Site icon IMLebanon

“جبهة الجنوب” وشقيقاتها… إلى متى؟

كتب أحمد الأيوبي في “الجمهورية”:

لم يقدِّم الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله جواباً شافياً حول قراره بشأن الحرب والسلم في الصراع الدائر في قطاع غزة بين الإحتلال الإسرائيلي و»حركة المقاومة الإسلامية- حماس» رغم أنّه كان واضحاً بعدم الذهاب إلى مواجهة مفتوحة يدرك صعوبة احتمال نتائجها وتداعياتها، لكنّه في الوقت نفسه ذهب إلى تمديد حالة المشاغلة على الحدود الجنوبية إلى أجَلٍ غير مسمّى وأعلن إدخال مجموعات جديدة إلى جبهة الجنوب قريباً، في إشارة إلى طبيعة المرحلة الآتية التي يبدو أنّها ستكون عبارة عن مشاغلة طويلة ضمن قواعد الاشتباك تحظى برعاية إيرانية – أميركية تجري ترتيباتها في أروقة المفاوضات الدائرة بين مسقط والدوحة والقاهرة.

قدّم نصرالله سلسلة تبريراتٍ لتخفيف خيبة أمل معسكر المحور الإيراني من العجز البارز عن تطبيق شعار «وحدة الساحات» ونجدة حماس في ذروة عمليات السحق الإسرائيلية لها وللشعب الفلسطيني في قطاع غزة، إلى درجة اضطرار أغلب قيادات «حماس» في بيروت للغياب عن السمع بعد كلمته مباشرة، نظراً لحجم الإحراج الذي لاقته مع اندلاع موجات غير مسبوقة على وسائل التواصل الاجتماعي تدين عدم القيام بخطوات كبيرة. ولم يفد القول إنّ «المقاومة الإسلامية في لبنان منذ 8 أكتوبر تقوم بمعركة حقيقية مختلفة عن كل المعارك التي خاضتها المقاومة في لبنان سواء في 2000 أو 2006».

هكذا أوقف نصرالله لبنان (وليس إسرائيل) على «رجلٍ ونصف» فلا هو أعلن انتهاء المواجهة ولا هو أنهى حالة الاستنزاف الدائرة على الحدود. ورغم زيادة كثافة النيران، إلاّ أنّ قواعد الاشتباك هي المتحكِّمة بمجرى الأحداث في الاشتباك المحسوب الدائر بين «الحزب» وبين جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهي الحالة التي أصبح واضحاً أنّها ستسود إلى أجَلٍ غير مسمّى وباتت مكرَّسة بتفاهم دولي يأخذ بالاعتبار ما يراه الأميركيون «حاجة «إسرائيل» لاستعادة التوازن وثقة شعبها، وحاجة إيران إلى حفظ ماء وجهها في الإقليم.

تؤكّد مصادر نيابية مطّلعة على مسار الاتصالات الدولية والإقليمية أنّ هذا التفاهم المرحليّ أصبح ساري المفعول، وجوهره توفير الانتصار للاحتلال الإسرائيلي وحفظ ماء الوجه لإيران لتبقى قادرة على التأثير في الملف الفلسطيني، وهذا يستلزم المزيد من الوقت للنضوج والتحقّق، وهذا الوقت سيدفعه أهل غزة بدمائهم ويدفعه أهل لبنان في الشريط الحدودي مباشرة، وجميع اللبنانيين بما تبقّى من استقرارهم واقتصادهم المُنهك المنهار. تشير المصادر إلى أّنّه بموجب هذا التفاهم لن يحصل الفلسطينيون في هذه المرحلة على وقفٍ لإطلاق النار وهذا ما يعلنه الأميركيون في كلّ مناسبة، وستواصل الميليشيات الإيرانية حركاتها الاستعراضية ضدّ القوات الأميركية في العراق وسوريا وسيكمل الحوثيون إطلاق صواريخ لا تصلح سوى للاعتداء على السعودية، من دون أن يقع للأميركيين خسائر تُذكر، وستكون جبهة الجنوب جزءاً من هذا المسرح الدموي غير المؤثر بمصير أهل غزة.

دخل أهلَ الشريط الحدودي في حالة حرب كاملة، وفي كلّ يوم تزداد فاتورة الخسائر البشرية ويرتفع منسوب التوتر حيث بدأت تخرج مؤشرات التململ من البيئة الدرزية التي ترفض أن تدخل «زنّار النار» الذي تتلظى به القرى السنية وقرى مسيحية، كما أنّ حركة «أمل» ترفض انطلاق أيّ أعمال عسكرية من القرى التي تغلب فيها سيطرتها الشعبية والسياسية والأمنية.

يسأل مراقبون متابعون للتطورات الداخلية والخارجية: لماذا تستمرّ عمليات المشاغلة إذا كانت لا توقف المجازر في غزة؟ فمستوى الإجرام الصهيوني في القطاع ارتفع بعد كلمة نصرالله، ولماذا على لبنان أن يدفع ثمن تفاهمات لا ينالُ البلد منها سوى التخريب والتدمير؟