جاء في “نداء الوطن”:
بعد غياب طويل نسبياً عن لبنان، عاد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ليتصدر المشهد الداخلي، وتحديداً من باب تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون. وأتى الموقف الحاسم الذي أعلنه الراعي في عظة الأحد، ليضع حداً لمحاولة قادها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل وجاراه فيها رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية لتعطيل التمديد.
ولإبعاد موقف البطريرك عن الشخصنة، حرص رئيس الكنيسة المارونية على إبلاغ العماد عون في أثناء لقائهما أمس على أبعاد موقفه من مسألة الفراغ. وعلمت «نداء الوطن»، أنّ البطريرك بعدما أعرب لضيفه عن إحترامه لشخصه، أثنى على «الأداء في المؤسسة العسكرية».
وناقش الراعي مع عون الوضع الأمني جنوباً، وملف النازحين والنشاط الذي يقوم به الجيش في هذا الإطار والإستمرار بضبط الأمن في الداخل. وأكد الراعي «دعمه المطلق لقائد الجيش، ورفضه أن يمتد الفراغ إلى منصبه، ورغبته في التمديد له وإستخدام كل الوسائل القانونية من أجل تحقيق هذا الهدف، وعدم مقايضة هذا الملف بملفات أخرى أياً يكن حجمها، إذ لا يجوز أن يمتد الفراغ إلى المؤسسة العسكرية، فيما المنطقة تعيش الحرب. كما أنّ الفراغ في قيادة الجيش بالنسبة إلى بكركي هو خط أحمر. وتم الإتفاق بين الراعي والعماد عون على إستمرار التواصل في المرحلة المقبلة».
في أي سياق أتى موقف البطريرك في عظته، وقد جاء فيها: «من المعيب حقاً أن نسمع كلاماً على إسقاط قائد الجيش في أدقّ مرحلة من حياة لبنان وأمنه واستقراره وتعامله مع الدول؟».
وفق المعلومات، موقف الراعي هو صدى للقاء البطريرك بباسيل عشية العظة، والذي لم يتردد في المجاهرة بموقفه الرافض التمديد لقائد الجيش، إذ قال: «إن وزراءنا ووزيري فرنجية يرفضون التمديد. وإذا ما تم تجاوزهم، فسيكون ذلك عملاً غير ميثاقي». وبدا موقف باسيل وكأنه يسعى الى إفقاد الطائفة المارونية المركز الثاني الأهم في الدولة، ألا وهو قيادة الجيش، بعدما فقدت منصب رئاسة الجمهورية منذ شغوره العام الماضي. وتفيد المعلومات أنّ الراعي أكد في عظته أن موقع قيادة الجيش يخصّ الموارنة تحديداً، وأنه في غياب رئيس الجمهورية، صارت بكركي هي المرجعية لتقرر في هذا الشأن. ويشير المتابعون الى أنّ الأنظار ستتجه الى رئيس مجلس النواب نبيه بري من أجل إقناع فرنجية كي يشارك وزيراه في جلسة الحكومة للتمديد، بعدما صار واضحاً أنّ التمديد منوط بمجلس الوزراء. ولفت هؤلاء الى أنّ ما سيسهل مهمة بري هو أن موافقة فرنجية مع باسيل في رفض التمديد، كان «متسرعاً ومجانياً لم تقابله تنازلات من باسيل لفرنجية رئاسياً».
وخلصت المصادر الى القول إنّ ما يعطي التمديد أهمية إضافية، هو أن قطر تربط المساعدات التي تقدمها للجيش حالياً بوجود جوزاف عون على رأس المؤسسة العسكرية. وهذه المساعدات تتمثل بـ 30 مليون دولار محروقات و100 دولار شهرياً لكل فرد في المؤسسة العسكرية.
ومن ملف التمديد لقائد الجيش، الى ملف الجنوب، الذي كان حاضراً في جولة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في عطلة نهاية الأسبوع المنصرم. وشملت الجولة لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الاردني عبدالله الثاني ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في العاصمة الأردنية.
ويقول المطلعون على الاتصالات الدولية والإقليمية، أنّ هناك مساعي لتكريس وقف إطلاق النار قبيل موعد القمة العربية، ولكن لم يعرف بعد ما إذا كانت هذه المساعي ستنتج هدنة إنسانية أم وقفاً شاملاً لإطلاق النار. ويشيرون إلى أنّ لبنان لا يزال ضمن خانة «التحييد الهش» الذي تقطعه المناوشات التي يشهدها الجنوب.
وربطاً بعبارة «التحييد الهش»، بدا أمس هذا التحييد أمام اختبار دقيق بعد قصف إسرائيلي أدى الى مقتل أربعة أفراد من عائلة واحدة، هم شقيقة الصحافي سمير أيوب، وأحفادها الثلاثة (14 و12 وعشرة أعوام). وأصيب الصحافي الذي كان يقود سيارته على طريق عيناتا –عيترون المحاذية لبنت جبيل في القطاع الأوسط. وكان أفراد من عائلة شقيقته يسيرون خلفه في سيارة أخرى.
وأدت جريمة مقتل أفراد من أسرة الصحافي ايوب الى موجة استنكار داخلية عارمة بينها مواقف لبري وميقاتي. وباشر وزير الخارجية عبدالله بو حبيب «تحضير شكوى جديدة عاجلة لمجلس الأمن»، ستقدم اليوم «رداً على جريمة اسرائيل في عيناتا في حق الأطفال الثلاثة والعائلة البريئة»، كما قال بو حبيب.
كما أصيب صباح أمس أربعة مسعفين في قصف إسرائيلي على سيارتي إسعاف.
وليلاً، أصدر «حزب الله» بياناً حول «الجريمة الوحشية البشعة»، معلناً «قصف مستعمرة كريات شمونة بعددٍ من صواريخ غراد (كاتيوشا)». وقال: «إنّ المقاومة الإسلامية تُؤكد أنها لن تتسامح أبداً بالمسّ والاعتداء على المدنيين، وسيكون ردّها حازماً وقوياً».
وعلى الجانب الإسرائيلي، أعلنت وسائل الإعلام «مقتل مدني إسرائيلي في هجوم صاروخي موجّه مضاد للدبابات أطلق من لبنان على منطقة بالقرب من بلدة كيبوتس يفتاح الشمالية»، يوم أمس الأحد.
كذلك انفجر مساءً صاروخ أطلق من لبنان على إسرائيل في كريات شمونة، أدى إلى «اشتعال النار في سيارة، ولم يبلّغ عن وقوع إصابات»، كما ذكرت هذه الوسائل.
ووسط هذا المشهد الجنوبي المأزوم ميدانياً، يطل الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله عند الثالثة عصر يوم السبت المقبل لمناسبة «يوم شهيد الحزب» التي يحييها سنوياً في مثل هذا اليوم. وفي انتظار الوقوف على مواقف نصرالله من تطورات الجبهة الجنوبية، تأتي اطلالته الجديدة بعد مرور أسبوع على الخطاب عصر الجمعة الماضي لتكريم ضحايا «الحزب» في المواجهة جنوباً المرتبطة بحرب غزة.