كتب يوسف فارس في “المركزية”:
في موازاة النشاط الدبلوماسي المتصاعد باتجاه لبنان والرامي الى الحؤول دون انجراره الى الحرب الاسرائيلية المفتوحة على غزة، بقي الداخل اللبناني في حال من الجمود السياسي المسيطر عليه منذ مدة. وبدا ان نوبة الحراك التي ضربت الواقع السياسي في الايام الاخيرة قد عبرت الأجواء من دون أن تترك أي أثر، حيث عادت بعدها كل الاطراف الى التموضع في دائرة الخلاف حول الاولويات والملفات الداخلية من غير أن تتمكن من توجيه البوصلة نحو حلحلة الضروري والملح من تلك الملفات، خصوصا في ما يتصل بالملف الرئاسي الذي ما زال مربوطا بالعقد ذاتها التي تحول دون انتخاب رئيس للجمهورية.
وكذلك في ما يتعلق بتأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزف عون وتعيين رئيس للاركان حيث بيّنت مقاربة هذه المسألة في الفترة الأخيرة انها باتت شديدة التعقيد، الامر الذي يتطلب المزيد من المشاورات باتجاه صياغة واحد من مخرجين اما تعيين قائد جديد للجيش في مجلس الوزراء ورئيس للاركان او تأخير تسريح القائد بناء على اقتراح قانون يقره مجلس النواب .
النائب التغييري ملحم خلف يأسف لمرور سنة على الشغور الرئاسي ويقول لـ”المركزية”: عام مضى على فراغ الضمير الوطني وعدم تحمل المسؤولية. استهتار بالقيود الدستورية واستبدالها بعناوين التوافق التي بدورها لم تثمر حتى اليوم. للاسف في جلسة اللجان النيابية المشتركة الاسبوع الماضي حضر قرابة التسعين نائبا لمناقشة خطة الطوارئ الحكومية دعوناهم الى تحويلها لجلسة انتخابية والاتصال برئيس المجلس النيابي نبيه بري لترؤسها في حال القبول. كالعادة القرار لم يكن بأيدي النواب هو ملك رؤساء الكتل الرافضين ملء الشغور الا بتعليمات وتوصيات للاسف خارجية. هناك استهتار بالشعب اللبناني بدليل انه على اهمية الموضوع لم يبق داخل المجلس حتى أنتهاء الجلسة سوى 11نائبا و4 وزراء من 12 حضروا للمناقشة.
ويتابع: الامور في البلاد تدار بعبثية ومن غير تحسس الفرقاء للخطر الداهم على الابواب نتيجة حرب الابادة الاسرائيلية على غزة والشعب الفلسطيني. المنطقة بأسرها أمام خطر شديد. هناك تخوف من رسم شرق اوسط جديد على ما تتطلع اليه اسرائيل التي بنيت على ركيزتين واقنعت العالم بهما. الاولى انها الضحية الدائمة. والثانية انها البلد الآمن ليهود العالم والذي لا يقهر. هذه الاسطورة سقطت اليوم. مع ذلك شرها لا يؤمن له. ضروري تحصين الساحة اللبنانية باعادة تكوين المؤسسات بدءا من الرئاسة الاولى وصولا الى ملء الشواغر العسكرية الخاضع موضوعها للتقاسم من قبل المنظومة. النزاعات العسكرية والاقتصادية تلف العالم بدءا من الحرب الروسية – الاوكرانية ومن خلالها النزاع مع اميركا واوروبا ومن ثم النزاع الاميركي – الصيني وبينهما النزاع بين الدول الغنية والنامية وأخيرا وليس آخرا الصراع المذهبي السني- الشيعي. ولبنان في غياب تام عما يجري حوله وفي العالم.