كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
بدّد كلام أمين عام حزب الله هواجس البقاعيين وقلقهم المتزايد من الحرب، بعد أن كانت الاستعدادات قطعت شوطاً كبيراً بين صفوف المواطنين لجهة تأمين المونة والمواد الغذائية، ومسكن بديل بعيد عن الضربات الإسرائيلية إن حصلت، مع الأخذ في الاعتبار خارطة الأماكن التي استهدفت عام 2006.
عاش البقاعيون على مدى أسابيع، ومنذ بداية «طوفان الأقصى» وتحريك جبهة الجنوب اللبناني جوّاً من التوتر والقلق، خوفاً من تمدّد الاشتباكات وتوسّع رقعة الحرب لتطول مختلف المناطق اللبنانية، والعودة إلى ذكريات ومآسي حرب تموز، ما لبث أن خفّت حدّته مع ظهور السيد نصرالله يوم الجمعة، الذي أرسى ارتياحاً بعدم تمدّد الحرب خلال المرحلة المقبلة، مبقياً الأمر رهن التطوّرات وانزلاق العدو الإسرائيلي إلى معركة مفتوحة مع «الحزب»، الأمر الذي انعكس اطمئناناً بين صفوف الناس، الذين عكفوا على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، من دون إغفال اشتعال الحرب في أي لحظة.
تفاوتت الاستعدادات التي بدأها أهالي البقاع تحسّباً لاندلاع الحرب بين فئة وأخرى، حيث شهدت المحال التجارية خلال الفترة السابقة إقبالاً على شراء المواد الغذائية من حبوب ومعلبات وبعض الحاجيات، فيما ارتفع سعر كيس الطحين ثلاثة دولارات بعد توجّه المواطنين إلى شرائه وتخزينه تحسّباً لانقطاع الخبز، وسط الحديث عن عدم كفاية المخزون لأكثر من شهرين. إلى جانب المواد الغذائية والطحين عمل الكثيرون على اختيار منازل آمنة وتجهيزها بالأساسيات في حال تطوّرت الأحداث واضطروا إلى الانتقال فجأة، سواء إلى قراهم، أم بلدات ومناطق كانوا قد اشتروا فيها سابقاً أو لديهم فيها أصدقاء.
ورغم تلك الاستعدادات بقيت أنظار البقاعيين شاخصة إلى ما سيقوله السيد نصرالله، وتطمين البيئة الشعبية من عدم دخول الحرب نظراً للأوضاع التي يعيشها لبنان، خصوصاً مع دخول فصل الشتاء، حيث انتظر البعض ما ستؤول إليه الأوضاع ليبني عليها ويقوم بشراء مادة المازوت للتدفئة من عدمها.
بث الإطمئنان لا يمنع الناس من أن يبقوا على أهبة الإستعداد وفق ما يقول حسين لـ»نداء الوطن»، ويؤكد أنّ البقاع الذي كان ولا يزال خزان المقاومة يزيد التفافاً حول كلام السيد نصرالله، ويقدم أبناؤه ما يستطيعون نصرةً لغزة، ولأهالي الجنوب النازحين من قراهم وبلداتهم، وأنّ جواً من الارتياح تركه ضمن بيئة المقاومة بعدم وجود حرب أقله في المرحلة الراهنة، وهو الأمر الذي انعكس حياةً طبيعية وعودة الناس إلى أعمالهم بعيداً عن الترقب والانتظار لما ستؤول اليه الأحداث. وأضاف أنه بعيداً عن التحليلات والتأويلات للخطاب واذا ما كان عدم الظهور يشكل قلقاً متزايداً لإسرائيل، فإنّ جمهور المقاومة في البقاع يؤيد كل القرارات التي تتخذ، ولن يبخل أبناؤه في تقديم كل ما يملكون في سبيل فلسطين وأهلها.
وعلى الطرف الآخر يرى البعض أن الخطاب كان متوقعاً، وأن الناس لا يميلون إلى الحرب في ظل كل هذه الظروف، لكن ما يجري في غزة يستدعي تحرّكاً ينقذ الأطفال والنساء من جحيم الموت، وأن عدم ظهور السيد كان ليعطي نتيجة أكثر فعالية على الساحة الغزاوية. وبين وجهتي النظر، معارك على جبهة وسائل التواصل الاجتماعي بين بيئتين مختلفتين، طالت شظاياها بعض أصحاب المحتويات الذين ظهروا بصورة مع السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، وفيهم من أبناء الطائفة الشيعية، حيث كانت لهم مواقف معاكسة لجمهور المقاومة، وجّهوا فيها انتقادات إلى السيد نصرالله، الأمر الذي أشعل حرباً إلكترونية انتهت باعتذارهم على ما صدر منهم.