو ما يقلقهم، يؤكد “فراس” وهو أحد شبان الناقورة أن نسبة لافتة من أهالي البلدة هجرتها، “لا عتب عليهم، فالخوف لا دين له”.

في الطريق نحو طير حرفا وحده صوت الـMK يرافقك، فيما تتوالى أخبار الاعتداءات على القرى، وسط تزايد عمليات “حزب الله”، ما زال من بقي في البلدة مصدوماً من استهداف طاقم الاسعاف، باعتقادهم أنّ ما حصل تطور خطر في أحجار شطرنج المعركة. تواجه البلدة أزمة مياه بعدما توقفت أبارها عن الضخ، مضافة إلى الأزمة الأمنية، من الصعب العثور على أحد، من بقي فضّل البقاء في المنازل، خصوصاً بعد التصعيد الصباحي، في وقت عملت سيارات الصليب الأحمر اللبناني على سحب الجرحى الأربعة من إسعاف “الرسالة” ونقلوا إلى المستشفى اللبناني الإيطالي في صور.

في المستشفى التي غصّت بالوافدين، يؤكد طبيب العناية الفائقة محمد مصطفى أنّ إصابات الجرحى طفيفة، لكنه يرى أن ما جرى تطور خطر،”كانوا في طريقهم لسحب جرحى فتم استهدافهم”.

في غرفة الطوارئ يتجمهر الشبان، وفي إحدى الغرف يرقد المسعف وسام رحال، أصيب في يديه وفخذه، يروي لـ”نداء الوطن” ما حصل معهم فيقول إنهم كانوا في طريقهم لإجلاء جرحى، “توجهت سيارتا إسعاف إلى طير حرفا، وقبل أن نصل تمّ استهداف السيارة الأولى، وبينما كنت أحاول إسعاف أحد الجرحى في السيارة الثانية استهدفنا مرّة ثانية”، مؤكداً أنه رغم كل الاعتداءات سيبقى يعمل في خدمة أهله.

ما حصل عدّه القائد المسعف عبد رحال “اعتداء مباشراً علينا، و”جزءاً من سياسة الموت البطيء التي تمارسها اسرائيل ضدنا”. يقول عبد وقد أصيب في وركه “لم يتم استهدافنا بشكل مباشر، غير أنهم عملوا على إعاقة تقدّمنا لسحب الجرحى الذين كنا في طريقنا نحوهم”.

لأكثر من ساعة حوصرت فرق الاسعاف قبل أن تتمكن فرق الصليب الأحمر اللبناني بالتعاون مع قوات “اليونيفيل” من سحبهم على ما قاله رحال، وأضاف: “عجزنا حتى عن الوصول الى هواتفنا للاتصال بفرق الإسعاف بسبب طائرات التجسس التي كانت تحلّق فوقنا، وهو يقع ضمن مبدأ القتل البطيء”.